مرصد مينا
سلطت مجلة “المجلة” السعودية في عددها الأخير الضوء خلال تقرير مطول على الميليشيات الإيرانية في سوريا وأعدادها ومراكز توزعها، وذلك في سياق تطور الأحداث في غزة والمواجهة بين حركة حماس وإسرائيل التي اندلعت في السابع من اكتوبر حيث أجرت الميليشيات التابعة لإيران في سوريا إعادة تموضع لعناصرها من خلال تكثيف حضورها في منطقة الجولان، في محاولة للتلويح بإمكان تحريك هذه الجبهة الراكدة منذ اتفاق “فك الاشتباك” المبرم عام 1974 في حال واصلت إسرائيل قصف قطاع غزة.
لكن رسائل إيران وميليشياتها عبر الجولان اقتصرت حتى الآن على مناوشات تمثلت في إطلاق قذائف الهاون من داخل الأراضي السورية، ما استدعى قصفا إسرائيليا بالمدفعية استهدف نقاط إطلاق قذائف الهاون تلك. وشنت إسرائيل أيضا غارات متتالية على مطاري حلب ودمشق الدوليين مما أخرجهما عن الخدمة مرارا، كما قصفت الأربعاء 25 أكتوبر/تشرين الأول بنى تحتية عسكرية وقاذفات هاون تابعة للجيش السوري في ريف درعا ما أسفر عن مقتل 11 عسكريا سوريا بينهم أربعة ضباط بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك ردا على إطلاق صواريخ من سوريا باتجاه إسرائيل قبل يوم واحد، وفقا للجيش الإسرائيلي.
إلى ذلك أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أن الجيش نفذ الخميس 26 أكتوبر/تشرين الأول، ضربات ضد منشأتين في شرق سوريا يستخدمهما الحرس الثوري الإيراني وجماعات يدعمها، رداً على سلسلة من الهجمات ضد القوات الأميركية في كل من العراق وسوريا.
يعود انتشار الميليشيات التابعة لإيران في سوريا إلى مايو/أيار 2011، أي بعد نحو شهر ونصف الشهر من اندلاع الاحتجاجات ضد الحكومة السورية، وبحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان” يبلغ عديد هذه الميليشيات (سورية، عراقية، لبنانية، أفغانية، باكستانية) ما لا يقل عن 65 ألف عنصر يتوزعون في مناطق سيطرة الحكومة السورية، بينما أقر قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي في أغسطس/آب 2020 بأن عدد هؤلاء أكثر من 100 ألف عنصر وهم منضوون في 70 ميليشيا.
إلى ذلك، ذكر “المرصد” في ديسمبر/كانون الأول 2021، أن تعداد عناصر الميليشيات التابعة لإيران في الجنوب السوري (محافظات درعا، القنيطرة، السويداء) يقدر بنحو 11500 عنصر، وأن عمليات التجنيد تتم عن طريق “سرايا العرين” التابعة لـ”اللواء 313″ ومركزه في شمال درعا، وكذلك في منطقة اللجاة بريف درعا، وبلدة خان أرنبة، ومدينة البعث بريف القنيطرة، وفي ريف السويداء.
بدوره كشف موقع “إيران وير” في تقرير نشره في مايو/أيار 2020 بشأن خريطة انتشار الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق، أنه وبعد سيطرة القوات الحكومية السورية على الجنوب السوري صيف العام 2018، شكلت إيران 16 مجموعة مقاتلة محلية وأتبعتها لما يسمى “حزب الله السوري”، في وقت تفيد معلومات “المجلة” بأن ميليشيات غير سورية تنتشر في تلك المنطقة منذ السنوات الأولى للحرب الأولى، ويضم بعضها مقاتلين من “حزب الله” وبعضها الآخر يضم مقاتلين من جنسيات أجنبية.
وذكر “إيران وير” أبرز الجماعات التي تنتسب إلى “حزب الله السوري” في درعا وهي:
1- “سرايا العرين”: تشكيل عسكري من أبناء درعا مقره الرئيس في حي الكاشف بمدينة درعا، ويبلغ عديده 600 عنصر بقيادة وسيم مسالمة، من مهامه القتال إلى جانب الجيش السوري ضمن محافظة درعا، ويتلقى تمويلا من إيران.
2- “لواء درع الوطن”: يبلغ عدد عناصره نحو 400، بقيادة طارق معروف ومقره مدينة درعا، وازداد عدد عناصره بعد سيطرة الجيش السوري على مناطق الجنوب.
3- “مجموعة خالد الحشيش”: تشكلت من عناصر “المصالحات” التي أجرتها الحكومة السورية، ويقودها خالد الحشيش المقرب من الفرقة الرابعة (بقيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار الأسد)، ومقرها الرئيس في بلدة تل شهاب بريف درعا الغربي، وينتشر عناصرها في المنطقة الحدودية مع الأردن في بلدات تل شهاب والطبريات وزيزون.
4- “مجموعة أبو سالم”: يبلغ عدد عناصرها 300 عنصر، بقيادة أحمد مهاوش، الملقب بـ”أبو سالم الخالدي” ومركزها الرئيس في بلدة خراب الشحم، وتتمركز أيضا في بلدات العجمي ونبع الفوار وخربة قيس ونهج، ويعمل عناصرها في تهريب المخدرات إلى الأردن.
5- “مجموعة هيثم أبو سعيفان”: يبلغ عدد عناصرها نحو 200 ويرأسها هيثم أبو سعيفان وهو عنصر متقاعد من الأمن العسكري، ويعمل حاليا لصالح “حزب الله”. تنتشر في بلدة الشجرة والقرى المحيطة بها على الحدود مع الجولان غربا والأردن جنوبا في منطقة حوض اليرموك.
6- “مجموعة مجد الملوحي”: مقرها في منطقة اللجاة بريف درعا الشمالي الشرقي وهي تتبع لـ”حزب الله” وغالبية عناصرها من فصائل “المصالحات” (ألوية العمري سابقا) وعددهم قرابة 200 عنصر، وينشطون في تهريب المخدرات.
7- “مجموعة سامر الحريري”: قوامها 200 عنصر من فصائل المصالحات (فرقة عمود حوران سابقا) بقيادة سامر الحريري (قائد عسكري في الجيش السوري الحر سابقا) ومركزها في بلدة بصرى الحرير بريف درعا الشرقي.
8- “مجموعة محمد الحراكي”: يقودها محمد الحراكي ويبلغ عدد عناصرها نحو 100 غالبيتهم من عناصر “المصالحات” ومقرها في بلدة المليحة بريف درعا الشرقي.
9- “مجموعة فارس الحويلة”: قوامها قرابة 100 من عناصر “المصالحات” بقيادة فارس الحويلة ومركزها بلدة غصم في ريف درعا الشرقي.
10- “مجموعة علي العذبة”: عناصرها من أبناء مدينة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي ويقودها علي العذبة.
كما ذكر “إيران وير” أن مجموعات القنيطرة التابعة لـ”حزب الله السوري” هي:
1- “مجموعة خضر حليحل”: تتمركز في بلدة الرفيد وسط القنيطرة على الشريط الحدودي وتتكون من عناصر “المصالحات” (لواء السبطين سابقا).
2- “مجموعة أحمد كبول”: تتكون من عناصر موالية للحكومة السورية ومركزها في بلدة خان أرنبة بريف القنيطرة الشمالي.
3- “مجموعة معاذ نصار”: تتألف من عناصر “المصالحات” من أبناء بلدة جباتا الخشب ومحيطها.
4- “مجموعة باسل حسون”: تتكون من مقاتلين دروز يتحدرون من بلدة حضر في ريف القنيطرة الشمالي.
5- “مجموعة أبو غدير”: تتألف من عناصر “المصالحات”، وكانت إحدى التشكيلات المعارضة، وتتمركز في بلدة غدير البستان بريف القنيطرة الجنوبي.
6- “مجموعة ظاهر الحمد”: تتألف من عناصر “المصالحات” وكانت تابعة للمعارضة وتتمركز في بلدة صيدا بريف القنيطرة الجنوبي.
مواقع قوات إيران وميليشياتها
ولفتت تقارير إلى أن طهران “تسعى إلى توسيع نشاطها العسكري في الجنوب السوري عبر استقطاب المزيد من العناصر ترغيبا أو ترهيبا”.
وتسيطر الميليشيات الموالية لإيران، وفق الموقع، على تلال مهمة عدة في الجنوب السوري، مثل: تل مرعي، وتلول فاطمة، وتل أيوب، وتل قرين، وتل الحارة، وتل الجابية، وتل جموع، والتلول الحمر: وتل الزعتر، وتتخذ من هذه التلال مراكز رصد متقدم تحت غطاء الجيش السوري ويتنقل عناصرها بآلياته ولباسه.
تستخدم “الفرقة الرابعة” وغيرها من القوات المدعومة إيرانيا مقرات الجيش السوري كمراكز عمليات مؤقتة يتم تغييرها بين الحين والآخر خشية استهدافها من قبل التحالف الدولي أو إسرائيل
كما تستخدم “الفرقة الرابعة” وغيرها من القوات المدعومة إيرانيا مقرات الجيش السوري كمراكز عمليات مؤقتة يتم تغييرها بين الحين والآخر خشية استهدافها من قبل التحالف الدولي أو إسرائيل.
كما تنتشر في القنيطرة ميليشيات “فوج الجولان” التي يرأسها خالد أباظة أمين فرع حزب البعث في المحافظة، وتضم خمس كتائب وسرية واحدة، ويصل عدد عناصرها إلى أكثر من 325، وترتبط بعلاقة متينة مع “حزب الله” إذ خضع عدد من عناصرها لدورات عسكرية في معسكرات الحزب بلبنان، كما تتلقى الدعم المالي واللوجستي والعسكري من الحزب مباشرة.
وفي منتصف عام 2022 نشرت خريطة جديدة لمواقع القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في مناطق سوريا الجنوبية والوسطى والشمالية، بالإضافة إلى مناطق انتشار مواقع صناعة المخدرات وتهريبها والتي تسيطر عليها تلك الميليشيات.
وبينما أظهرت الخريطة الجديدة وجود 28 موقعا للقوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في المنطقة الجنوبية، قال الموقع: “قاموا بإنشاء اللواء العسكري الشيعي 313 برئاسة إبراهيم مرجي ومقره في مدينة أزرع، ويتألف من نحو 1200 مقاتل، وهو تابع للحرس الثوري الإيراني ومهمته حماية مخازن الأسلحة الاستراتيجية في المنطقة الجنوبية”.
اتفاق الجنوب السوري
شهد صيف عام 2018 إبرام اتفاق تسوية سيطر بموجبه الجيش السوري وحلفاؤه على الجنوب السوري، وكان مهد له اتفاق وقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 من قبل الأردن وروسيا والولايات المتحدة وينص، بحسب ما نشر “مركز مالكوم كير- كارنغي”، على عدم السماح للقوات الأجنبية بالدخول إلى معظم محافظتي درعا والقنيطرة.
وأضاف “كارنغي”: “رسميا، لم تكن إسرائيل من الأطراف الموقعة، بيد أن هذا الشرط بالتحديد رسم صراحة خطا إسرائيليا أحمر مهما في المنطقة. على هذا الأساس، يُمنع على إيران والقوات المدعومة منها مثل حزب الله الانتشار في مناطق واسعة من الجنوب بالقرب من مرتفعات الجولان ووضع أسلحة موجهة هناك وبناء قواعد ثابتة أو أي نوع من البنى التحتية التي تسمح بشن هجمات ضد إسرائيل”.
تبع ذلك تأكيد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف في تصريحات صحافية، انسحاب القوات الإيرانية لمسافة 85 كيلومترا من مواقعها السابقة في الجنوب السوري برعاية روسيا.
لافرينتييف أوضح آنذاك، أنه من المتوقع أن يجري في المنطقة المنزوعة السلاح بين سوريا وإسرائيل إطلاق العمل الشامل لقوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF)، لافتا إلى أن الجانب الروسي نسق هذه الخطة مع الطرف الإسرائيلي. وأضاف: “نأمل في أن يحصل ذلك في أقرب وقت ممكن وأن المراقبين في هذه القوة سيقومون بواجباتهم خلال فترة قريبة جدا”.
وكانت تقارير صحافية قد أشارت وقتذاك إلى قيام الميليشيات التابعة لإيران في جنوب سوريا بعمليات إعادة انتشار أفضت إلى توجه كثير من عناصرها إلى القواعد الإيرانية في وسط سوريا وشرقها، في وقت ذكر فيه “المرصد السوري” في سبتمبر/أيلول 2020، أن القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها لا تزال تواصل عمليات التجنيد لا سيما في مناطق الجنوب السوري وغرب الفرات. وأشار إلى أن عدد العناصر في صفوف القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها في الجنوب السوري ارتفع إلى أكثر من 7400 وتحديدا ضمن “سرايا العرين” التابعة لـ”اللواء 313″.
وكشفت مصادر من جنوب سوريا لـ”المجلة”، أن القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها زادت من وجودها في المنطقة بعد شن روسيا الحرب على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022. وأضافت: “ربما حصل الأمر بتفاهم أو بتواطؤ مع روسيا على خلفية الموقف الإسرائيلي من تلك الحرب”.
تحشيد إيراني
ما إن اندلعت الحرب بين “حماس” وإسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حتى بدأت الأنباء تتردد عن تحشيد كبير تقوم به القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها على طول الشريط في “جبهة الجولان”، وفي السياق، قالت مصادر عدة في المنطقة لـ”المجلة”: “كنا نشاهدهم دائما ولكن ليس بهذه الأعداد الكبيرة على طول خط الجبهة”.
إلى ذلك، ذكر موقع “صوت العاصمة” الإخباري السوري، نقلا عن مصادر أمنية في اليوم التالي لبدء الحرب، أن مجموعات من “وحدة الرضوان” التابعة لـ”حزب الله” وصلت خلال 24 ساعة إلى الأراضي السورية وانتشرت بمحاذاة الشريط الحدودي، بينما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن تلك الوحدة تعتبر وحدة النخبة في الحزب وتتمتع بقوة صاروخية كبيرة، مضيفة أن عناصر الميليشيا ينتشرون على طول الحدود ضمن تشكيلات عسكرية تابعة للجيش السوري.
وبحسب مصادر “صوت العاصمة” فإن ضابطا في “الحرس الثوري” الإيراني يدعى محمد أسد الله انتقل مع مجموعات من “الحرس” من بلدة السيدة زينب في ريف دمشق الجنوبي إلى منطقة الجولان، مشيرة إلى أن أسد الله أشرف مع مجموعته على نقل طائرات مسيرة من مقرات تابعة للحرس الثوري في محافظة درعا إلى مواقع عسكرية على مقربة من الجولان.
وذكرت المصادر نفسها أن “الحرس” و”حزب الله” نقلا أسلحة ومعدات عسكرية من مستودعاتهما في بلدة عقربا بريف دمشق الجنوبي ومن محيط مطار دمشق الدولي، ورجحت أن تكون وجهة هذه الشحنات العسكرية المنطقة الجنوبية.
وفي السياق ذاته، نقل “صوت العاصمة” في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول عن مصادر وصفها بـ”الخاصة” أن مجموعات تتبع لـ”حزب الله” وصلت من معسكراته في لبنان وسوريا إلى السكن الشبابي بالقرب من بلدة بريقة التابعة لمحافظة القنيطرة، وانتشرت في نقاط تبعد عن “جبهة الجولان” قرابة كيلومترين، بينما تلقت ميليشيا “فوج الجولان” أوامر برفع جاهزيتها واستدعاء جميع عناصرها في محافظة القنيطرة وعدم القيام بأي نشاط عسكري إلا وفق ما تؤمر به، لافتة إلى أن ميليشيا “فوج الجولان” تنتشر في مدينتي البعث وخان أرنبة وبلدة جبا، كما ينتشر عناصرها ومجموعات محلية تابعة لها في معظم القرى القريبة من الشريط الحدودي.
قصف مطاري حلب ودمشق
في ظل اشتداد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة والتهديدات بين إيران وإسرائيل بتوسيع نطاق الحرب، أطلقت الميليشيات الإيرانية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول عددا من قذائف الهاون من منطقة حوض اليرموك في الجهة الغربية من محافظة درعا المحاذية لمنطقة الجولان على المستوطنات الإسرائيلية في الجولان.
وفي المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته أطلقت قذائف مدفعية وقذائف مورتر باتجاه سوريا، بعد سقوط عدد من القذائف في مناطق مفتوحة بالقرب من مستوطنة رمات مغشيميم، ولم ترد أنباء عن وقوع أضرار أو إصابات.
وأتبعت إسرائيل ذلك برسالة نارية للحكومة السورية من خلال قصف مطاري دمشق وحلب الدوليين في 12 أكتوبر/تشرين الأول وإخراجهما عن الخدمة. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن القصف جاء ردا على إطلاق قذائف هاون من سوريا على مستوطنات الجولان.
وفي اليوم التالي نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية حسن كعبية قوله إن الضربات الإسرائيلية على هذين المطارين بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى دمشق، هي رسالة تحذير لإيران وميليشياتها بأن لا تدخلوا الحرب، وأن قصف مطار دمشق لم يكن القصد منه استهداف طائرة الوزير الإيراني، وإنما تحذير لسوريا التي تشكل ممرا لنقل الصواريخ والأسلحة من إيران إلى “حزب الله”.
وعاود الطيران الإسرائيلي استهداف مطار حلب في 14 أكتوبر/تشرين الأول مما أخرجه مجددا عن الخدمة بعد أن كان قد استؤنف العمل فيه قبل يوم واحد.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قصف مطار حلب جاء ردا على إطلاق صاروخ من داخل الأراضي السورية باتجاه إسرائيل، بينما قصف سلاح الجو الإسرائيلي ليل 11/12 أكتوبر/تشرين الأول موقعا للجيش السوري في محافظة القنيطرة، وفق ما أفاد “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.
إلى ذلك جددت إسرائيل فجر الأحد 22 أكتوبر/تشرين الأول قصفها لمطاري دمشق وحلب الدوليين ما أدى إلى خروجهما عن الخدمة مجددا، كما قتل شخص وأصيب آخر من العاملين في مطار دمشق، بحسب “الوكالة السورية للأنباء” (سانا). والأربعاء 25 أكتوبر/تشرين الأول استهدف الطيران الإسرائيلي مدرج مطار حلب مجددا ما أخرجه أيضا عن الخدمة.
ميليشيات “منوّعة”
بالعودة إلى تقرير “إيران وير” في مايو/أيار 2020 حول خريطة انتشار الميليشيات الإيرانية في كل من سوريا والعراق، فقد أشار الموقع إلى وجود تشكيلات عسكرية غير عربية في البلدين هي إضافة إلى الحرس الثوري الإيراني و”فيلق القدس” التابع له (يقدر عديدهم في سوريا بنحو 8 آلاف عنصر ينتشرون في ريف دمشق وطرطوس واللاذقية):
-“لواء فاطميون”: مكون من الأفغان الهزارة (جماعة عرقية أفغانية) الفارين إلى إيران، وتأسس سنة 2014 بقيادة علي رضا توسلي الذي قتل في درعا خلال معارك 2015 ويبلغ عدد مقاتليه نحو ثلاثة آلاف ينشرون في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق.
-“لواء زينبيون”: يتألف من مقاتلين باكستانيين وغالبيتهم من البشتون (جماعة عرقية في باكستان وأفغانستان)، مؤسسه محمد جنتي، الملقب بـ”الحاج حيدر” وهو باكستاني قتل في حماة أثناء قتاله ضد فصائل المعارضة. ينتشر مقاتلوه وعددهم نحو 1000 في دمشق والضواحي القريبة منها بذريعة حماية مقام “السيدة زينب”، وشارك في المعارك إلى جانب الجيش السوري في حلب ودرعا وحماة. وكان “زينبيون” قد انشق عن “لواء فاطميون” ويتلقى عناصره تدريبات في إيران ثم يرسلون إلى سوريا.
أما الميليشيات العربية فهي:
– “حزب الله”: لا يتخذ مواقع ثابتة له في سوريا ويستخدم القطع العسكرية الخاصة بالجيش السوري لتنفيذ عملياته وممارسة نشاطه. كما يستخدم منازل مدنية في منطقة “السيدة زينب” جنوب دمشق كمقار مؤقتة تتغير بين الحين والآخر، ويتنقل عناصره في محيط مقام “السيدة رقية” في دمشق القديمة وبخاصة في منطقة “حي الشاغور” ذات الأغلبية الشيعية، إضافة إلى وجوده في مدينة القصير بريف حمص الغربي بعد أن هجر أهلها إثر المعارك ضد فصائل المعارضة. ويفرض الحزب نفوذه وسيطرته على معظم التشكيلات الشيعية في سوريا بينما يقابل بالرفض من قبل كثير من الميليشيات السورية بسبب الأفضلية التي يعطيها الجيش السوري للمقاتيلن اللبنانيين على السوريين.
– “لواء أبو الفضل العباس”: يتألف من مقاتلين عراقيين تحت قيادة ماهر عجيب جظة، الملقب بـ”أبو عجيب” وهو من بلدة نبل في ريف حلب، وعدد مقاتليه غير ثابت بسبب الانشقاقات المتكررة منه.
– “كتائب حزب الله العراقي”: تشكيل عراقي أرسل كثيرا من مقاتليه، البالغ عددهم نحو 7 آلاف، إلى سوريا سنة 2013 بقيادة هاشم الحمداني (أبو آلاء)، وهو مدعوم من إيران ويتعاون مع “حزب الله السوري” في تنفيذ عملياته، إضافة إلى تلقيه تدريبات عسكرية في لبنان.
– “حركة النجباء العراقية”: تشكيل عراقي مدعوم من إيران، قاتل إلى جانب الجيش السوري في مناطق سورية عدة أبرزها ريف حلب ودمشق، كما شارك في فك حصار فصائل المعارضة على بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب، وتتسم الحركة بالتنظيم الجيد ولديها قناة تلفزيونية تحمل اسمها وموقع إخباري.
– “عصائب أهل الحق”: جماعة عسكرية عراقية أرسلت كثيرا من مقاتليها إلى سوريا ولها مقرات فرعية في ريف دمشق والبوكمال، وهي متهمة باغتيال رجال دين وزعماء سنة في العراق وسوريا، وتتلقى تمويلا من إيران ومن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي ومن عمليات الخطف وتقاضي فدية مالية.
– “فيلق الوعد الصادق”: ميليشيا عراقية يرأسها محمد حمزة التميمي، الملقب بـ”أبو علي النجفي”، وقوامها نحو ألفي عنصر بين العراق وسوريا ومقرها الفرعي في ريف دمشق وتتركز مهامها القتالية في دمشق وحلب وضمت مؤخرا عناصر من بلدتي كفريا والفوعة ومعرة معصرين التابعة لمحافظة إدلب.
– “سرايا طلائع الخرساني”: تشكيل عراقي تأسس عام 1984 ويرأسه علي الياسري، وتعتبر الجناح العسكري لـ”حزب الطليعة الإسلامي”، ويبلغ عدد مقاتليها نحو 5 آلاف بين العراق وسوريا، ومن أهم مهامها حماية مطار دمشق الدولي وتتلقى دعما ماليا وعسكريا من إيران ومركزها الرئيس في النجف ولها مكاتب فرعية في واسط وكربلاء والبصرة بالعراق وفي ريفي دمشق وحلب بسوريا.
– “قوات الشهيد محمد باقر الصدر”: تشكيل عراقي مهمته مؤازرة عناصر الأمن العام ووزارة الداخلية التابعتين للحكومة السورية، ويرتدي عناصرها زي الشرطة السورية.
– “لواء الإمام الحسين”: تشكيل عراقي ينتشر في ريف دمشق وفي حلب ويرأسه أمجد البهادلي.
– “لواء ذو الفقار”: تشكيل عراقي بقيادة أبو شهد الجبوري شارك في معارك عدة ضد فصائل المعارضة في ريف دمشق.
كما تنتشر في سوريا تشكيلات عراقية صغيرة عدة مثل: “لواء عمار بن ياسر”، و”لواء أسد الله الغالب”، و”سرايا عاشوراء”، و”جيش المؤمل”، و”لواء اليوم الموعود”، و”لواء بقية الله”، و”فوج التدخل السريع”.
– “لواء صعدة اليمني”: وهو تشكيل يمني من المقاتلين الحوثيين، يبلغ عددهم قرابة 750، قاتلوا إلى جانب الجيش السوري في أرياف دمشق الجنوبية والشرقية، إلا أنهم عادوا إلى اليمن إثر اندلاع الحرب هناك.
– “لواء القدس الفلسطيني”: تشكيل عسكري من الفلسطينيين المقيمين في سوريا وبخاصة في مخيم باب النيرب في حلب. أسسه المهندس محمد السعيد سنة 2013 بدعم من إيران وشارك في معارك عدة في حلب ودمشق ودير الزور ودرعا، ويتراوح عدد مقاتليه بين 2500 وثلاثة آلاف، ومقره الرئيس مخيم باب النيرب ولديه معسكرات تدريب في مخيم حندرات والشيخ نجار والملاح في ريف حلب.
– “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة”: تشكيل فلسطيني قديم مقره الرئيس في دمشق ويرأسه طلال ناجي. شارك عناصره في القتال إلى جانب الجيش السوري وانضم إليه مزيد من المقاتلين الجدد ويتلقى دعما من إيران. شارك في معارك مخيمي اليرموك وفلسطين وريف دمشق الجنوبي وانشق عنه الكثير من مقاتليه لينضموا إلى فصائل المعارضة في مخيم اليرموك تحت اسم “القيادة العامة الحرة”، وتربطه علاقات وثيقة بـ”حزب الله”. يتدرب عناصر “الجبهة” في معسكراتها داخل لبنان، كما أن لديها معسكرات تدريب في صيدنايا بريف دمشق الشمالي، والصبورة في ريف دمشق الغربي.
ميليشيات سورية
إضافة إلى المقاتلين الإيرانيين والعرب والأجانب ينضوي مقاتلون سوريون ضمن ميليشيات مسلحة من مذاهب عدة شيعية وسنية ودرزية وعلوية وغيرها، تستمد تمويلها من إيران ومن رجال أعمال سوريين. ومنها من يعمل في تجارة المخدرات وتهريب النفط بين الحكومة وتنظيم داعش، أو بين الحكومة و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وتشارك هذه الميليشيات في المعارك كقوات رديفة للجيش السوري وهي:
– “ميليشيا القاطرجي”: أسسها رجل الأعمال حسام أحمد قاطرجي (صاحب مجموعة قاطرجي للتجارة والنقل، فضلا عن شركات زراعية وعقارية عدة)، وجندت مقاتلين من دير الزور شاركوا إلى جانب الجيش السوري في معارك دير الزور وحلب وإدلب. وتمول هذه الميليشيا نفسها من خلال تهريب النفط بين “قسد” والحكومة السورية عبر شركة القاطرجي التي تملك أكثر من 400 سيارة معدة لنقل النفط.
– “قوات الدفاع الوطني”: هي تشكيلات عسكرية تتمركز في مراكز المحافظات، وتتلقى دعما من الجيش السوري ومرتبطة مباشرة بـ”فيلق القدس” وتشارك في عملياته العسكرية. يختلف عديدها بحسب المحافظة ويرأسها فادي أحمد. تفيد التقارير بأن عدد عناصرها وصل عام 2013 إلى 100 ألف عنصر.
– “قوات النمر”: يبلغ عديدها نحو 8 آلاف مقاتل بقيادة العميد سهيل النمر، وهي قوات سورية برية موالية لإيران تمتلك دعما عسكريا ضخما وشاركت في السيطرة على مناطق عدة في سوريا بتغطية جوية من المقاتلات الروسية. واتهمت هذه القوات باستباحة المناطق التي تسيطر عليها من خلال ما يسمى “التعفيش”، أي سرقة ممتلكات المدنيين وبيعها في أسواق خاصة في دمشق وحلب، يطلق عليها اسم “سوق السنة”.
– “جمعية البستان”: جمعية خيرية في ظاهرها. تأسست عام 1999 وتتبع لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف (ابن خال الرئيس الأسد). عند اندلاع الاحتجاجات ضد الحكومة تحول متطوعوها إلى قمع المحتجين والقتال إلى جانب الجيش السوري. وتتهم الجمعية بدعم نشر المذهب الشيعي إثر التغلغل الإيراني في سوريا، وساعدت في بناء الحسينيات والمدارس الشرعية وإقامة الاحتفالات الشيعية في الساحل السوري ودمشق. فككت قبل سنتين بقرار من الأسد.
– “كتيبة الفوعة”: تشكيل عسكري غالبية مقاتليه من المذهب الشيعي وقوامه 300 مقاتل من أبناء بلدة الفوعة يتلقون الدعم العسكري واللوجستي من إيران. كان مركزها في الفوعة بريف إدلب ثم انتقلت إلى ريف دمشق بعد سيطرة فصائل المعارضة على الفوعة.
– “كتيبة الزهراء”: تشكيل عسكري من أبناء بلدة الزهراء في حلب، مدعوم من إيران ويقاتل إلى جانب الجيش السوري.
– “كتيبة العباس”: تتألف من أبناء بلدتي كفريا والفوعة وقوامها نحو 200 مقاتل يتلقون دعما من إيران ويقاتلون إلى جانب الجيش السوري.
– “كتيبة شهيد المحراب”: تشكيل عسكري من بلدة نبل قوامه نحو 150 مقاتلا يتلقون دعما من إيران ويقاتلون إلى جانب الجيش السوري.
– “حزب الله السوري”: تشكيل عسكري من ميليشيات سورية عدة كانت تسمى اللجان الشعبية والوطنية وانتشرت في سوريا منذ 2013. قاتل إلى جانب الجيش السوري وينتشر في مراكز المحافظات ويتلقى تدريباته العسكرية في لبنان بينما دعمه المالي من إيران.
830 قاعدة ونقطة عسكرية
نشر “مركز جسور للدراسات”، منتصف أغسطس/آب 2023 مادة بحثية تضمنت مجموعة من الخرائط والرسوم التحليلية، تظهر أعداد وأماكن توزع القواعد والنقاط العسكرية الأجنبية لمختلف القوى الخارجية المتدخلة عسكريا في سوريا (التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، وتركيا، وإيران، و”حزب الله”).
وأظهرت البيانات التي عرضها “جسور” بالتعاون مع مؤسسة “إنفورماجين لتحليل البيانات” وجود 830 قاعدة ونقطة عسكرية أجنبية في سوريا حتى منتصف عام 2023 وتتوزع في المحافظات السورية كلها بينما لإيران القسم الأكبر منها والبالغ 570 قاعدة ونقطة موزعة على 55 قاعدة و515 نقطة عسكرية، تلتها تركيا: 125 قاعدة ونقطة، بعدها روسيا: 105 قواعد ونقاط، وأخيرا التحالف الدولي بقيادة أميركا: 30 قاعدة ونقطة.
وأشارت البيانات إلى أن المواقع العسكرية للقوى الخارجية في سوريا شهدت زيادة ملحوظة إذ وصل عددها إلى 830 موقعا مع حلول يونيو/حزيران 2030 بعد أن كان 753 موقعا منتصف عام 2022.