نهاية أردوغان في رمال ليبيا…

مشكلة أردوغان أنه لم يقرأ بما يكفي الأسباب التي أدت بالديناصور إلى الانقراض، فانقراض الديناصور وفق علماء الطبيعة قد جاء عقب تضخم جسده وصغر رأسه، وهكذا تتضخم تطلعات الرئيس التركي كلما صغر رأسه، أقله في تمدده نحو شمال افريقيا عبر ليبيا، مستهدفًا بالإضافة لتطلعاته الاقتصادية والمالية، دور مصر، وهو والعثمانيون الجدد كما القدامى، يرونها العائق في أن تتحول تركيا إلى آستانا جديدة.

من الواقعي القول بأن مصر وتركيا هما أكبر دولتان تضمان غالبية مسلمة في شرق البحر الأبيض المتوسط. وتعتبر كل منهما نفسها قوة إقليمية، وزعيمة الإسلام السني في الوقت الحالي. وبالتالي سيكون التنافس، ولكن للتاريخ دروسه، فالتوترات بين البلدين تعود إلى أيام الإمبراطورية العثمانية، التي كانت مصر في ظلها مقاطعة حتى عام 1867 حين أصبحت شبه مستقلة.

في مراجعة تاريخية قد تكون مفيدة، فلطالما كانت السيطرة على مصر صعبة بالنسبة إلى العثمانيين. فعلى الرغم من أنها كانت تخضع لسلطة حاكم تعيّنه اسطنبول وكانت تدفع الضرائب إلى السلاطين، إلا أن البلاد التي  تمتد على طول وادي النيل تمتعت عملياً بالحكم الذاتي طوال فترة طويلة من الحكم العثماني. لقد احتفظت مصر بسلطة كبيرة لدرجة أنها حاولت الاستيلاء على الإمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر. وفي ثلاثينات القرن التاسع عشر، وتحت قيادة محمد علي باشا، حاكم مصر العثماني الألباني الولادة، وابنه الذي كان قائداً في الجيش، سيطرت قوة مصرية على فلسطين وسوريا وهددت بإسقاط السلطان العثماني. وفي الواقع، توغل إبراهيم باشا في عمق الأناضول، ووصل إلى مدينة كوتاهية التي تبعد 200 ميل من اسطنبول. إلا أن تدخل المملكة المتحدة وفرنسا حفظ عرش السلطان وأدى إلى احتواء التهديد المصري (على الرغم من أن أحفاد محمد علي أصبحوا يشكلون العائلة المالكة في مصر).

وبعد الثورة، أصبح البريطانيون اللاعبين المهيمنين في مصر وفصلوا البلد في النهاية عن الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى. ومع انهيار الإمبراطورية العثمانية، تطلعت الجمهورية التركية نحو الغرب إلى أوروبا ومنطقة إيجة، ولم تتطلع نحو الشرق إلى مصر والعالم العربي، وهكذا سلك كل من البلدين طريقه الخاص. ولجأ العديد من خصوم مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية، بمن فيهم الشاعر محمد عاكف آرصوي، إلى مصر هرباً من إصلاحات أتاتورك العلمانية، وقاموا باتخاذ القاهرة مركزاً للأنشطة المعادية لتركيا في الفترة ما بين الحربين العالميتين.

وفي عام 1953، تصاعد التوتر في العلاقات التركية المصرية بعد الإطاحة بالنظام الملكي في مصر. فقد أثارت الإطاحة بالملك فاروق، والنخبة ذات المصادر العثمانية التركية التي كانت لا تزال تدير البلاد، غضب أنقرة. وعندما انحاز حاكم مصر الجديد، جمال عبد الناصر، إلى السوفييت في الحرب الباردة، ازدادت الهوة بين أنقرة والقاهرة. إذ كانت انقرة قد دخلت حلف شمال الأطلسي قبل عام على ذلك وأخذت دورها على محمل الجد كركيزة القوة الغربية في الشرق الأوسط.

اليوم، يدخل اردوغان تركيا، وكل العين على مصر، مصر التي خسرها يوم سقطت سلطة الاخوان فيها، والتي يسعى اردوغان إلى استعادتها من خارجها وعبر الحدود الليبية، وهو يدعم الفصائل الجهادية الإسلامية من جهة، فيما يدعم حماس من الجهة الأخرى حيث تمتد إلى سيناء، وهو يتطلع إلى استعادة ما فقده الأجداد.

لو تطلع أردوغان إلى تجربة أجداده لما أقدم على هكذا مغامرة، فأجداده تمامًا كما الديناصورات، لم تحمل رؤوسهم الصغيرة أجسادهم المتورمة ولهذا سقطت امبراطوريتهم، والبلاد التي أنجبت محمد علي باشا وابنه ابراهيم، لن تكون عاجزة عن الاتيان بمثلهم.

ليبيا اليوم ساحة الصراع ما بين ديناصورات، وبشر يبحثون عن أمنهم، وحدودهم الوطنية الآمنة.

كل العلامات تقول:

، نهاية أردوغان ستكون في رمال ليبيا.

الأيام بيننا.

Exit mobile version