بين أخذ ورد، وبيانات سيطرة أذاعتها كافة الجهات المتنازعة عليها، لا يزال مصير مدينة منبج السورية غامضاً، ليزداد المشهد قتامةً وغموضاً حول هوية المتحكم بمجريات الأمور، ويفتح الباب على مصراعيه للتساؤل عن ماهية التسوية التي ينتهي بها حال المدينة، وتحت أي راية سترزح.
آخر بيانات السيطرة جاءت من موسكو، التي تبعد آلاف الكيلو مترات عن منبج وأهلها، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم الثلاثاء، سيطرة قوات النظام السوري على المدينة، وذلك بعد ساعات من التسريبات الخاصة التي حصل عليها موقع “مينا” حول وجود مفاوضات بين ميليشيات سوريا الديمقراطية “قسد” ومسؤولين من نظام “بشار الاسد”؛ تقضي بتسليم الأخير المدينة بالكامل، تفادياً لدخول القوات التركية إليها.
إعلان الوزارة لم يكتف فقط بتأكيد سطوة النظام وسيطرته وإنما تعدى ذلك للكشف عن نشر وتسيير وحدات من الشرطة الروسية على خط التماس بين الجيشين السوري والتركي بشمال سوريا، لمنع أي صدامٍ بينهما.
الرواية الروسية الأخيرة دعمتها مقاطع الفيديو التي تناقلتها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي؛ والتي أظهرت لحظة لقاء القوات الأمريكية المغادرة وقوات النظام عند أحد مداخل منبج، بالتزامن مع توارد أنباء عن إخلاء الجيش الأمريكي ثلاثاً من قواعده في المدينة.
لكن وعلى الرغم من كل التأكيدات التي طرحتها روسيا حول منبج، إلا أن مصدراً أمنياً خاصاً كشف لـ”مينا” أن قوات المجلس العسكري التابع لميليشيات قسد لا زالت متمركزة داخل المدينة، مشيراً إلى أن الفصائل الكردية سحبت 400 من عناصرها المنتشرين في حي الشيخ مقصود بحلب باتجاه منبج، بعد تسليم الحي للنظام.
وأكد المصدر أن منبج حالياً باتت بين فكي كماشة تحاصرها قوات النظام من المنطقة الجنوبية وقوات المعارضة الموالية لتركيا من الجهة الشمالية، مضيفاً: “يبدو أن هناك اتفاقاً بين الجانب التركي ونظام بشار الأسد لمحاصرة القوات الكردية وحشرها في مكانٍ واحد تمهيداً لقصفها وإيقاع أكبر عدد من الخسائر في صفوفها”.
إلى جانب ذلك، أشار المصدر إلى أن عناصر الميليشيات الكردية اعتقلت صحافيين تابعين للنظام، بالإضافة إلى عدد من مرافقيهم أثناء تغطيتهم للأحداث هناك.
وتأتي تصريحات المصدر الخاص في وقتٍ حصل فيه موقع “مينا” على صورٍ خاصة تظهر تسيير الجيش الروسي دوريات على أطراف مدينة منبج.
قوات المعارضة والجيش التركي لم يكونوا خارج إطار موجة بيانات السيطرة، واللذان أعلنا بدورهما دخول قواتهما المشتركة إلى ريف منبج من الجهة الشمالية، مؤكدَين سيطرتهما على عدد من القرى والمناطق التي كانت تسيطر عليها الميليشات الكردية.
وكان موقع “مينا” قد نقل يوم أمس الاثنين تسريبات خاصة عن اعتقال الأمن الروسي قياديين اثنيين من قادة المجلس العسكري لمدينة منبج شمال سوريا، أثناء تفاوضهما مع قوات النظام لدخول المدينة.
وبحسب التسريبات، فإن القياديين يتبعان لميليشيات قسد الكردية، وهما “جيان محمود علو”، و”محمد حج إسماعيل” الذي يشغل منصب مسؤول الأمن العام في المدينة، دون أن تعطي تفاصيل أكثر عن أسباب الاعتقال وأماكن تواجد القياديين المعتقلين.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي