مرصد مينا
الصدمة.. تلك هي كلمة السر التي أعادت لـ “إسرائيليين” ومن بينهم “معاريف” إلى الأسئلة، والأسئلة هنا لابد جوهرية تتصل بفعل “الوجود” الإسرائيلي برمته وعلى ضوء “حرب غزة”، من الأسئلة التي طرحتها “معاريف” على الجمهور والقيادات الإسرائيلية:
ـ هل اقتربنا من تصفية نهائية للتهديد من غزة؟
وهل لا ينقصنا لانهاء التهديد في هذه اللحظة إلا عملية رفح.. أحقاً؟
ـ هل ستختفي حماس بعد تفكيك كتائب رفح كما اختفت من شمال القطاع؟
هل يملك رئيس الأركان خطة عملية لإخفاء التهديد من غزة؟ هل يملك القوات، العتاد، الإسناد الدولي لتحقيق مثل هذا الهدف؟ وإذا تعذرت تصفية التهديد بشكل مطلق، فما الذي يمكن تحقيقه، وكيف يحول هذا الإنجاز إلى واقع مرض لبلدات الغلاف؟
ستأتي هذه الأسئلة ما بعد استدراج تاريخ إنشاء “دولة إسرائيل”، بل وعلى استدراج دماغ “بن غوريون” حصراً، فمفهوم الأمن الإسرائيلي حتى 6 أكتوبر 2023 كان يقوم على المبدأ الذي ثبته بن غوريون، وبموجبه لا يمكن أن تكون لإسرائيل معركة أخيرة، فإسرائيل أصغر من أن تفرض إنهاء النزاع على أعدائها بالقوة.
انطلاقاً من هذا الفهم، تطور نهج جولات الحرب، وبموجبه تحاول إسرائيل تأجيل الحروب قدر الإمكان، واستغلال الفترة الانتقالية كي تتعزز وتتطوع.
كل الحروب والحملات العسكرية لم تنجح في إحداث تغيير أساسي في وضع العداء ضدها، لقد نشأ تغيير أساسي في الوضع عقب اتفاقات السلام، ثم جاءت الهجمة المفاجئة في 7 أكتوبر، وسارع كثيرون لنسيان الحقيقة البسيطة التي عبر عنها بن غوريون.
ـ ماهي الحقيقة التي قال عنها بن غوريون؟
تجيب “معاريف”: “على حد قولهم، نبع الإخفاق الأمني من سماحنا لحماس بالتعاظم، وأننا لو صفينا السنوار لما تفاجأنا”. ثم تتابع “بزعمهم وقعنا في مفهوم مغلوط، في إدمان الهدوء، وفي ضعف عسكري ومدني”.
إذن ما الذي كان على إسرائيل فعله؟
كل ماعليها فعله كان يتصل بـ “لو”، فـ والكلام لمعاريف:
ـ لو خرجنا إلى المعركة الأخيرة على غزة قبل الأوان.
ـ لو كان ممكناً تصفية حماس قبل الأوان.
ومن بعد “لو”:
ـ كيف وصلت إسرائيل إذن إلى الوضع الحالي؟
إسرائيل حكمت قطاع غزة منذ 1967، وقبل وقت طويل من قيام حماس. غير أن “معاريف” ستعثر على أخطاء إسرائيل ودائماً بالاتكاء على “لو”، ومن بعده إحصاء الأخطاء ، ولعل الخطأ الأبرز وفق معاريف أن الخروج من غزة كان في فك الارتباط؟ لكن في واقع الأمر، حدثت قبله أيضاً قبل نار صواريخ القسام عمليات من غزة. ربما يكون اتفاق أوسلو مصدر الخطأ، وكان محظوراً إعطاء غزة لـ م.ت.ف. لكن في واقع الأمر، كان أوسلو رد على الانتفاضة الأولى التي تضمنت اضطرابات وإرهاباً في غزة. فلماذا لم ننجح في قمع الغزيين قبل ذلك؟
سيعودون لـ “بن غوريون”، فقد كان واضحاً لبن غوريون مع قيام الدولة، أن إسرائيل لا تستطيع فرض إنهاء النزاع بالقوة على أعدائها. ومثلما لم تنجح الحروب في ردع مصر إلى أن اختار السادات السلام، ومثلما لم تنجح في منع المقاومات وتطور منظمات معادية في لبنان، لم تنجح في تصفية المقاومات في الضفة وغزة.
إذن، ليس هناك ما يسمى “مرة واحدة وإلى الأبد”. ما كان واضحاً في 1950، نسي في 2024.
لكن حتى من نسي، يرى الوضع الحالي بعد نصف سنة من الحرب. رئيس الأركان ملزم بالإجابة عن الأسئلة السابقة.
ـ إنها أسئلة :”لو”، غير أنها وبلا شك لابد وتجدّد “لو” إياها، وفي الثقافة الإسلامية فإن “لو” تفعل فعل الشطان”.