fbpx
أخر الأخبار

مسلمو فرنسا، من “الغياب” إلى “الغيب”.. تلك هي المسألة

فرنسي من أصول مسلمة يقول للفايننشال تايمز “”لقد كان حلما عندما انتخب وتحول إلى كابوس”، مضيفاً “لا أعتقد أن لوبان ستكون أسوأ”.

والتقرير الذي نقل هذا الكلام، يتوقع أن يرمي المنتخب الفرنسي من أصول مسلمة بـ “ورقة بيضاء في صندوق الانتخابات”، أما عن الأسباب التي ستدفعه إلى هذا البياض فتعود إلى تلك القوانين الأمنية التي يشعر بأنها تستهدف المسلمين بشكل غير متناسب، وإلى وفشل ماكرون في العناية بالمناطق الفقيرة التي يعيش العديد من المهاجرين وذريتهم.

مرارة الرجل ناجمة “عن تحول ماكرون المحافظ وتركيزه على الأمن بين مسلمي فرنسا الذين يبلغ عددهم حوالي 6 ملايين نسمة والذين كانوا يميلون إلى التصويت لمرشحين يساريين.

المتابعون للشأن الفرنسي قد يكشفون عن سبب تحول  69 في المئة من مسلمي فرنسا إلى المرشح اليساري المتطرف جان لوك ميلانشون في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 10 أبريل/ نيسان، بينما انخفض دعم ماكرون بين الناخبين المسلمين 10 نقاط بالمقارنة مع عام 2017، وهذا ما أكدته المؤسسة الفرنسية للرأي العام، وقد جاء على لسان جيروم فوركيه من المؤسسة الفرنسية للرأي العام أن ميلانشون الذي يدعم الهجرة ومجتمع متعدد الثقافات، “يبدو الخيار الحقيقي الوحيد للمسلمين لأنهم لم يعودوا يثقون في ماكرون”.

فوركيه كان قد قال “بعد الحملة التي سيطر عليها اليمين المتطرف، وبخاصة الوافد الجديد إريك زمور الذي وضع صدام الحضارات مع الإسلام في صدارة جدول الأعمال، سعى المسلمون للدفاع عن أنفسهم وحماية أنفسهم بأصواتهم”.

وهكذا فإن قضايا الإسلام والهجرة والهوية سيطرت على النقاش العام في فرنسا بعد سلسلة من الهجمات الإرهابية…في السنوات الأخيرة، حيث تكافح البلاد من أجل التوفيق بين جمهوريتها العلمانية القوية التي بنت نفسها ضد الكنيسة الكاثوليكية القوية مع صعود الإسلام ومجتمع أكثر تنوعا.

في عام 2017 صوّر ماكرون الذي صعد إلى الصدارة كوزير للاقتصاد في عهد الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند، نفسه على أنه بطل لفرنسا متعددة الثقافات، معلناً أن مدينة مرسيليا العربية والأفريقية هي المفضلة لديه. وأعرب عن شكوكه بشأن القوانين الأمنية التي طبقتها حكومته في أعقاب الهجمات الإرهابية.

ولكن ماحدث أنه بمجرد انتخابه، ركز ماكرون على معالجة ما وصف بـ”تهديد الإرهاب الإسلامي”. وكانت إحدى خطواته الأولى هي توسيع سلطات الشرطة والمراقبة كجزء من تشريع مكافحة الإرهاب الذي حذرت مجموعات الحرية المدنية منه من المخاطرة بوصم السكان المسلمين الأوسع.

سيضاف هذا إلى استصدار قانون آخر مصمم لمحاربة (الانفصالية) في الأماكن الواقعة تحت تأثير المتطرفين الإسلاميين، وهو ما منح الدولة المزيد من السلطات لإغلاق المساجد وتعقب الجماعات الدينية.

على السطح، تعوم التجاذبات والحوارات بين النخبة الفرنسية حول “الحجاب” و “اللحم الحلال”، و”الارهاب”، أما مايختفي تحت السطح، فقد يكون ماقالته امرأة فرنسية من أصول جزائرية في حديث إلى الفايننشال تايمز وماقالته إن ماكرون “فشل في معالجة قضايا الفقر والعزلة والتعليم التي تدفع الشباب إلى البحث عن معنى في الإسلام السياسي”.

وتقول إن “لوبان محقة في محنة الطبقة العاملة”، وأوضحت أنه “عادة يكون واضحا بالنسبة لي أن أحارب اليمين المتطرف، ولكن هذه المرة تقول لوبان أيضا بعض الأشياء الصحيحة حول كيفية معاناة العمال”.

المسألة، وقد باتت من المسائل البارزة في الحياة الفرنسية، ليست حجابًا، ولا إسلامًا متطرفًا، إنها مسألة الهوامش، و “الجيتو”، ففيها تنمو ملامح التطرف، وفيها يستعين الغائب عن شراكة الحياة بـ “الغيب”، ليتولد التطرف، وهي الصيغة التي لم تعانيها فرنسا بمفردها، بل حتى ضمن المجتمعات والدول المسلمة فالترطف لم يكن سوى واحد من منتجات الهواش.. هوامش المدن كما هوامش الأرياف، وبالوسع العودة إلى مزارع التطرف التي شهدتها سوريا او الجزائر أو حتى تونس ، البلد الذي أسسه الحبيب بورقيبة على العلمانية وفصل الدين عن الدولة وفصل المرأة عن الحجاب، فكانت واحدة من الدول التي أصدرت التطرف الإسلامي وفي الأعداد الهائلة من التوانسة الذين التحقوا بتنظيم “القاعدة” مثالاً صارخًا عن علاقة الهوامش والفقر والتهميش بحركات الارهاب.

قراءة كهذه ستقود إلى استخلاص:

ـ تغييب الجمهور عن المشهد لابد ويدخله في الغيبوبة.. غيبوبة المخدرات، غيبوبة “الغيب”، وغيبوبة التطرف ومن ثم حضور الارهاب والسلاح.

يحدث هذا في فرنسا، كما يحدث في الصومال.

القصة فيما يخفيه الرماد، لا بما يحضر على سطح الحرائق.

أما عن مسلمي فرنسا، فقد تختصر الحكاية بـ

ـ من “الغياب” إلى “الغيب”.. تلك هي المسألة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى