مرصد مينا – بروفايل
فجر رئيس الوزراء التركي الأسبق، “أحمد داوود” أوغلو قبل وقتٍ قصير، مفاجأة كبرى، من خلال طرحه لتساؤل “من يحكم تركيا؟”، مشيراً إلى اسم زعيم الحركة القومية اليمينية “دولت بهجلي”، الذي قال إنه يحكم تركيا بشكل فعلي من خلال الدولة العميقة.
يشار إلى أن مفهوم الدولة العميقة، هو مفهوم سياسي، يعنى به مجموعة من الشخصيات التي تقوم بحكم بلد معين بشكل غير مباشر ودون امتلاك أي مناصب رسمية، وذلك عبر واجهة حكومية تصادق على كل ما يصدر عن تلك الشخصيات، والتي تكون غالباً مكونة من خليط يجمع بين السياسيين ورجال الاقتصاد والعسكريين وبعض الأحيان مع رجال الدين.
فيما يلي يسلط مرصد مينا الضوء على “دولت بهجلي” وعلى الحركة القومية التركية الحليفة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.
بدايةً مع الحركة القومية، هي حركة يمينية شعبوية متطرفة، وتعتبر من أشد المعارضين السياسيين لفكرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كما تربطها بعض التقارير بمجموعة الذئاب الرمادية التركية اليمينية، التي تنتشر في عدة دول أوروبية.
يذكر أن فرنسا قد أعلنت قبل أسابيع قليلة، قراراً بحل المجموعة بسبب أنشطتها المتطرفة، في حين طالب عدد من السياسيين الألمان، حكومة بلادهم باتخاذ قرارٍ مشابه، تزامناً مع اتهامات نمساوية سابقة للحكومة التركية باستغلال بعض الجماعات المتطرفة التركية داخل النمسا لتأجيج مشاعر الكراهية ومنع الأتراك من الاندماج في المجتمع.
تمتلك الحركة القومية في البرلمان التركي 49 مقعداً لتدخل الائتلاف الحكومي من خلال تشكيل أغلبية مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، الحاصل على 295 مقعداً، ليصل إجمالي المقاعد إلى 344 مقعداً من أصل 600.
يشير بعض المعارضين الأتراك إلى أن الحركة القومية تشارك بشكل فعلي في الحكم على الرغم من عدم وجودها في الحكومة على مستوى الوزراء، لافتين إلى أنها تركز في نشاطها على التمركز داخل مؤسسات الدولة ولعب أدوار حيوية في إدارة العمل الحكومي.
أما عن “بهجلي” فولد عام 1948 في بلدة بهجي في عثمانية في تركيا، ولديه شهادة أكاديمية في الاقتصاد من جامعة غازي في أنقرة، ويعتبر ثاني زعيم للحركة القومية، عقب “ألپأرسلان تركش”، حيث يتولى زعامتها منذ عام 1995 وحتى الآن.
شغل “بهجلي” عدة مناصب سياسية أبرزها نائب رئيس مجلس وزراء تركيا من 1999 إلى 2002 في حكومة بولنت أجاويد، كما أصبح عضو في البرلمان التركي منذ 2007، ليترسخ وجوده في البرلمان بعد أن إحتل حزبه المركز الثالث في الانتخابات التركية في سنة 2015، والمركز الرابع في انتخابات عام 2018.
على الرغم من مواقفه السياسية اليمينية، إلا أن “بهجلي”، شارك في الائتلاف الحاكم مع حزب اليسار الديمقراطي وحزب الوطن الأم وعمل وزيرًا ونائبًا لرئيس الوزراء عقب وصول حزب العمل القومي في انتخابات عام 1999 إلى المرتبة الثانية، ولكن مواقفه اليمينية ومعارضته العلنية للانضمام إلى الاتحد الأوروبي خلقت الكثير من المشاكل للائتلاف الحكومي وقتها.
يعرف عن “بهجلي” رفضه الكامل لما يعتبره فروض أوروبية على تركية من إصلاحات سياسية واقتصادية وأمنية، معتبراً أنها تدخلاً في الشأن التركي، ما يدفعه بشكل مباشر إلى رفض الخوض في أي اتفاقيات أو مفاوضات لدخول المنظومة الأوروبية.
يشترك “بهجلي” وفقاً لمحللين سياسيين، مع الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في عدة قضايا مكنتهم من التقارب، خاصة بعد حرب الحلفاء التي خاضها الرئيس ضد شخصيات مقربة من الزعيم اليميني، لافتين إلى أن من بينتلك المواقف، معارضة أي وجود لتيارات كردية انفصالية في تركيا وتصنيفها على أنها إرهابية، الموقف العدائي من الاتحاد الأوروبي، الحدود الكبرى التاريخية لتركيا والتي تتجاوز حدودها الجغرافية الحالية، بالإضافة إلى التركيز على الخطاب الشعبوي والتيار القومي.
وجد “بهجلي” في إبعاد حلفاء الرئيس، من أمثال” أحمد داوود أوغلو” و”علي باباجان” و”عبد الله جل”، عن الساحة السياسية والحكومية فرصة لتحقيق مكاسب سلطة لحركته من خلال التقارب مع “أردوغان”، ليدخل موقفه تجاه الأخير في تقلبات حاسمة، من ترشيح “أكمل الدين إحسان أوغلو” للانتخابات الرئاسية عام 2014 إلى الدخول في تحالف مع الحزب الحاكم.