مصر بين اكتشافات الغاز وقيادة منتدى الغاز الإقليمي.. تغيرات سوق الطاقة شرق المتوسط

مرصد مينا – هيئة التحرير

تعتبر قضية اكتشاف كميات ضخمة من الغاز وحقول الطاقة في شرق المتوسط، نقطة خلاف رئيسة ومحرك للصراعات في تلك المنطقة بين مختلف الدول المطلة على المناطق المتنازع حولها ضمن ترسيم الحدود البحرية وامتدادات الجرف القاري.

وتقدم تلك الاكتشافات وعود ازدهار ووفرة اقتصادية لتلك الدول في ظل أهمية الغاز المتصاعدة على مستوى أسواق الطاقة العالمية.. وهنا يبرز مؤخرًا اسم القاهرة في ظل صراع يتصاعد في شرق المتوسط عنوانه المرحلي، ثروات الغاز الكبرى هناك.. فهل تستطيع القاهرة حجز مقعدها الذي تناور حتى اللحظة لتحقيقه أم أن التنافس الإقليمي سيقود لمتجهات أخرى.. وماهي معززات القوة المصرية في سوق الغاز واكتشافاتها التي لو نجحت ستعزز قدرتها ومكانتها؟!

مصر تواصل الاكتشافات

قالت شركة “إيني” الإيطالية في الفترة الماضية، إنه جرى التوصل إلى كشف غاز جديد في منطقة النورس الكبرى في البحر الأبيض المتوسط في مصر.

الشركة، في بيانها أوضحت أن: “التقدير المبدئي لمخزون البئر يشير إلى أنه يمكن تقدير غاز منطقة النورس الكبرى بما يزيد عن أربع تريليونات قدم مكعبة”. “إيني” الإيطالية نفسها.. سبق وأكدت، في شهر يوليو تموز الماضي، نجاحها في حفر بئر استكشافي في منطقة شمال الحماد في البحر المتوسط “قبالة دلتا النيل المصرية” وأطلقت عليه اسم “بشروش”.

أما اكتشافها الجديد فبينت الشركة الإيطالية، عبر موقعها الإلكتروني، أنه يقع على عمق 22 مترًا من سطح المياه، وعلى بعد 11 كم من الساحل و12 كم شمال غربي حقل “نورس” و 1 كم غربًا من حقل بلطيم الجنوب الغربي، اللذين دخلا فعليًا في عملية الإنتاج.

البترول وإنتاج زيت الخام

في شهر حزيران يونيو الماضي.. أعلنت السلطات المصرية، عن اكتشاف بترولي جديد في منطقة “امتياز جسوم البحرية” جنوب خليج السويس في المياه الضحلة، بمعدل إنتاج أولي يصل إلى ألفي برميل يوميًا من الزيت الخام، إضافة إلى نحو 70 مليون برميل زيت خام قابل للاستخراج.

“طارق الملا” وزير البترول المصري، أكد خلال اجتماعه مع الجمعية العامة للشركة العامة للبترول في مصر؛ إن مصر حققت رقمًا قياسيًا يوميًا جديدًا في إنتاج الزيت الخام؛ للمرة الأولى منذ 63 عامًا.

تأكيدات رسمية جاءت بعد اكتشاف سبعة حقول جديدة خلال الفترة الماضية؛ حيث تمكنت الفرق الفنية من إنتاج 64.5 ألف برميل يوميًا. حيث شدد الوزير، في اجتماعه السابق مع الجمعية العامة، على أهمية استمرار تطوير الاعمال وزيادة عمليات الاستكشاف التي ستتيح لشركة البترول فرص إنتاجية أفضل، مبينًا أن عمليات التحسين المستقبلية ستساهم في تنمية حقول العمل؛ الأمر الذي سينتج عليه إدخال عدد من الآبار الجديدة على خطوط الإنتاج.

نقلات جديدة وشراكات

بينت شركة إيني الإيطالية عن كشف الغاز الجديد بمصر في منطقة نورس الكبرى” معتبرة إدأن هذا الكشف الجديد، الذي تحقق من خلال البئر الاستكشافي Nidoco NW-1، يقع على عمق 16 مترًا من المياه، و5 كيلومترات من الساحل و4 كيلومترات شمالًا من حقل نورس، الذي تم اكتشافه في يوليو 2015.

واحتوى البئر الاستكشافي نيدكو 1 رمالًا حاملة للغاز يبلغ سمكها الإجمالي 100 متر، منها 50 مترًا داخل رمال Pliocene لتكوينات كفر الشيخ و50 مترًا داخل الحجر الرملي العصر الميسيني لتكوينات أبو ماضي. حيث يتمتع كلا المستويين بخصائص بتروفيزيائية جيدة، في تكوينات منطقة “أبو ماضي”، تم تجاوز مستوى جديد، لم يتم مواجهته بعد في حقل نورس، مما يثبت الإمكانات العالية لمنطقة نورس الكبرى وتوسيع نطاق إمكانات الغاز إلى شمال الحقل.

إلى ذلك، ستبدأ إيني جنبًا إلى جنب مع شريكها “بريتش بتروليوم”، بالتنسيق مع قطاع البترول المصري في فحص خيارات التطوير لهذا الاكتشاف الجديد للاستفادة من أوجه التآزر مع البنى التحتية الحالية في المنطقة.. حيث يشير التقويم الأولي لنتائج البئر، أن غاز منطقة نورس الكبرى يمكن تقديره بما يزيد عن 4 تريليونات متر مكعب، حيث وفق توضحيات الشركة.

(شركة ” بي بي” البريطانية تمتلك حصة تبلغ 25 % من حصة المقاول في امتياز دلتا النيل، في حين تمتلك إيني حصة تبلغ 75 % من خلال شركتها الفرعية إيوك).

بدوره الرئيس الإقليمي، لبي بي شمال أفريقيا، كريم علاء، أعلن في تصريحاته الأخيرة : “إننا سعداء بالعمل مع شركائنا علي توفير المزيد من احتياطيات الغاز والإنتاج وضخه من خلال الشبكة الوطنية المصرية، هذا الاكتشاف يعزز الموارد الحالية والإمكانات المستقبلية لمنطقة النوروس الكبرى، الأمر الذي يؤكد على التزام بي بي تجاه توفير المزيد من مصادر الطاقة لمصر.”

منتدى رسمي إقليمي للغاز والمقر مصر

اتفق قبل أيام وزراء منتدى “غاز شرق المتوسط” على تحويل المنتدى إلى منظمة إقليمية مقرها القاهرة وفق ميثاق جديد (رسميًا منظمة حكومية بمنطقة البحر المتوسط).. حيث يضم المنتدى 7 دول (مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل وايطاليا وقبرص واليونان).

مراسم الميثاق الجديد جرت قبل أيام في العاصمة المصرية القاهرة، مع توقيع 6 وزراء بدول شرق المتوسط اتفاقية تحويل منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة إقليمية.

الخطوة كانت مفاجئة وبتوقيت حرج وصفها الخبراء بالمهمة والمدروسة لحماية ثروات أعضاء المنظمة ضد الرغبات التوسعية التركية في مناطق وحصص الثروات في شرق المتوسط والتي تشهد توترات متصاعدة هناك.. حيث تسعى المنظمة لإنشاء سوق إقليمية للغاز وترشيد تكلفة البنية التحتية وتقديم أسعار تنافسية. لذلك يشير الخبراء أن منظمة غاز شرق المتوسط أصبحت تتخذ إطارًا قانونيًا قويًا يُمكنها من لعب دور أوسع في إبرام تحالفات اقتصادية وسياسية للدفاع عن حقوق الدول الأعضاء. ما يعني أن دور المنظمة سيتسع في مناقشة قضايا الغاز الإقليمية والعالمية من حيث المشاركة في آليات العرض والطلب والتسعير والبنية التحتية وخطوط نقل الغاز.

رؤية مصرية

كان وزير البترول المصري طارق الملا، صرّح بعد التوقيع بـ : “أننا نستهدف من منظمة غاز شرق المتوسط الاستغلال الاقتصادي الأمثل للاحتياطيات الدولية من هذا المورد الحيوي باستخدام البنية التحتية في جميع الدول”.

ليتابع حينها: سنهتم في منظمة غاز شرق المتوسط بتعزيز التعاون وتنمية حوار سياسي منظم ومنهجي بشأن الغاز الطبيعي في المنطقة بالكامل، ودفع عجلة السلام الشامل في المنطقة. كما أكد الملا أن الولايات المتحدة الأمريكية أعربت عن رغبتها في المشاركة كمراقب بمنتدى غاز شرق المتوسط، وفرنسا ترغب في الانضمام كعضو فاعل (فرنسا حاليًا عضو مراقب).

تركيا.. الغائب الحاضر

يعتبر الخلاف والتنافس بين دول المنتدى وأنقرة، محركًا رئيسيًا في تحويله لمنظمة حكومة، تعزز تعاون أعضائه، وتضع حدًا للتوسع التركي والتحركات الصدامية في شرق المتوسط والتي اعتبرتها دول المنتدى استفزازية بشكل كبير من قبل أنقرة.. لا سيما أن اكتشاف ثروات هائلة من الغاز الطبيعي جعل من تلك الأحواض البحرية مثار تنافس وجدل

ليطلق منتدى غاز شرق المتوسط بشكله الرسمي، وتحويله إلى منظمة حكومية بمنطقة البحر المتوسط، أخيرًا، بدون أنقرة، جملة تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لاستبعاد أنقرة، وفيما إذا كانت أسبابًا تتعلق بالمواقف السياسية التركية في المنطقة فقط أم أن هناك أسباباً أخرى تقنية وفعلية تمنع انضمام الأتراك حاليًا أو لاحقًا..

Exit mobile version