معاريف تسأل الإسرائيليين:

وماذا تعرفون؟

اثنان مخصصان لـ “الأمن في إسرائيل، الأول هو وزير الدفاع يوآف غالنت ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ويكمل أحدهما الآخر، هذان وفق السياسات، تقنيان لايلعبان مع السياسيين، غير أن حال إسرائيل اليوم بات أقرب إلى حرب شوارع، وقد انتل الإسرائيليون  “فجأة من حملة سكاكين الأفراد إلى عمليات إطلاق النار، ومن هناك إلى زارعي العبوات الناسفة (الذكية)” وفق تعبير “معاريف” .

“معاريف” ستعدد العبوات الناسفة فقبل نحو نصف سنة قتل اثنان في القدس بعبوتين زرعهما فلسطيني من سكان شرقي المدينة. بعد نحو شهر صفي ثلاثة منفذين للعمليات قرب جنين، بما في ذلك العبوة التي كانت جزءاً من سلاحهم. وقبل أسبوعين اشتعلت عبوة في باص في “بيتار عيليت”. قبل نحو أسبوع تفجر مفجر فتاك في مفترق مجدو، وبدأت تهب رياح الحرب. خطط حربية امتشقت وكأنا بها… من يوم أو يومين؟ منفذ العملية جاء من لبنان؛ أي من “حزب الله”، أي من إيران، وشرع غالنت يجري تقييمات للوضع استمرت يوماً أو أكثر وألزمته بالبقاء في مكتبه في تل أبيب ويقر فرض تعتيم على الحدث.

“معاريف” تصف الحال بالقول “جاء من مكتب غالنت أن الوزير يكرس الليل بالنهار في محاولة للوصول إلى زارعي العبوة وأنه يجري تقويمات للوضع وأنه وجه تعليماته لمواصلة الجهود لضمان سير الحياة العادية لمواطني إسرائيل. غير أن نمط الحياة العادي انتهك بسبب ذاك التعتيم إياه الذي فرض عقب الفزع العادي لحكومة فاقدة للطريق.

ساد في الميدان النمط المعتاد: “الشاباك” والشرطة والجيش أداروا مطاردة حيدت زارع العبوة. وبالصدفة، جرى في ذاك اليوم تصويتات على الإصلاح. غالنت أعفى نفسه بالتقاطع مع شخص آخر، ولم يصوت على أمل أن يسير على الخط مع الجيش. لسنوات وهو يبني صورة المقاتل والاستراتيجي الذي يقود رفاقه – جيوشه إلى المعركة. أما الآن فيتظاهر أمام بيته مئات رجال الوحدات البحرية وخبراء المتفجرات (في الاحتياط) ويطالبونه بتسديد الدين الذي يلوح به. قائده السابق العميد ران غلينكا (غالنت كان نائبه) يوبخه على المستوى الشخصي. وبينما ضاق عليه الحال، أعد غالنت مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مناورة تمويه مكشوفة و”هدد” بالاعتزال إذا لم يتغير المخطط. لم يكن لنتنياهو حذاء يساري أو يميني إلا ولحسه غالنت كي يتلقى وزارة الدفاع، بما في ذلك صورة الانبطاح الجماعي (التي ستذكر إلى الأبد) قبل دخول نتنياهو إلى محاكمته.

لقد منحت الصورة غالنت الحق في أن يقول لشعب إسرائيل بصوت مسؤول عن نمط بيبي بعد الحدث في مجدو “المسؤول عن العملية سيندم على ذلك، وسنجد المكان والزمان المناسبين سنضرب به”.

هذه بالضبط هي سيرة نتنياهو عندما يكون الشارع، بما في ذلك سياسيو الشارع، يريدون أن يروا دماً، وجهاز الأمن يحتوي الحدث.

ران أدلست الذي كتب لـ “معاريف” يقول “لا أعرف كيف وجه غالنت الجيش. أعرف أنه احتوى الجيش حتى هذه اللحظة على الأقل، بما في ذلك الصواريخ المنطلقة من غزة كاستمرار للتصفية في جنين”.

يتساءل أدلست :”وماذا تعرفون؟”.

 “حزب الله” وحماس وإيران على حد سواء، بعد كل ضربة يتلقونها من إسرائيل، يطلقون الأصوات إياها. نجد المكان والزمان المناسبين وسنضرب الصهاينة. لا أعرف ما الذي حصل ليلة الحدث في مجدو عندما امتشقت خطط رد من أنواع مختلفة من الجواري، ووضعت على الطاولات ورفضت. واستمراراً لـ  (سنتحاسب لاحقاً) طاش تسريب لمصدر كبير واختفى بأن الحكومة فقدت الردع.

بينما يحافظ غالنت على هدوء صناعي داخل الجيش، ينقل بن غفير لعلاقاته مع قيادة الشرطة سلسلة القيادة المباشرة التي اتبعها في الشوارع مع صيصانه. فهو يوزع التهديدات والإغراءات في القيادة العليا ودفع المفتش العام ليأمر ألويته برفض توجهاته. في الأسبوع الماضي، عرض بن غفير منحة 25 ألف شيكل لكل متجند جديد للشرطة. ظاهراً مناورة مناسبة، عملياً سهم مرتد لغبي لا يفهم كيف يدار جهاز كبير.

أثار العرض موجة استياء بين أفراد الشرطة القدامى، فلمن وجهوا غضبهم؟ صحيح، للمفتش العام الذي وصل إلى القوات التي حافظت على النظام في القدس في وجه منفذي عمليات من الداخل (فتيان بن غفير) ومن الخارج (فلسطينيون). وبينما ترمي سياسة جهاز الأمن لتعزيز أبو مازن حيال حماس، ها هو بن غفير يخرب عليها بواسطة أمر الحظر على شركة من شرقي القدس تقدم خدمات إعلامية لقنوات السلطة التي تعمل من رام الله، وكأنه لا يوجد ألف سبيل آخر للوصول إلى كل مكان. (هكذا تصف معاريف الحال بلغة تحمل الكثير من الاحتجاج) لتتابع: “في الجانب العملياتي، يعمل بن غفير من خلف خطوط العدو والقضبان الحديدية بحملات أرغفة خبز وحمامات، وهو استراتيجي سيارات رش المواد العادمة والميكروفونات. أما في الجانب السياسي – الإعلامي فيهاجم المستشارة القانونية، ووسائل الإعلام، والمتظاهرين، ومحكمة العدل العليا، والمعارضة وكل من يعلق في طريقه، بما في ذلك غي بيلك في القناة 12. من جهته، يعتقد بيلك أن الحديث يدور عن صوص تهريجي، وهذا خطـأ ينبع من الإحباط وسوء الفهم لعملية تطبيع خطابه منفلت العقال”.

لبن غفير وفق معاريف، قاعدة نشطة من نحو خمسة مقاعد وأخرى في الطريق. معظمهم شبان متحمسون، بمن فيهم “شاس” والحريديم اللذين يتقاسم معهم مشاعر مشتركة: شرقية، أي مناهضة للأشكناز، وعنصرية، بمعنى مناهضة لعرب إسرائيل، وقومجية، بمعنى مناهضة للفلسطينيين، وذكورية، بمعنى ضد المساواة للنساء، وتزمت ديني على نمط حاخامي المستوطنين. من ناحيته، الكل كفار وخاصة “العرب”واليساريين.

هذه رزمة متفجرة تتجمع في رجل واحد وقدرة عمل كامنة لتفعيل جمهور منفلت العقال يرقص خلفه. فيه طموح بمستوى نار مشتعلة. وقبيل جولة الانتخابات التالية يلعبها الآن كمناهض للحكومة (لا يسمحون لي بتنفيذ ما اتفق عليه) – بينما هو داخل الحكومة وبينما هو يؤيد الثورة القضائية بـ”الكامل”.

السؤال الذي يطرحه  ران أدلست، وهو سؤال بالغ الخطورة:هو، وبلسانه :”إذا كان غالنت وقت الأزمة الدستورية سيساند رئيس الأركان الذي سيطيع القانون والمحكمة العليا؟ ليس واضحاً. عملياً، هو يساند الثورة النظامية مدخل الدكتاتورية، وأفترض أنه يتلعثم بشيء ما من هذا ومن ذاك تجاه الخارج. في هذه الأيام وعلى الأرض، يكمل كل من غالنت وبن غفير أحدهما الآخر. كلاهما في ضائقة وعود بيد قوية حيال جمهور جائع للفاعلية النشطة، وكلاهما يتقاسمان العمل فيما بينهما: بن غفير يشعل الأرض باستفزازات تجر الإرهاب. غالنت يهاجم الإرهاب بحملات تستوجب ضغطاً شرطياً على كل الملعب الفلسطيني، وكلاهما يعززان تواصل الإرهاب على نمط أحداث حوارة. سواء الفلسطيني أم الإسرائيلي.

كلام معاريف، يبدو كما لو أن إسرائيل على “كفّ النار”، كما لو أنها ستخرج من ملعبها إلى ملعب “العالم الثالث”، عالم الدكتاتوريات ومن ثم الاحتراب الأهلي.

كلام معاريف ينذر بـ “إسرائيل التي لم نعرفها.. إسرائيل المنهارة.. إسرائيل التي يمكن أن تغدو:

ـ وماذا تعرفون؟

Exit mobile version