مرصد مينا – ثقافة
وسط اقتتال الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية فيما عرف ب”أيلول الأسود” في عام 1970، تهبط “صداقة” بهيئة امرأة في العاصمة الأردنية عمان، محذرة من اقتراب موعد إفناء البشرية لنفسها بنفسها.
يصور الكاتب والمنظر والمخرج السينمائي البريطاني “بيتر وولن” في فيلمه الجديد “موت صداقة”، بعد اكثر من ثلاثة عقود على أحداث أيلول الأسود، التي عايشها الكاتب مباشرة.
يدمج “ووَلن” لصنع سيناريو “موت صداقة” بين قصة قصيرة نشرها عام 1967، ويمكن إدراجها ضمن أدب الخيال العلمي، والتجربة المباشرة التي عاشها في أيلول/سبتمبر في الأردن عام 1970، ويبني مقدمته المنطقية على هذه المزاوجة بين التجربة المباشرة وظلالها السياسية والخيال العلمي وآفاقه التأملية الرحبة، ليعيد النظر في كثير من بديهياتنا ومفاهيمنا السائدة.
ويتجسد ذلك في اختياره لشخصية “صداقة”؛ وهي كائن فضائي بلا جنس، لكنها تظهر في صورة امرأة اختارت أن تسمّي نفسها بهذا الاسم، وتقول إنها أرسلت من مجرة أخرى في الفضاء تحمل رسالة للبشرية تحذرها من أنها توشك أن تفني نفسها، إذ كان من المقرر أن تهبط في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (أم آي تي) في الولايات المتحدة الأمريكية، وأن تذهب للأمم المتحدة، ولكنها لسبب ما (تقني) هبطت في الأردن وسط القتال الدائر في أيلول الأسود، وانقطع اتصالها بمركزها في المجرة التي برمجتها، وبات عليها أن تتصرف بنفسها الآن ككائن جديد.
ويعثر المقاتلون الفلسطينيون على “صداقة” من دون أي أوراق ثبوتيه، فيتقدم “سوليفان” الصحفي الصديق لهم، ليقول لهم إنه يعرفها، ولتنتقل للعيش معه في نفس الفندق الذي تسيطر عليه منظمة التحرير الفلسطينية.
وعند هذه النقطة يتحول الفيلم إلى حوارية طويلة تدور في مكان مغلق لا يتعدى غرفتين في الفندق بين “سوليفان” و”صداقة” عن شتى المفاهيم في الفلسفة والأخلاق والوجود الإنساني والكون، فضلا عن قضايا الهوية والجسد والجندر والمستقبل والأتمتة والعلاقة بين الإنسان والآلة، حيث يحاول “سوليفان” أن يعرف حقيقتها وهويتها ولمن تتبع؟ ليقتنع في النهاية بقصتها ككائن فضائي غير بيولوجي، وأنها ليست روبوتا ولا مجرد آلة، بل نظام محاكاة رقمي انتجته تقنيات متقدمة.
وأدى دور “صداقة” الممثلة المعروفة “تيلدا سوينتون”، في ظهورها الثاني سينمائيا بعد فيلم للمخرج “ديريك جارمن”، فيما أدى دور “سوليفان”الممثل “بيل باترسون”.