مرصد مينا
أعلن الحاخام الأكبر لطائفة اليهود “الحريديم” يتسحاق يوسف أنهم سوف يغادرون إلى الخارج إذا تم تجنيدهم قسرا في الجيش الاسرائيلي الأمر الذي عرضهم لانتقاد من قبل زعيم المعارضة يائير لابيد.
التصنيف المحلي لليهود “الحريديم” في إسرائيل هو “اليهود المتدينين”، أو “اليهود الخائفين الله” أو “المرتعدين أمام كلام الله” (كتاب إشعياء 66: 5).
وعلى نحو متزايد منذ منتصف القرن العشرين –خلافا للجماعات الصهيونية الدينية والأرثوذكسية الحديثة– تشير المجتمعات اليهودية المتطرفة في إسرائيل والعالم إلى نفسها بشكل أساسي باسم “الحريديم”.
ومنذ تأسيسها في عام 1948، توفر إسرائيل، التي تعرف نفسها على أنها دولة قومية يهودية، لليهود الحريديم، المعروفين أيضا باسم الأرثوذكسية المتطرفة، استقلالية واسعة في التعليم.
تعتبر طائفة الحريديم الأكثر تقليدية في اليهودية الأرثوذكسية، إذ تتطلب التزاما صارما بالممارسات الدينية والمبادئ الأخلاقية الموضحة في التوراة والتلمود. ويمكن أن يشمل هذا الالتزام الصارم أيضا الانفصال عن الآخرين الذين لا يتبعون نفس الممارسات ورفض الثقافة العلمانية الحديثة.
يعارض اليهود الحريديم إلى حد كبير إنشاء دولة إسرائيل، وكانوا تقليديا غير صهيونيين، وعادة لا يشاركون في الاحتفالات أو المناسبات الوطنية. ومع ذلك، يشارك بعض اليهود الحريديم في العملية السياسية في إسرائيل لأسباب براغماتية، وفق موقع “جاست فيجن”.
يمثل حزب “شاس” السياسي (Shas)، اليهود الحريديم الميزراحيم (معنى ميزراحيم باللغة العبرية مشرقي) وهم الأكثر دعما لدولة إسرائيل من اليهود الحريديم.
ارتفع عدد السكان اليهود المتشددين في إسرائيل إلى 1.28 مليون، أو 6.13% من إجمالي عدد السكان البالغ 9.45 مليون نسمة، وفقا لتقرير إحصائي سنوي صدر في ديسمبر 2023.
وأظهرت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي أنه مع معدل النمو الحالي للسكان اليهود المتشددين بنسبة 4% – وهي أعلى نسبة في أي مجموعة في إسرائيل – فإنهم سيشكلون بحلول نهاية العقد 16% من إجمالي السكان.
أين يعيشون؟
يعيش أكثر من 40% من الحريديم البالغ عددهم 1.28 مليون في مدينتين، القدس وبني براك، خارج تل أبيب، ويكشف التوزيع الجغرافي للسكان الحريديم أن “العاصمتين” القدس وبني براك، كانتا موطنا لـ 41.5% من المواطنين الأرثوذكس المتطرفين في إسرائيل في عام 2022 (24.4% في القدس و17.1% في بني براك).
ويعيش 26% منهم في سلسلة من المدن التابعة لليهود المتشددين، بما في ذلك بيت شيمش، وموديعين عيليت، وبيتار عيليت، وإلعاد.
يمكن العثور على مجموعة ثالثة في المدن الكبرى مثل أشدود، وبيتاح تكفا، وحيفا، ورحوفوت، ونتانيا، حيث يقيم 11% من السكان الأرثوذكس المتطرفين، وتمثل هذه المناطق التي تضم نسبة عالية من السكان الحريديم – والتي تشمل 11 مدينة في المجموع – 78.5% من السكان الأرثوذكس المتطرفين في إسرائيل.
علاقتهم بالجيش
تعارض القيادة الدينية الحريدية بشدة تجنيد الشباب في الجيش، بحجة أن دراساتهم الدينية أكثر أهمية، ويرجع ذلك، وفق صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، إلى الخوف من فقدان الشباب لهويتهم الأرثوذكسية المتطرفة أثناء الخدمة العسكرية.
وتقول الصحيفة في هذا الصدد “هذا هو العامل الرئيسي في معارضة الحاخامات الحريديم للتجنيد، وقد دفع الأحزاب السياسية الحريدية إلى ممارسة ضغوط شديدة على العديد من الحكومات لإدامة الإعفاءات الشاملة”.
وتم إعفاء الغالبية العظمى من اليهود الحريديم تاريخيا من الخدمة في الجيش الإسرائيلي، على الرغم من أن القانون الذي تم إقراره في مارس 2014 (يسمى قانون المساواة في الخدمات، والذي قاومه المجتمع الحريدي بشدة) مهّد الطريق لتغيير ذلك، والدليل هو دعوة السياسيين لتجنيد جميع الشباب المؤهلين وعدم استثناء الحريديم.
الحركة طالبت من أجل جودة الحكومة في إسرائيل (MQG)، وهي أحد مقدمي الالتماس الرئيسيين في قضية تجنيد الجميع، بأن يكون هناك تجنيد إجباري واحد للجميع وقانون واحد متساو للجميع، وعدم محاولة إيجاد حلول “غير قانونية” تميز بين أنواع مختلفة من الأشخاص وفصائل الدم المختلفة”.
وفي 26 فبراير الماضي، سار مئات المتظاهرين إلى ساحة أجرانات، مطالبين بالمساواة في التجنيد العسكري وحملوا لافتات تحمل شعارات مثل “معا ننتصر؟” و”خدمة متساوية للجميع”.
موقفهم من هجمات 7 أكتوبر
في أكتوبر 2023، أفاد المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي دانييل هاغاري أن الجيش الإسرائيلي تلقى أكثر من 2000 طلب من الحريديم الذين سعوا للتطوع.
وتصدر هذا الإعلان الصفحات الأولى في جميع أنحاء إسرائيل لأن معظم الرجال اليهود المتشددين لا يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وذلك بفضل ترتيب يعود تاريخه إلى عام 1948.
بدأ الأرثوذكس المتشددون (الحريديم) في إسرائيل الالتحاق بالخدمة العسكرية، رغم إعفائهم من التجنيد، وذلك لقتال حركة حماس بعد الهجوم الذي نفذته في السابع من أكتوبر وقتلها حوالي 1200 إسرائيلياً واحتجاز 240 آخرين كرهائن، بحسب ما أوردت صحيفة “واشنطن بوست”. وبموجب ذلك الترتيب، بحسب وصف “تايمز أوف إسرائيل”، يمكن للرجل الأرثوذكسي تأجيل خدمته في الجيش الإسرائيلي من خلال الدراسة في المدرسة الدينية من سن 18 عاما حتى خروجه من الخدمة العسكرية.
لكن بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، ظهرت مبادرات للحريديم لدعم الجنود والمجتمعات التي تم إجلاؤها من حدود غزة، ومن ثم لبنان.
وقام المتطوعون بجمع المواد الغذائية والمعدات، وأرسلوها للناس في الجنازات، حيث تستضيف العائلات الزوار خلال فترة حداد تستمر سبعة أيام، كما تم إرسال حوالي 20 ألف مراهق حريديم لمساعدة المزارعين في حصاد محاصيلهم بعد مغادرة آلاف من عمال المزارع الأجانب البلاد.
الحرب على غزة
أظهر استطلاع للرأي نُشر في فبراير أن ثلثي الحريديم (في الخارج) يوافقون على طريقة تعامل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو مع الحرب بين إسرائيل وحماس.
الدراسة، التي أجرتها مؤسسة نيشما للأبحاث، وهي منظمة بحثية تركز على المجتمع اليهودي الأرثوذكسي، في شهر يناير، بالتعاون مع المؤرخ ديفيد مايرز، استطلعت آراء 590 حريديم، معظمهم أميركيون، بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس، وجدت أنه على الرغم من تعريف المجتمعات الحريدية تاريخيا على أنها غير صهيونية، لا يزال لدى الحريديم آراء متشددة بأغلبية ساحقة بشأن الحرب.
نتيجة الاستطلاع أفصحت أن 68% يعتقدون أن نتانياهو وحكومته يتعاملون مع الحرب بشكل جيد، و57% يريدون رؤية الحرب تستمر لغاية النصر، ويعتقد نفس العدد أن إسرائيل يجب أن تسيطر على غزة بعد الحرب، وفق موقع “شتيتل” الخاص بالحريديم.
يُذكر أنه يتم تعريف المجتمعات الحريدية تاريخيا على أنها غير صهيونية، لأنهم يختلفون مع التوجه العلماني لإسرائيل، أو لأنهم يعتقدون أنه لا ينبغي لليهود أن تكون لهم دولة ذات سيادة قبل وصول المسيح.
ومع ذلك، يشعر كثيرون بمودة قوية تجاه إسرائيل بسبب أهميتها التاريخية في الحياة الدينية اليهودية، وفق ذات الموقع الذي ذكر أنه “خلال السنوات الأخيرة، أصبح الحريديم يميلون بشكل متزايد نحو وجهات النظر السياسية اليمينية”. وفقا لموقع الحرة الأمريكي.