مرصد مينا
أعلنت وسائل إعلام إيرانية، اليوم السبت، وفاة الجنرال وجيه الله مرادي مستشار قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، بأحد مستشفيات محافظة مازندران شمالي البلاد.
وقالت وكالة أنباء “دفاع برس” التابعة للجيش المرادي، “إن مرادي المساعد السابق لقائد وحدة القوات الخاصة في فيلق القدس والمستشار الوفي والصديق للجنرال قاسم سليماني، فارق الحياة بعد معاناة استمرت سنوات مع المرض والإصابات في ساحات القتال” على حد قولها.
وأضافت “أن الجنرال مرادي أحد قادة جبهة المقاومة، وبعد سنوات من الألم والمرض، فارق الحياة مساء الجمعة، في مستشفى الخميني بمحافظة مازندران”.
الوعكة الصحية الطارئة التي أدت لوفاة مرادي بحسب مصادر إيرانية أخرى، تأتي في الوقت الذي يتولى مستشفى بقية الله في طهران أولوية استقبال الجنرالات والقادة رفيعي المستوى في الحرس الثوري الإيراني، حيث يوجد طابق خاص لعلاج هذه الشخصيات.
وعلى الرغم من أنه لا توجد أنباء سابقة تشير لأمراض يعاني منها مرادي، أفاد موقع دفاع برس الإيراني، التابع للقوات المسلحة الإيرانية، بأن وفاة العقيد مرادي، “المستشار الوفي والصديق” للجنرال قاسم سليماني، جاءت بعد معاناة استمرت سنوات مع المرض والإصابات في “ساحات القتال”.
وتأتي وفاة مرادي الغامضة في أعقاب سلسلة توترات قاتلة شهدتها الساحات العربية التي ينشط فيها فيلق القدس وأذرعه في سوريا (ضربة بانياس الأخيرة) ولبنان واليمن.
كما تأتي وفاة مرادي أيضاً في أعقاب حادثة تحطم المروحية الرئاسية التي شهدتها إيران وأدت لمقتل رئيسها المتشدد إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية أمير عبد اللهيان وعدد آخر من المسؤولين الحكوميين شمال غرب إيران الشهر الماضي.
من هو العقيد وجيه الله مرادي؟
ينحدر العقيد وجيه الله من مدينة بابلسر في محافظة مازندران شمال إيران، حيث ستستمر مراسم دفنه وتشيعه لمدة أسبوع تقريباً، رغم الوفاة الطبيعية المفاجئة التي أعلن عنها.
وبحسب المواقع الإيرانية يشير سجل مرادي إلى تاريخ حافل من العمل مع ميليشيا فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إذ يحمل ألقابا عدة منها ” أحد قائد جبهة المقاومة” و “رفيق السلاح للفريق قائد سليماني”، ونائب قائد وحدة الإمام علي للقوات الخاصة، ومن “كبار قادة مكافحة الإرهاب”.
وبناء على تصريحاته الخاصة المنشورة خلال السنوات الماضية، يبدو مرادي أحد قادة فيلق القدس الفخورين بسياسة الميدان الإيرانية، وفروع الجيش الإسلامي “متعدد الجنسيات” المدار إيرانياً في المنطقة، لا سيما في اليمن وسوريا، إذ يرى أن إيران استطاعت تشكيل فروع إسلامية في العالم الإسلامي، وتحقيق انتصارات هائلة خلال الحرب السورية واليمنية.
موقع بالاترين الإيراني ذكر أنه بالإضافة إلى العديد من الجرائم التي ارتكبها مرادي في سوريا وقتل الأطفال في هذا البلد، لعب مرادي دوراً بارزاً في قمع الاحتجاجات الشعبية في محافظة مازندران خلال انتفاضة تشرين الثاني 2019 (انتفاضة البنزين)، وانتفاضة أيلول 2022 التي اندلعت على خلفية مقتل الشابة مهسا أميني على يد دوريات الأخلاق الإيرانية.
كان مرادي من أوائل العسكريين الإيرانيين الذين قاتلوا برفقة قاسم سليماني إلى جانب نظام الأسد في سوريا بأمر من المرشد الأعلى، نظراً لخبراته السابقة في المشاركة في الحرب العراقية الإيرانية، وإلى جانب مليشيات حزب الله في حرب الـ 33 يوم في تموز 2006.
وشارك مرادي في العديد من العمليات العسكرية العنيفة التي قادها سليماني ومرافقه الآخر ويده اليمين الحاج أصغر باشبور، الذي قتل بعد شهر واحد من مقتل سليماني في محافظة حلب السورية عام 2020.
ومن بين العمليات التي شارك فيها مرادي عمليات مثل إسقاط مدينة الحاضر والسيطرة على تلة العيس الاستراتيجية في ريف حلب الجنوبي، وهي عمليات عسكرية تعرضت فيها الميليشيات الإيرانية لخسائر فادحة في الأرواح وفقدت على فترات متقطعة عشرات العسكريين الإيرانيين، الذين لم يستطع فيلق القدس استعادة جثثهم بسبب شدة المعارك.
وتذهب مواقع إيرانية أخرى لوصف المعارك التي خاضتها الميليشيات الإيرانية في ريف حلب الجنوبي بين عامي 2014 – 2016 بكربلاء إيران في سوريا، في تعبير عن حجم الخسائر البشرية الكبيرة التي منيت بها هناك.
وفي أحد البرامج المرئية الخاصة التي أعدها بسيج مازندران تخليداً لذكرى قاسم سليماني بعنوان “مثل مالك”، يتحدث مرادي عن خلافات وقعت بينه وبين قاسم سليماني خلال العمليات العسكرية الإيرانية للسيطرة على تلة العيس الاستراتيجية، وأدت في نهاية المطاف لطلب سليماني منه وعدد آخر من القادة الإيرانيين مغادرة سوريا إلى إيران بسبب “مخالفة الأوامر العسكرية”.
من الجدير بالذكر أنه لم يمكن هناك منصب واضح للعقيد مرادي في هيكلية فيلق القدس التنظيمية قبل مقتل سليماني على الأقل، فتارة كان يتم وصفه بأحد القادة الرفيعين في فيلق القدس، أو أحد قادة فيلق القدس بطهران.
وعلى الأرجح كان مرادي أحد القادة المتوسطين في فيلق القدس، قبل أن يشكل مقتل قاسم سليماني نقطة فارقة في تاريخهم، حيث دفع الحدث الكبير إيران لإعادة ترتيب أوراقها وتنظيم هيكلية فيلق القدس من خلال إعادة الدمج وترقية الشخصيات من الطبقات الأدنى.
وربما كان مرادي قائداً لأحد الكتائب المازندرانية العاملة التي جلبها سليماني للقتال في سوريا، وتمت ترقيته عقب مقتل سليماني ليصبح نائباً لوحدة الإمام علي للقوات الخاصة.
ويفوق عدد الإيرانيين المازندرايين الذين قتلوا حتى الآن الـ 40 عسكريا بين قيادي وعنصر في مناطق متفرقة في سوريا كريف حلب ودير الزور، بحسب ما رصده موقع تلفزيون سوريا.