“مقتل المزيد من المدنيين في صالح حماس”.. تقرير يكشف مراسلات للسنوار والحركة تنفي

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال ” الأميركية، أمس الثلاثاء، عن فحوى رسائل قالت إن رئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، بعثها إلى الوسطاء وأعضاء المكتب السياسي في الخارج، على مدار الأشهر الماضية.

بحسب الصحيفة فإن هذه الرسائل تفيد بأن “المزيد من القتال والمزيد من الوفيات بين المدنيين الفلسطينيين، يصب في مصلحته”.

وذكرت الصحيفة الأمريكية أن السنوار قال في رسالة حديثة إلى مسؤولي حماس المنخرطين في مفاوضات مع المسؤولين القطريين والمصريين بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن: “لدينا الإسرائيليين حيث نريدهم”، في إشارة إلى الضغط على إسرائيل.

كما زعمت الصحيفة أنه في عشرات الرسائل، التي بعثها السنوار إلى الوسطاء، ومسؤولي حماس خارج غزة وآخرين، وتمت مشاركتها مع “وول ستريت جورنال” من قبل أشخاص لديهم وجهات نظر مختلفة حول زعيم الحركة في غزة، قد أظهرت أن السنوار “يستخف بالحياة البشرية، ويعتقد أن إسرائيل لديها الكثير لتخسره من الحرب”.

ويحاول مفاوضون من الولايات المتحدة ومصر وقطر منذ أشهر التوسط لإبرام اتفاق يفضي إلى وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم الحركة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

السنوار: مزيد من القتلى المدنيين يعني الانتصار

وقال السنوار في رسائله-بحسب الصحيفة- إن المزيد من القتلى المدنيين، سيزيد الضغوط على إسرائيل عالميا، وأن النصر لبنيامين نتنياهو سيكون أسوأ من الهزيمة، وأن اقتحام الجيش الإسرائيلي لرفح لن يكون نزهة.

واعتبرت الصحيفة أن “هدف السنوار هو التوصل لوقف دائم لإطلاق النار يسمح لحماس بإعلان النصر أمام إسرائيل”.

وفي عشرات الرسائل، التي استعرضتها الصحيفة الأمريكية أظهر السنوار “تجاهلا باردا للحياة البشرية” وأوضح أنه يعتقد أن إسرائيل لديها ما تخسره من الحرب أكثر من حماس.

من بين هذه الرسائل، رسالة بتاريخ 11 أبريل/نيسان الماضي مرسلة إلى الزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية بعد مقتل ثلاثة من أبناء هنية البالغين في غارة جوية إسرائيلية، كتب السنوار أن وفاتهم ووفاة فلسطينيين آخرين من شأنه أن “يضخ الحياة في عروق هذه الأمة، ويدفعها إلى الصعود إلى مجدها وشرفها”.

كما أبلغ السنوار الوسطاء العرب، أنه لن يقبل اتفاقا مع إسرائيل إلا بوقف دائم لإطلاق النار، كما شدد على أن الحركة “لن تلقي السلاح ولن توقع على أي مقترح يتضمن ذلك”.

وفي إحدى الرسائل الموجهة إلى قادة حماس في الدوحة، أشار السنوار إلى الخسائر المدنية في صراعات بدول مثل الجزائر، حيث قتل مئات الآلاف من الأشخاص وهم يقاتلون من أجل الاستقلال عن فرنسا، قائلا: “هذه تضحيات ضرورية”.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها إسرائيل للقضاء عليه، وفق “وول ستريت جورنال”، فإن السنوار “نجا من ذلك وأدار جهود حماس الحربية بشكل دقيق، كما صاغ الرسائل إلى الوسطاء، حيث إن هدفه النهائي يتلخص في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، يسمح لحماس بإعلان نصر تاريخي بالصمود أمام إسرائيل، وقيادة القضية الوطنية الفلسطينية”.

السنوار “مندهش”

وعلى الرغم من أن السنوار خطط لهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأعطى الضوء الأخضر لها، فإن الرسائل المبكرة التي بعثها إلى الوسطاء تظهر أنه بدا مندهشا من “وحشية الجناح المسلح لحماس، ومدى سهولة ارتكابهم لفظائع مدنية”، بحسب ما نقلت الصحيفة الأمريكية

وقالت الصحيفة إن السنوار ذكر في إحدى رسائله:”لقد خرجت الأمور عن السيطرة”، في إشارة إلى عملية اختطاف النساء والأطفال المدنيين كرهائن، مضيفا وفق الصحيفة: “لقد وقع الناس في هذا الأمر، وما كان ينبغي أن يحدث ذلك”.

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين عرب تحدثوا إلى قادة حماس، أنه بحلول نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بدأت القيادة السياسية لحماس “تنأى سرا بنفسها عن السنوار”، قائلة إنه “شن الهجمات دون إخبارهم”.

وأثارت الاجتماعات بين الفصائل الفلسطينية والقيادة السياسية لحماس في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لبحث المصالحة وخطة ما بعد الحرب، رفض السنوار الذي لم تتم استشارته، حيث انتقد في رسالة بعثها إلى القادة السياسيين تلك الاجتماعات، التي وصفها بأنها “مخزية وشائنة”.

وأضافت حسب الصحيفة:”طالما أن المقاتلين ما زالوا صامدين ولم نخسر الحرب، فيجب إنهاء هذه الاتصالات على الفور. لدينا القدرة على مواصلة القتال لأشهر”.

حماس: ما جاء عار عن الصحة

في السياق، نفى عضو المكتب السياسي للحركة “غازي حمد” هذه المراسلات، معتبرا أن كل ما تم تداوله “عار عن الصحة”، مضيفا في تصريحات صحافية، أمس الأربعاء، أنه “لا خلاف بين حماس الداخل والخارج”.

وقال إن “كل ما تردد أنه جاء على لسان السنوار من تصريحات لا أساس لصحته”، مشددا على أن التواصل مع زعيم حركة حماس بالقطاع يتم بشكل يومي.

كما زعم بأن”السنوار مهتم جدا بنهاية الحرب ووقف ما يجري في غزة من إبادة جماعية”، مؤكدا بأنه كممثل عن الحركة كما وصف، أن”موقف حماس في الخارج والداخل واحد لا يتجزأ”.

السنوار: خيارات نتنياهو “قليلة”

وعلى مدار الأسابيع الماضية، تضغط الإدارة الأميركية على إسرائيل وحماس من أجل التوصل إلى اتفاق، حيث تقول حماس إنها تريد نهاية دائمة للحرب وانسحاب إسرائيل من القطاع الذي يبلغ عدد سكانه 2.3 ملايين نسمة.

فيما يعارض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إنهاء القتال بشكل دائم قبل تحقيق ما يسميه بـ”النصر الكامل” على حماس، والقضاء على قدراتها العسكرية والسلطوية في القطاع.

وحتى دون هدنة دائمة، حسب “وول ستريت جورنال”، يعتقد السنوار أن نتنياهو ليس لديه “سوى خيارات قليلة بخلاف احتلال غزة والتورط في القتال” مع حماس “لعدة أشهر أو سنوات”، وهي النتيجة التي تنبأ بها السنوار قبل 6 سنوات عندما أصبح زعيما للحركة في قطاع غزة لأول مرة، حيث قال لصحفي إيطالي عام 2018 يكتب في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية: “بالنسبة لنتنياهو، فإن النصر سيكون أسوأ من الهزيمة”.

يشار إلى أنه رغم الجهود التي بذلتها إسرائيل لاغتياله، فقد نجا السنوار وأدار عمليات حماس الحربية بشكل دقيق، وفق الصحيفة، وصاغ الرسائل وبعثها إلى مفاوضي وقف إطلاق النار، وحدّد متى تكثف الحركة هجماتها أو تتراجع عنها.

وانضم السنوار إلى الحركة التي أصبحت في النهاية حماس في الثمانينيات، وأصبح قريبا من مؤسسها الشيخ أحمد ياسين، وأنشأ شرطة أمن داخلي قامت بمطاردة وقتل المخبرين المشتبه بهم والمتعاونيين مع إسرائيل، وفقا لنص اعترافاته للمحققين الإسرائيليين في عام 1988.

كذلك، فقد تلقى عدة أحكام بالسجن مدى الحياة بتهمة القتل وقضى 22 عاما في السجن داخل إسرائيل قبل إطلاق سراحه في صفقة مبادلة مع ألف فلسطيني آخرين في عام 2011 بالجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط.

Exit mobile version