من التسريبات المتصلة بمؤتمر طهران وقد جمع الإيراني ابراهيم رئيسي، فلاديمير بوتين، رجب الطيب أردوغان، أن روسيا فوّضت الشأن السوري كليًا إلى طهران، ومما تسرّب أيضًا أن تركيا تشتغل على رفع العقوبات عن إيران مقابل تفاهمات إيرانيةـ إسرائيلية في لبنان، ولكل مصلحته.
الروس يتركون سوريا لإيران مقابل الحفاظ على حميميم، والأتراك يشتغلون على تفاهمات إيرانية ـ إسرائيلية، توطيدًا للعلاقات الإسرائيليةـ التركية، أما الإيرانيون فقد باتوا الاكثر ربحًا مقابل ما يشبه حلفًا دوليًا، لن يكون بالمواجهة، ولكن ليرتب شؤونه مابعد الحرب الروسيةـ الاوكرانية وقد امسك الروس بعنق المجموعة الاوربية عبر الغاز، حتى باتت أوروبا تئن تحت وطأة خطوطه، فيما الروس باتوا رابحين مرتين:
ـ مرة باستعادة مافقدوه من دور أممي.
وثانية بتوطيد مكانهم في القرم وفي أجزاء من أوكرانيا.
ولسوريا ولبنان حصتهم من هذه التوافقات.
الحصة السورية هي الإبقاء على بشار الأسد ومطالبته بإصلاحات، أما الإبقاء عليه فهو إبقاء بقوة السلاح الإيراني، فيما الإصلاح لابد ويبقى كلام في الهواء، فأنظمة من طراز نظام بشار الأسد لن يكون إصلاحها سوى بترحيلها وهو مالن يقبل به الإيرانيون.
الحصة التركية ستكون الشمال السوري، بالتسويات بديلاً عن آلة الحرب، وهو ماعطّل الآلة التركية وقد بلغت في استعداداتها اجتياح مناطق الشمال، فيما الظاهر من التسويات هو عودة ” قسد” الى بشار الاسد، لتنسحب لحساب انضواء جيشها في جيشه وهذا يريح الأتراك ويعفيهم من حرب ستثير الزوابع حول النظام التركي، في الوقت الذي يشتغل فيه على أن يتحوّل إلى نظام وساطات وتسويات، مرة على الجانب الاوكراني ـالروسي، وثانية على الجانب الإسرائيلي ـالإيراني، والاهم الاشتغال على الجانب اللبناني الإسرائيلي، عبر اشتغاله على ترسيم الحدود البحرية اللبنانية ـ الإسرائيلية، ويبدو أنه دخل لعبة الترسيم من بوابتها الضيقة ليفاجأ العالم بأنه وصل الى العواقب الحميدة في هذا الترسيم، ما يمنحه شرعية دولية قلما حظي بها، ويمنحه فرصة واسعة على مستوى الداخل التركي والانتخابات الرئاسية التركية على مرمى ذراع من الآن.
في اللعبة ثالوث بات يتقن اللعب، ومن يلتفت إلى الحوار ـ السعودي التركي، ومن ثم الرسائل الإيرانية ـ السعودية، يترك جدية الثالوث كلاعب، وفي خلفية الثالوث “صين”، تشتغل باعتماد استراتجيات الخلد، تحفر دون أن تُرى، وتصل دون ضجيج.
كل ذلك مقابل:
ـ أوروبا الحائرة، وأمريكا المسترخية، ونظام عالمي إن لم يسقط فهاهو اليوم على باب السقوط.
سقط أو كاد؟
هذا هو السؤال.