كل الازمات بالاستثمار، وكل الخسائر تتحول إلى مكاسب، تلك هي نظرية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فالحرب الروسية الاوكرانية، باتت اللحظة المواتية للاستثمار التركي الاكبر، والمعادلة:
ـ ادخلوا اوكرانيا آمنين إذا سمحتم لنا دخول سوريا بأمان.
ولحظة تنامي الخلافات الخليجية الأمريكية، دخل أردوغان من ثقوب الشقاق، فطوى ملف الصراع السعودي التركي، لينسج علاقة مع المملكة، وصلت حتى تبادل العناق والقبلات، مع بلد طالما اشتغل أردوغان على إضعافه عبر إضعاف دوره الإسلامي.
أيّد بوتين تحت مظلة الدور التركي الوسيط، واطلق طائرت “بيرقدار” وقد وضعها بأيدي الاوكرانيين، وفي اللحظة ذاتها قبض ثمن من روسيا مقابل الموافقة على عبور الطائرات الروسية الأجواء التركية.
وفي سوريا، طمأن النظام برسائل خفية، وكان شرطه على النظام “مقايضة الحياد بالاكراد”.
واليوم، يقايض الناتو على دخول قواته إلى سوريا تحت مسمى المنطقة الآمنة، والكل يعلم أنه لم يدخل الأتراك منطقة وخرجوا منها إلاّ بالمجازر والحرائق والسلاح.
مابين لحظة وأخرى ستدخل القوات التركية شمال وشرق سوريا، وهنا، فالترجيحات تصبّ في أن العملية العسكرية ستكون في مناطق النفوذ الروسي، وذلك حتى تتجنّب تركيا إحراج حليفتها واشنطن في المناطق التي توجد فيها في محافظتَي الحسكة ودير الزور لتستهدف العملية العسكرية جزءاً من مناطق منبج وتل رفعت وعين عيسى وتل تمر وقد تتّسع وتشمل كل المناطق المذكورة، وهو أمر متوقف على الضوء الأخضر الذي ستحصل عليه أنقرة لشنّ العملية، فيما الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا تلقّت الأوامر بالاستنفار، لحشد قواتها لبدء العملية العسكرية.
في المعلومات المضافة، فإنه وخلال الفترة الأخيرة حدث تنسيق غير مباشر بين عناصر أمنيّين تابعين لتنظيم داعش، وآخرين من فصائل الجيش الوطني التابع للمعارضة السورية، لتكثيف عمليات الاغتيال في مناطق سيطرة قسد، في محاولة للضغط على التنظيم الكردي في أكثر من اتجاه، وفي حال أثبتت الوقائع على الأرض جدّية تركية في تنفيذ عملية عسكرية على الأراضي السورية خلال الأيام المقبلة، فمن المرجّح أن تعمد “قسد” إلى التلويح بملف سجناء تنظيم “داعش” ومخيم الهول، للضغط على واشنطن وعموم “المجتمع الدولي”، لمنع أنقرة من تنفيذ تهديداتها. كذلك، ستسارع “قسد”، حتماً، إلى طرق أبواب موسكو والنظام في دمشق، كما العادة، لمساعدتها في صدّ هذا الهجوم، على الرغم من أن الطرفين يتّهمانها بعدم تطبيق مضمون الاتفاق الذي انتشر بموجبه جيش النظام على الحدود بعد عملية “نبع السلام”، حيث رفضت تسليم المنطقة إدارياً للجيش، واحتفظت بنقاط عسكرية لـ”الأسايش” على امتداد مدن الشريط الحدودي وبلداته.
اتفاقات هنا، وضغط هناك، لا الاتفاقات مع تركيا آمنة، ولا الضغط صيغة تتبعها تركيا على الدوام، وهذا أردوغان يحمل ميزانين لكل قضية بدءًا من عضويته بالناتو، إلى صراعه مع المملكة أو صراعاته مع النظام بالشام، ومع، ولكل ازمة ميزانها مايحيل الازمة إلى المكسب، وعلى الدوام كانت عينه على الأكراد، بدءًا من اكراد سوريا إلى اكراد العراق، فالحزام الآمن الذي يبحث عنه أردوغان لايعني سوى اجتثاث القوى الكردية من هذه البلدان، سواء كانت من حزب العمال أو سواها من الفصائل الكردية بمن فيها كرد البارزاني في العراق.
المعركة قادمة.
هذا ما لاشك فيه، اما أهوالها فقد تخرج عن كل الحسابات.
ستكون اكثر دموية من كل الحروب، والعالم منشغل بالحرب هناك.
هناك في اوكرانيا على الخاصرة الأوروبية، وبالتالي :
ـ من سيصغي إلى ضجيج المعارك في شرق أوسط كل ماعليه أن يكون: شرق الآلام والخيبات؟