من البصرة.. الكاظمي يقرع طبول الحرب على سلاح الميليشيات

مرصد مينا – هيئة التحرير

مرحلة جديدة من المواجهات بين رئيس الحكومة العراقية، “مصطفى الكاظمي” وميليشيات الحشد الشعبي، المدعومة من إيران، بعد قرار الحكومة العراقية؛ عدم السماح للأحزاب والعشائر بحمل السلاح، ما يشير، بحسب ما يؤكد مصدر عراقي مطلع لمرصد مينا، إلى أن البلاد تتجه إلى مرحلة حساسة، ستتحدد مدى نجاح “الكاظمي” في مهمته باستعادة سيادة العراق وقراره.

وكانت الحكومة العراقية قد صوتت أمس، الأربعاء، على قرار منع الأحزاب والعشائر من حمل السلاح، ما اعتبر خطوة جديدة من الحكومة لنزع سلاح الميليشيات.

حرب السيطرة بدأت من البصرة

قرار منع الأحزاب من حمل السلاح، يرى فيه المصدر أول مواجهة علنية تتعلق بسلاح الميليشيات عموماً وخاصة ميليشيات الحشد الشعبي، الذي هو بالأساس مشكل من مجموعات مسلحة تابعة لأحزاب وتيارات موالية لإيران، على حد قوله، لافتاً إلى أن الفترة القادمة ستشهد ممارسات أكثر عدوانية من قبل الميليشيات، لإثبات قوتها ووجودها وتعقيد مهمة “الكاظمي”.

وكانت كتائب “حزب الله” العراقي، قد هددت قبل أيام بتجديد استهداف السفارة الأمريكية ومصالح الولايات المتحدة، في العراق، وذلك بعد وقتٍ قصيرٍ من استعادة الحكومة العراقية السيطرة على معبر مندلي مع إيران، والذي كانت الميليشيات تتولى إدارته.

في السياق ذاته، يشير المصدر إلى أن الميليشيات باتت على قناعة تامة بأنها أصبحت وسط حرب وجودية، لا مجال لخسارتها، كاشفاً أن إيران وعلى الرغم من تخفيضها للدعم المالي المقدم للميليشيات، إلا أنها ستسعى بكامل جهدها أن تحتفظ الميليشيات بأقل قدر ممكن من النفوذ حتى وإن كان في مناطق محدودة.

ويتكون الحشد الشعبي من 68 فصيلاً عراقياً موزعاً بين سوريا والعراق، بحسب إحصائيات مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، في حين قدرت الإحصائيات إجمالي الانفاق العام للحشد خلال عام 2019، بنحو 2.6 مليار دينار عراقي.

كما يكشف المصدر أن اختيار البصرة لتكون بداية الحملة الحكومية العراقية على سلاح الأحزاب، جاء من نقطتين، الأولى كسب التأييد الشعبي للحملة، خاصةً أن مدينة البصرة كان لها نصيبها من القتلى برصاص الميليشيات خلال الأشهر الماضية، في فترة المظاهرات، أما الثانية تأتي من كون البصرة واحدة من أهم مراكز السيطرة الإيرانية، وأكثرها أهمية بالنسبة للمشروع الإيراني، ما يعني أن “الكاظمي” قرر ضرب ذلك المشروع في أهم مراكزه.

وخلال المظاهرات، قتل أكثر من 500 متظاهر عراقي برصاص وحدات مسلحة مجهولة، بحسب وصف أجهزة الأمن آنذاك، سقط معظمهم في مجارز شهدتها العاصمة بغداد والنجف وكربلاء والبصرة، في وقتٍ وُجِهت فيها أصابع الاتهام إلى الميليشيات المدعومة من إيران.

التعيينات الأمنية ونصف الكأس الممتلئ

واقعياً، فإن الإجراءات ضد سلاح الميليشيات والحد من نفوذها، بدأ بحسب ما يشير إليه المصدر، مع قرار إقالة رئيس هيئة الحشد الشعبي، “فالح الفياض” من منصبي، رئيس الاستخبارات الوطنية ومستشار الأمن الوطني، وتعيين شخصيتين، شغلت إحداهما مناصب ميدانية في الجيش العراقي السابق، وكانت من بين المنتسبين لحزب البعث، سابقاً، في إشارة إلى  “عبد الغني الأسدي”، الذي شغل منصب رئيس الأمن الوطني.

ويعتبر “فالح الفياض”، من أكثر الشخصيات الداعمة للنفوذ الإيراني في العراق وأكثرها ولاءاً، ما جعله يشغل منصبين أمنيين، يعتبران من أهم المفاصل الأمنية في البلاد، بشكل متزامن.

إلى جانب ذلك، يؤكد المصدر أن الحكومة تتجه لاتخاذ عشرات القرارات الخاصة بإقالة ضباط أمن رفيعي المستوى، خلال الأسابيع القادمة، ضمن حملة واسعة، لافتاً إلى أن “الكاظمي” يسعى لطرد ما أسماه “الطابور الخامس” الموالي لإيران من دخل الحكومة وتحويل المعركة فعلياً بين الحكومة بكامل هيئاتها من جهة وبين الميليشيات، ما يمنحه فرصاً أكبر لنيل تأييد الشعب والمجتمع الدولي، على حد قول المصدر.

من جهته، يدعو الكاتب الصحافي، “محمد خلفان الصوافي”، إلى النظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، فيما بتعلق بقرارات وإجراءات، “الكاظمي”، لافتاً إلى أنه يمكن النظر لسياسة الحكومة الجديدة من ناحيتين، الأولى تقييمها من خلال الإجراءات، التي قام بها، والتي يمكن اعتبار أنها كسرت تابوهات، كانت محرمة ولم يتجرأ على مسها كل من جاء إلى رئاسة الحكومة على مدى 17 سنة الماضية، أو أن تقرأ من خلال المشككين ومن المترددين الذين يحاولون تقويض والتقليل من القرارات التي اتخذها حتى الآن.

وكانت القوات الأمنية العراقية قد اعتقلت قبل أسابيع خلية تابعة لحزب الله العراقي، في البصرة، بتهمة التخطيط لضرب مصالح أمريكية في العراق، ما اعتبر حينها، خطوة أولى من نوعها في تاريخ العراق الحديث.

كما يضيف “الصوافي” في مقال له: “مواجهة ميليشيات الحشد الشعبي هو حدث كبير، ومن المهم وضع أكثر من خط تحت كلمتي حدث كبير، لأنه لم يجرأ أحد حتى على محاولة فعل ذلك، مع أنهم يدركون أن هذه الميليشيات هي أساس كل الفساد الإداري في العراق، فكيف به وهو يصر على عدم دخول قائد فيلق القدس الجديد، إسماعيل قاآني، العراق دون تأشيرة، رغم أن الجميع يدرك أن المسؤولين الإيرانيين كانوا يدخلون العراق دون ترتيبات مسبقة ويتجولون ويعقدون لقاءات مع المسؤولين العراقيين دون موافقة رئيس الحكومة”.

ويعتبر فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، المحرك الأساسي للميليشيات والمشرف على عملها بشكلٍ مباشر، على اعتبار أنها تشكلت بتخطيط وإشراف مباشر من قائد الفيلق السابق، “قاسم سليماني”، الذي قتل بغارة أمريكية مطلع العام الحالي.

بالإضافة إلى ذلك، يشير “الصوافي” إلى أن الوضع في العراق مع “الكاظمي”، قد تغير، وأن  هناك حالة من الانتشاء بعودة الدولة العراقية وفرض هيبتها، وتفكير بهموم الإنسان العراقي، لافتاً إلى أن الأمر يحتاج فقط إلى بعض الوقت.

حملات إعلامية: نحن هنا!

الحديث عن ردود الفعل من قبل الميليشيات وإيران، يمكن أن يصنف بحسب الكاتب، “عبد الرحمن مسرور”، ضمن الحرب الإعلامية ضد “الكاظمي”، معتبراً أن كل تلك التصريحات والتهديدات باستهداف المصالح الأمريكية، تهدف إلى إحراج الحكومة بشكل مستمر لثنيها عن تنفيذ مقاصدها، التي تهدد مصالحهم.

وسبق للمتحدث العسكري باسم حزب الله العراقي، أن هدد أكثر من مرة عبر صفحته على تويتر بشن المزيد من العمليات ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر الداعم الأول للحكومة العراقية الحالية.

إلى جانب ذلك، يؤكد “مسرور” أن الميليشيات هاجمت معسكرات ومطارات بشكل مستمر للضغط على “الكاظمي” وتهديده بالتصعيد من أجل أن يكف عنها، وأن استهدافها للقوات الأميركية وتهديدها يأتي ضمن خطة لضمان مصالحها.

في السياق ذاته، يشير المصدر العراقي الخاص بمصدر مينا، إلى أن ردود فعل الميليشيات لن تكون بذات القوة المتوقعة، خاصة في ظل ما تعانيه إيران من أزمة اقتصادية وداخلية وصراعات داخل النظام على السلطة، مؤكداً أن كل تلك الملفات ستؤثر على صلابة الميليشيات وقدرتها على مواجهة الدولة العراقية، لا سيما وأن عرابها الأول، “قاسم سليماني” قد قتل، وخليفته “قاني” لا يملك القدرة والكفاءة على إدراتها.

Exit mobile version