زاوية مينا
ان تقول بـ “إيران / إسرائيل” في حالة عداء، تكون قد تعاميت عن خطوط الاتفاق، وأن تقول بأنهما في توافق، ربما تذهب إلى استباق ما يمكن أن يكون عليه الحال، ولكن ثمة وقائع تتكرر وحين تتكرر الواقعة لابد وتتحول إلى ظاهرة.
هل ثمة ما يتكرر؟
لنراجع الأحداث بدءاً من مايو 2024 وحتى سبتمبر 2024:
ـ 19 مايو قتل إبراهيم رئيسي في تحطم طائرته، الحوّامة الأمريكية الصنع، فيما نجت الحوامتان المرافقتان له وهما من صناعة روسية، وكان رئيسي قد صعد إلى رئاسة إيران بضغط هائل من “الولي الفقيه” والمتشددين، وكان مقتله بمثابة تحوّل كبير في إيران عقب استبداله بـ “مسعود بازركان” الإصلاحي.
ـ 31 يوليو 2024 اغتيل في طهران زعيم حركة حماس إسماعيل هنية، ومازال اغتياله غامضاً، وثمة من يقول بقنبلة مزروعة بسريره، وثمة من يقول عبر مسيرة، وفي الحالين نحن أمام واحد من احتمالين، إما اختراق إسرائيلي واسع للأمن الإيراني، وإما بمباركة من القيادة الإيرانية أو بمباركة من أحد أجنحتها.
ـ بعد ساعات من اغتيال هنية، نفذت إسرائيل غارة جوية على الضاحية الجنوبية ببيروت اغتالت عبرها فؤاد شكر أبرز قادة حزب الله.
ـ في سبتمبر 2024 بدأت حملة تصفية واسعة لقيادات وكوادر حزب الله أبرزها عملية “البايجر” قضت على مجموعات واسعة من فرقة الرضوان، القوة الضاربة في حزب الله.
ـ توجت الحملة الإسرائيلية باغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وعملية كهذه لابد وأن تخضع لحسابات دقيقة:
إما أن إسرائيل باتت واثقة من عجز حزب الله عن الرد، وإما أنها اشترت رأس حسن نصر الله.
كل ما سبق من احداث يقول بأن إسرائيل اتخذت قراراً بتصفية اللاعبين المسلحين ممن هم تحت مستوى الدول، وفي الحضن الإيراني، دون نسيان قتل يحيى السنوار صاحب الذراع الطويلة في حركة حماس.
المشترك بين حماس / حزب الله، أن كليهما يشتغلان تحت المظلة الإيرانية، وهنا يأتي السؤال:
ـ ماذا كان ردّ فعل طهران؟
أقل من مناورة عسكرية واكثر من الصمت، ما سيستدعي السؤال:
ـ هل تخلّت إيران عن حماس / حزب الله؟ وإذا كان الأمر كذلك فما المقابل؟
تاريخياً، وموضوعياً، إيران ليست طرفاً في الصراع العربي الإسرائيلي، فلا هي محاددة لإسرائيل ولم تحتل إسرائيل أرضاً لها، لكنها لابد منافسة لإسرائيل على الإقليم، وعلى المسطح الجغرافي الذي بينهما والممتد من محور الطاقة الأهم في العالم والذي تطل عليه إيران من الجنوب، فيما سيشتد تنافسها على العنصر الثاني من الإقليم ونعني به الهلال الخصيب بكل ما يحمل من ثروات.
لفترة طويلة كانت إسرائيل وإيران حليفان أساسيان في معسكر واحد، كلتاهما شريكان في حراسة المعسكر الأمريكي، وما أن انتصرت الثورة الخمينية حتى انفضت شراكتهما في معادلة الأمن في الشرق الأوسط، وكانت النتيجة بعد ما يزيد عن أربعين عاماً من الخمينية أن خسرت ايران مكاسب هذه الشراكة بعد أن غادرت المركب وقفزت الى الفراغ، وبعد أن ذهب الخيال بها إلى أنها ستكون مركز الجذب للمنطقة العربية تحت شعار “الإسلام” فلعبت على احتواء الفصائل الراديكالية الإسلامية بمن فيها الفصائل السنّية المضادة لها في العقيدة، وكانت النتائج، الخسارات تلو الخسارات وصولاً إلى تطويقها من كل الاتجاهات، مع النظر بجدية إلى الحركات الداخلية في إيران والتي تقترب يوماً وراء يوم من تقويض الحكم في إيران أو وضعه على الحافة في كل الأوقات.
حال كهذا قد يستدعيها إلى إعادة النظر في عقودها الأربعة الفائتة والانعطاف نحو استراتيجيات جديدة لا تعني سوى التصالح مع إسرائيل والتوافق معها، ولكل من الطرفين مصالحه، فما الذي تحتاجه إيران والذي يمكن لإسرائيل أن تقدمه لها؟
ـ رفع العقوبات عن إيران .. وبوسع إسرائيل أن تقدمه.
ـ نتيجة رفع العقوبات هو عودة إيران للاندماج السياسي والاقتصادي مع العالم.
ـ ستعود إلى الشراكة مع إسرائيل في تأمين المصالح الاستراتيجية لأمريكا في الشرق الأوسط تماماً كما كان حال الشاه.
ما الذي ستكسبه إسرائيل؟
ـ ستكسب الامن عبر اجتثاث كيانات ما تحت مستوى الدولة كـ “حزب الله / حماس / الحوثي / الحشد الشعبي” وسواهم.
ـ ستصبح القضية الفلسطينية بما فيها مسألة حلّ الدولتين قضية منسية.
كل ماسبق ألا يبرر اللغة الجديدة للإيرانيين وعلى رأسهم مسعود بزشكيان، وقد حوّل الخطاب الإيراني من:
ـ أمريكا الشيطان الأكبر إلى:
ـ الاخوة الامريكان؟