مرصد مينا
يشعر المسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنهم حققوا إنجازًا استراتيجيًا في مواجهة إيران، ويبدو هذا الشعور جلياً عند الحديث مع مسؤولي الإدارة الأمريكية، الذين يسردون سلسلة من النجاحات التي تحققت في الأشهر الأخيرة.
وعقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، هددت إيران مرارا وتكرارا بشن هجوم انتقامي على إسرائيل.
ومع ذلك، أرسل الرئيس بايدن رسائل مباشرة وغير مباشرة لطهران، يحذرها فيها من أن واشنطن مستعدة للرد بقوة على أي تهديدات وحماية القوات الأمريكية والدفاع عن إسرائيل.
وفي إطار هذه الرسائل، عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في المنطقة بإرسال حاملتي طائرات مع سفنهما المرافقة، بالإضافة إلى طائرات متطورة مثل F-16، وF-15، وF-35، وF-22، وغواصة محملة بصواريخ توماهوك، وكلها مجهزة لرصد وضرب الأهداف، والدفاع ضد الهجمات الصاروخية الإيرانية التي قد تستهدف القوات الأمريكية أو إسرائيل.
في هذا السياق، أفاد مسؤول أمريكي في تصريحات صحافية، اليوم الجمعة، أن إيران لم تتخذ أي إجراء منذ اغتيال هنية، معتبرًا أن إرسال القوات الأمريكية الضخمة له هدفان: “الدفاع عند الضرورة وإرسال رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة تمتلك الإرادة والقدرة”.
وأضاف المسؤول أن “إيران تدرك أن أقوى قوة في العالم تقف إلى جانب خصومها، وأن الدول الحليفة في المنطقة، مثل إسرائيل، تعلم جيدًا أن الولايات المتحدة تدعمها”.
ورغم ذلك، لا يرغب المسؤولون الأمريكيون في الإعلان عن “ردع إيران”، نظرًا لأن الأوضاع في الشرق الأوسط قد تتغير بشكل غير متوقع.
لكنهم يعتقدون أن الوجود العسكري الكبير يظهر بوضوح أن الولايات المتحدة لم تتخل عن المنطقة.
وفي الوقت الذي تركز فيه واشنطن على التحديات الكبرى مثل صعود الصين والمخاطر الروسية بعد هجوم أوكرانيا، تسعى إدارة بايدن لتأكيد قدرتها على التعامل مع التهديدات في الشرق الأوسط بقوة عسكرية متطورة.
ويأتي هذا الموقف الأمريكي بعد أن اعتبرت إيران خروج القوات الأمريكية من أفغانستان إشارة إلى نية الولايات المتحدة الانسحاب من المنطقة، ما أعطاها فرصة لتعزيز نفوذها.
لكن المسؤولين الأمريكيين يصرون على أن تحركات واشنطن الأخيرة تهدف إلى التأكيد على التزامها بالبقاء والدفاع عن حلفائها في الشرق الأوسط.
كما تتزامن هذه التحركات مع مناقشات حول الملف النووي الإيراني. فقد أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخراً إلى أن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، ولديها مخزون يتجاوز 140 كيلوغرامًا من المواد ذات النقاوة العالية.
والثلاثاء الماضي، أشار المرشد الإيراني، علي خامنئي، إلى إمكانية التفاوض مع واشنطن، في خطوة قد تكون جزءًا من استراتيجية إيران المتكررة في التعامل مع الإدارات الديمقراطية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية استعداد إدارة بايدن للحوار مع إيران، لكنه شدد على ضرورة أن تُظهر إيران جدية في وقف التصعيد النووي والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأضاف:”نحن نرى أن الدبلوماسية هي الخيار الأفضل لتحقيق حل فعّال ومستدام للبرنامج النووي الإيراني”، لكنه أشار إلى أن الوضع الحالي بعيد عن هذه النقطة بسبب التصعيد الإيراني المستمر.
ورغم تعزيز الوجود العسكري الأمريكي، فإن المسؤولين يؤكدون أن الولايات المتحدة لا تسعى لاستخدام القوة العسكرية لردع إيران عن متابعة برنامجها النووي، لكنها في الوقت نفسه تراقب عن كثب تحركات طهران وتستعد للتعامل مع أي تطورات.