كلام بالغ الوضوح يقوله السفير السعودي في لبنان من على الصرح البطركي لمناسبة مئوية العلاقة اللبنانية / السعودية.
الكلام في مضمومنه يدعو إلى (لبننة) لبنان، وكل مشروع يهدف الى تغريب لبنان عن بعده العربي، لن يلقى ترحيبًا، وكان الرجل بمنتهى الذكاء حين استعاد قولاً للإمام محمد مهدي شمس الدين، وهو الإمام الشيعي الراحل الذي لم يتعلق بالذيل الإيراني ولم يكن من ظلال الخميني.
الكلام واضح وصريح:
ـ كونوا لبنانيين، لننقذكم.
ولتكونوا لبنانيين سيكون الشرط الأول الابتعاد عن المحاور، ما يعني الحياد، وهو مشروع البطرك الراعي الذي يعلم تمام العلم، أن الحياد لايعني سوى التبادل المتكافئ مع المحيط، وفي العلاقات الدولية، ومن ثم الابتعاد عن لعبة المحاور التي لايحتملها بلد مثل لبنان، وهو البلد متعدد الثقافات والديانات والطوائف، فيما الالتحاق بالمحاور يعني الغاء الكل، لحساب واحد، لن يتوافق عليه اللبنانيون، فالغرق في وحل (الخيار الواحد) سيكون أشد صعوبة من غرق الجميع في وحل الجميع، وهو ما يشتغل عليه الصرح البطركي، ربما في عزلة مسيحية، مادام المسيحيون مشتتون ما بين تخالفات مشتتة، بما يعني بعثرة المسيحيين، ووحدهم اليوم في لبنان يغيبون مرجعياتهم لحساب أحزابهم وتياراتهم، والكل يلحق الخراب بالمسيحيين، وهاهي الخريطة المسيحية في لبنان بشتاتها.
تيار وطني حر، في احتراب مع القوات، وحرب القوات مع فرنجية، كما حرب صامتة ما بين الكتائب والبقية، ولكل ليلاه، ولا ليلى واحدة ينشد لها المسيحيون.
مناسبة المئوية السعودية / المسيحية اللبنانية، لم تأت في سياق مناسبة، فكل الاشارات تقول بأنها جاءت بتخطيط على التوازي من قبل البطريركية مع قيادة المملكة، لترسل رسالة واضحة:
ـ كفوا يد حزب الله عن السطوة على لبنان، سيكون إنقاذ البلد في المنال.
كلام واضح وهدف واضح، وكنا وعلى مدى سنوات قد سمعنا من حزب الله وأمينه العام، هجاء لاينقطع للمملكة، وللمجموعة الخليجية، والكل يعلم أن الاسمنت الماسك للبنان اقتصادًا هي المجموعة الخليجية وعلى رأسها المملكة.
حزب الله لن يصغي لا إلى نداءات اللبنانيين ولا إلى جوعهم، فلديه ما يكفي من مال المخدرات، ولديه ما يكفي من السلاح، أما حياة الناس فمازالت مادة ثانوية في المنهج الدراسي للولي الفقيه، ولكن ماذا عن بقية اللبنانين، وتحديدًا ماذا عن مسيحيي لبنان، وحصرًا حلفاء حزب الله؟
كلام السفير االسعودي يفتح بوابة لخلاص لبنان، والخلاص بتفاهم مسيحي مسيحي، يفك الارتباط مع حزب الله ليرتبط بلبنان كل لبنان، وإذا كانت لحسابات الضيقة تشير إلى انعدام سماع هذا الصوت، فلاشك بأنه لن يسمح للبنان بالخروج من أوحاله.
القصة اليوم، كل لقصة ترتبط بتفاهم مسيحي مسيحي.. تفاهمًا ليس على حقيقة من صلب يسوع، لا، بل تفاهمًا على وحدة وطنية لبنانية بمواجهة اللاعب الإيراني، والواحدة إياها تبدأ بـ :
ـ وحدة المسيحيين.