نازحون يبحثون عن “مدافن”.. مدافن فقط

بعد نزوح الاوكران، هرعت أوروبا كل اوروبا لاحتضانهم، وهذا واجب إنساني يسجّل لها، وسبق أن سجلت خطوة طيبة إزاء السوريين، لكن المنسي، هو أولئك الآلاف ممن هربوا من الحروب والنزاعات ومن بينهم أفغان / سوريون / ومن جنسيات منكوبة أخرى وصلوا اليونان، وأبسط ما يقال عنهم أنهم اليوم يواجهون معضلة.. معضلة عنوانها:

ـ عجزهم عن العثور على أماكن لدفن من توافيه المنية منهم في بعض الجزر اليونانية.

لاجؤون دفع معظمهم جميع مدخراته للمهربين، ليتمكنوا من الوصول للقارة الأوروبية.

مثالهم، في جزيرة ليسبوس اليونانية فهناك ينتظر آلاف اللاجئين، الذين لم يجدوا لهم مكانا في مراكز الإيواء، ومعظمهم من النساء والأطفال، على رصيف الميناء، وسط أحوال جوية صعبة، على أمل أن يتمكنوا من ركوب السفن إلى أثينا.

وفي ظل عجز الهيئات الحكومية عن توفير كافة احتياجات اللاجئين، الذين يتدفقون باستمرار على الجزيرة، يقوم المواطنون بتوزيع ما يتمكنون من جمعه من مواد غذائية على اللاجئين، ويتطوع عدد من الأطباء لتقديم الخدمات الصحية لهم.

بيان صادر عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يفيد، بأن الآلاف من النساء والأطفال اللاجئين، يبيتون في العراء، ويتعرضون للعديد من المخاطر، منها الاستغلال والعنف الجنسي.

ودعت المفوضية لجمع مبلغ 32 مليون يورو بشكل عاجل، لإنشاء أماكن لإيواء اللاجئين، قبل دخول الشتاء.

ـ ياسلام.

وبعد؟

تشهد الجزيرة يوميا وفاة العديد من اللاجئين بسبب ظروف المعيشة السيئة، ويدفن هؤلاء دون معرفة هوياتهم، في مقابر يسجل على شواهدها، أرقام فقط.

وفي بعض الجزر اليونانية التي تشهد تدفقا كبيرا للاجئين، لم يعد هناك مكان في مقابرها لدفن من يتوفون من اللاجئين، ما أدى إلى لجوء السلطات المحلية لحفظ جثث المتوفين، حيث تحتفظ في جزيرة ليسبوس بـ55 جثة في البرادات، وفي جزيرة ساموس توجد جثث أكثر من 30 لاجئ في البرادات بانتظار العثور على مكان لدفنها.

المسؤولون المحليون في الجزر، لم يتمكنوا بعد من العثور على حلول للمشاكل التي يعاني منها اللاجئون، ومنها توفير أماكن لدفن من يتوفون منهم.

ووفقا لإحصاءات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وصل 700 ألف لاجئ إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، خلال العام الحالي، معظمهم من السوريين والأفغان.

وقالت منظمة الهجرة الدولية إن شهر أكتوبر/ تشرين أول الماضي ، شهد عبور 99 ألف لاجئ من تركيا إلى جزيرة ليسبوس اليونانية، و22 ألف لاجئ إلى جزيرة خيوس، و21 ألف و500 لاجئ إلى جزيرة ساموس، و7500 لاجئ إلى جزيرة ليروس. وانتقل معظم هؤلاء إلى بر اليونان الرئيسي، إلا أن أكثر من 20 ألف لاجئ لا يزالون في تلك الجزر.

من اللاجئين من يقول:

ـ لسنا “شقر” البشرة، ثم يضيفون:

لو كنا شقرًا لما كان هذا حالنا.

أوروبا اليوم منشغلة بالاوكران، فلهم الاولوية، اما من تبقى من اللاجئين فهم “بروليتاريا” اللجوء وهوامشه، وليس ثمة من يتطلع إلى الهامش.

النصّ في مكان والهامش في مكان آخر، وعلى الهامش ثمة من يبحث عن :

ـ مدفن.

مدفن اوروبي فقط وقد هرب من بلاد حوّلها الحروب إلى مدافن عالم ثالث.. عالم مازال اللعبة على قطعة شطرنج هذا العالم.

Exit mobile version