مرصد مينا
أدار مصطفى، وهو اقتصادي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، في السابق مجموعة الاتصالات الفلسطينية “بالتل” وكذلك صندوق الاستثمار الفلسطيني التابع للسلطة الفلسطينية بأصول تبلغ حوالي مليار دولار لتمويل مشروعات في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية. وعُيِّن قبل عشر سنوات للمساعدة في قيادة جهود إعادة الإعمار في غزة بعد حرب سابقة بين إسرائيل وحماس.
واستقال رئيس الوزراء، محمد اشتية، عضو حركة فتح التي يتزعمها عباس، في فبراير، لتمهيد الطريق لتشكيل حكومة وحدة وطنية. ورغم أن مصطفى قريب من عباس، فهو ليس عضوا في فتح مما قد يجعله أقل إثارة للجدل.
محمد مصطفى سيواجه مصطفى مهمة إدارية ودبلوماسية ضخمة بعد تحول مساحات كبيرة من غزة الآن إلى ركام ونزوح معظم سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة واحتياجهم إلى المساعدات. وتشهد الضفة الغربية أيضا أسوأ أعمال عنف منذ عقود.
بالإضافة إلى مهمة الإشراف على مساعدات دولية متوقعة بمليارات الدولارات، سيحتاج مصطفى إلى التأييد السياسي من حماس وأنصارها والتعاون من جانب إسرائيل التي تريد القضاء على الحركة.
ورحب البيت الأبيض في بيان، الخميس، بتعيين مصطفى رئيسا للوزراء في السلطة الفلسطيني، وأضافت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، أدريان واتسون، في البيان: “نحث على تشكيل مجلس وزراء إصلاحي بأسرع وقت ممكن، الولايات المتحدة ستتطلع إلى هذه الحكومة الجديدة من أجل الالتزام بالسياسات وتطبيق إصلاحات ذات مصداقية طويلة المدى”.
واختتمت بيانها بالتأكيد على أن “سلطة فلسطينية خاضعة لإصلاحات تعد أساسية من أجل توفير النتائج للشعب الفلسطيني وتأسيس ظروف الاستقرار في كل من الضفة الغربية وغزة”.
الولايات المتحدة دعت إلى إجراء إصلاحات جذرية في طريقة الإدارة داخل السلطة الفلسطينية. وتريد واشنطن أن تلعب السلطة الفلسطينية دورا قياديا في حكم القطاع بعد الحرب.
وقال مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في السابق إنهم ناشدوا عباس ضخ دماء جديدة، بما يشمل شخصيات من التكنوقراط ومتخصصين في الاقتصاد، إلى السلطة الفلسطينية بعد تجديدها للمساعدة في حكم غزة بعد الحرب. لكنهم قالوا إنهم لا يريدون أن يُنظَر إليهم على أنهم يمارسون الضغط من أجل الموافقة على أفراد بعينهم أو رفضهم، بحسب تقرير لرويترز.
كان الرئيس الفلسطيني قد عين مصطفى (69 عاما) رئيسا لصندوق الاستثمار الفلسطيني، في عام 2015. وعمل نائبا لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية من عام 2013 إلى عام 2014 في حكومة الوفاق الوطني التي شكلت بمشاركة حماس.
كما ترأس لجنة مكلفة بإعادة إعمار غزة بعد الحرب التي استمرت سبعة أسابيع وقتل فيها أكثر من 2100 فلسطيني، وكان رجل اقتصاد مستقل سياسيا.
وتشير سيرته الذاتية المنشورة على الموقع الإلكتروني لصندوق الاستثمار الفلسطيني إلى مشاركته في إطلاق العديد من الشركات الكبرى في الضفة الغربية والتي توزعت في مجالات الاتصالات والاستثمار العقاري والسياحي والتمويل الإسلامي وتوليد الطاقة.
ومصطفى عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة عباس والتي اعترفت بإسرائيل في بداية عملية السلام، عام 1993، على أمل إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، وهي الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.
ولد مصطفى في مدينة طولكرم بالضفة الغربية. وحصل على درجة الدكتوراة في إدارة الأعمال والاقتصاد من جامعة جورج واشنطن. وعمل في البنك الدولي في العاصمة واشنطن، لمدة 15 عاما. وكان مستشارا اقتصاديا لحكومة الكويت بشأن الإصلاح الاقتصادي، ومستشارا لصندوق الاستثمارات العامة في السعودية، وعمل أستاذا زائرا في جامعة جورج واشنطن.
مصطفى قال في كلمة ألقاها في دافوس، يوم 17 يناير الماضي، إن “الكارثة والأثر الإنساني” للحرب الآن أكبر بكثير مما كانت عليه قبل عشر سنوات. وصرح، في يناير، بأن إعادة بناء المنازل وحدها ستحتاج إلى 15 مليار دولار.
وذكر أنه سيواصل التركيز على الجهود الإنسانية على المدى القصير والمتوسط، معربا عن أمله في فتح حدود غزة وعقد مؤتمر لإعادة الإعمار.
وردا على سؤال عن الدور المستقبلي الذي يتوقعه لحماس، قال مصطفى أيضا إن “أفضل طريق للمضي قدما هو أن تكون العملية شاملة قدر الإمكان”، مضيفا أنه يود أن يتّحد الفلسطينيون حول أجندة منظمة التحرير الفلسطينية.
من جهته قال أستاذ العلوم السياسية والاقتصاد عبد المجيد سويلم إن تعيين محمد مصطفى “هو نوع من التحصين الذي أراده الرئيس في مواجهة تحديات وطنية من اليمين الإسرائيلي الذي يستهدف كل ما هو فلسطيني”. وأضاف “إنها محاولة لإعادة بناء الذات الوطنية … وإغلاق بعض الثغرات في السلطة الفلسطينية. فالرئيس محاصر ويتعرض لضغوط” من إسرائيل وواشنطن، مشيرا إلى أن مصطفى يُعتبَر “مقبولا من الأميركيين بصفته يتبع نهجا ليبراليا”.
ويأتي تعيين مصطفى فيما يجري البحث بشأن ما قد يحصل “في اليوم التالي” بعد انتهاء الحرب في غزة والجهة التي ستتولى إدارة القطاع فيما تعلن حكومة إسرائيل عن نيتها الحفاظ على السيطرة الأمنية فيه، وتؤكد رفضها قيام دولة فلسطينية رغم الضغوط الدولية.