مع انتشار الفقر في إيران ..حياة بذخ يعيشها الشباب النافذ في السلطة

أثارت حياة البذخ ورغد العيش التي يعيشها بعض الشباب النافذ بالسلطة في إيران بما في ذلك قضاؤهم إجازات باهظة الثمن، وإقامتهم حفلات مترفة، واقتناؤهم الثروات، واحتلالهم وظائف مجزية في الحكومة غضب الرأي العام في الأشهر الأخيرة.

وتقول صحيفة “وشنطن بوست” إن قطاع عريض من الشعب الإيراني بات يشعر بوطأة تأثير العقوبات الأميركية على اقتصاد البلاد، ورغم هذا فأن النخب الشابة التي ترتبط بعلاقات مع هرم السلطة في إيران، تتباهى بثروتها، لا سيما عبر صور وفيديوهات يتم عرضها عبر تطبيق “إنستغرام” الواسع الانتشار في إيران.

كما ويظهر هؤلاء الشباب في شوارع العاصمة الإيرانية، طهران، بأزياء صمّمها مصممون عالميون، وسيارات مبهرجة وعطلات في المنتجعات الفاخرة.

ووفق المصدر فأن هؤلاء الشباب يستطعون الحصول على وظائف حكومية مرموقة، ومنح دراسية راقية، والسفر بكل سهولة، مشيرة إلى أنه حتى حفيدة المرشد السابق للبلاد أية الله خميني، تم تصويرها، العام الماضي، في لندن وهي تحمل حقيبة يد نسائية تصل قيمتها الى (3800) دولار، وقلة من العائلات الإيرانية تستطيع أن تحصل على مثل هذا الترف في الوقت الذي ترتفع فيه تكاليف الحياة المعيشية، وتتضاءل فيه ما تحويه حافظات النقود.

هذا الأمر جعل الإيرانيون يتحدثون عن عدم المساواة، وثقافة المحسوبية التي يقولون إنها لصالح ما يسمى بـ”الأغازادات” أو أبناء النخب على حساب الشعب الإيراني الفقير.

الأغازادات

ظهرت في إيران، في التسعينات، عبارة “أغا زادة”، التي كانت تصف أصلاً الشباب ذوي النفوذ والتأثير، عندما بدأ أبناء النخبة “الثورية” في الصعود، مستخدمين روابطهم الأسرية.

وتقول نائبة مدير برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكينغز، سوزان مالوني، عن الجيل الأول من “الأغازادات” في كتابها “الاقتصاد السياسي الإيراني منذ الثورة” هؤلاء الشباب “استغلوا مواقعهم داخل التسلسل الهرمي، واستطاعوا الوصول إلى البيانات الداخلية ليستولوا على الثروة والمكانة الرفيعة”.

وفي عام 2017، أطلق محمد رضا عارف، ابن السياسي الإصلاحي البارز، عاصفة نارية بإعلانه أن نجاحه في الحياة كان نتيجة “جينات جيدة”، ما أفرز “هاشتاق” لايزال الإيرانيون يستخدمونه حتى الآن للاستهزاء بالطبقة العليا.

وفي شهر تشرين ثاني /نوفمبر الماضي، نشر رضا عارف والد محمد عارف تعليقاً على “تويتر” حث فيه الإيرانيين على العمل الجاد والتوحد في مواجهة العقوبات الأميركية المتجددة، ورد أحد المحامين الإيرانيين بالقول إن أول شيء يتعين على الإيرانيين فعله هو “التخلص من الجينات الجيدة”.

وبحسب الباحث في السياسة الإيرانية، رضا أكبري، من معهد تقارير الحرب والسلم، ومقره واشنطن، ولّدت الظروف الاقتصادية السيئة “استياءً استثنائياً من الفساد، والمحسوبية، وأفرزت (الأغازادات)، الذين يبدو أنهم محصّنون ضد حقائق البلاد المقلوبة”، وفق ما ذكرت الواشنطن بوست.

وفي حين أن أعضاء الطبقة الحاكمة في إيران حافظوا على أساليب حياتهم الفخمة في وقت من الأوقات، إلا أن الإيرانيين النخبة اليوم يفتخرون جهاراً نهاراً بثرواتهم على الإنترنت وفي وسائل الإعلام.

عيش رغيد لأبناء الدبلوماسيين

نجل أحد الدبلوماسيين الإيرانيين، واسمه ساشا سبحاني، سخر من نصف متابعيه على “إنستغرام” مؤخراً من خلال صور له التقطها في الجزر اليونانية وعلى متن يخوت تعج بالشمبانيا، وهو يقول لهم: “هل تحسدونني على هذا؟”، لكنه حذف تلك الصور في ما بعد.

ويستعرض أحد حسابات “إنستغرام”تحت عنوان “أبناء طهران الأثرياء”، حياة بعض من أشهر الشباب في إيران، مع لقطات لحفلات رقص صاخبة، وعشاء فاخر وخلوات حصرية في الجبال.

وفي خضم احتجاجات على مستوى البلاد بسبب الظروف المعيشية السيئة مطلع العام الماضي تم نشر شريط فيديو يُظهر لقطات لحفلات النخبة الشابة وهم على متن طائرات خاصة، وتظهر بجانبهم رزم من الدولارات.

كما تظهر صور أخرى نساء يرتدين البيكيني، ويحتسين الجعة بجانب برك السباحة، وفي إحدى الصور يظهر شخص وهو يداعب فهد مدجن.

وظهر موقع آخر، هذا الشهر، يستعرض صوراً لسيارتين فاخرتين، بما في ذلك سيارة مرسيدس بنز فئة جي، ويظهر عليها تعليق “ثمن مثل هذه السيارات في طهران سيصيبك بالجنون”.

يبدو أن ثقافة المحسوبية في إيران منتشرة إلى حد كبير لدرجة أن الإيرانيين يقولون إنهم لا يستطيعون سوى فعل القليل حيالها، ففي العمل أو المدرسة أو أحياناً في حياتهم اليومية، ويحتاجون الى نوع من النفوذ من العناصر المؤثرة في الحكومة أو في أي مكان آخر.

وينسحب ذلك أيضاً على الصفقات التجارية، وتجارة العقارات والفنون والعلوم الإنسانية، حيث إن كل من له علاقات مع السلطة هو الذي تتم ترقيته أو ينال الأولوية.

ففي صناعة الترفيه الإيرانية، على سبيل المثال، “تصبح الواسطة دائماً جزءاً من الصفقة”، كما قال أحد معلقي التلفزيون في طهران، الذي طلب عدم ذكر اسمه. ويقول: “تُمنح المشروعات ويتم الحصول عليها من خلال العلاقات مع الشخصيات المتنفذة، ويعلم الجميع ذلك”، ويمضي قائلاً: “لكن يغضب الإيرانيون فقط عندما يحصل شخص ما عديم خبرة أو غير متعلم على وظيفة”.

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

Exit mobile version