وسط استمرار المفاوضات مع واشنطن.. إيران تحصن مواقعها النووية

مرصد مينا

في ظل التصريحات الإيرانية المتكررة عن رغبتها في العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي، تكشف التطورات الميدانية عن مشهد مغاير لما تحاول طهران تسويقه دبلوماسياً.

فبينما تتنقل الوفود الإيرانية بين موسكو وبكين، وتتأجل جولة مفاوضات مرتقبة مع الولايات المتحدة، تكشف صور الأقمار الاصطناعية عن وتيرة متسارعة لتعزيز البنية التحتية النووية الإيرانية في عمق الجبال.

ووفق تقرير صادر عن معهد العلوم والأمن الدولي، بدأت إيران في تحصين شبكة من الأنفاق تحت الأرض يُعتقد أنها ترتبط مباشرة بمنشآت تخصيب اليورانيوم، ما يشير إلى تصعيد استراتيجي في سياساتها الدفاعية، بالتوازي مع تهديدات أميركية وإسرائيلية متكررة باستخدام الخيار العسكري.

رسائل تحت الأرض… ودبلوماسية فوق الطاولة

الأنفاق التي يتم تطويرها ليست مجرد ملاجئ أو تحصينات بسيطة، بل منشآت متكاملة تهدف إلى حماية أجهزة الطرد المركزي ومواد التخصيب، حسب ما أفاد به خبراء عسكريون، مؤكدين أن هذا النهج ليس جديداً في العقيدة العسكرية الإيرانية، لكنه يشهد اليوم تطوراً نوعياً من حيث الحجم والقدرة الدفاعية.

وفي تعليق له على هذه المستجدات، قال موفق حرب، محلل الشؤون الأميركية في تصريحات صحافية اليوم الخميس، إن إيران “تسعى لخلق معادلة ردع جديدة، مستفيدة من بطء الإمدادات الروسية المتعلقة بأنظمة الدفاع الجوي المتطورة”.

وأضاف أن “طهران تعرض دبلوماسية نشطة للعالم، لكنها تستعد ميدانياً لمواجهة عسكرية محتملة، تدرك أنها ستكون فيها وحدها دون دعم مباشر من موسكو أو بكين”.

تصعيد خفي وعقوبات علنية

يأتي هذا التحصين في وقت تشهد فيه المفاوضات النووية حالة من الجمود، إذ أرجئت الجولة التالية بين طهران وواشنطن، تزامناً مع إعلان الأخيرة عن عقوبات جديدة تستهدف قطاع الطاقة الإيراني.

من جهته، وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، العقوبات بأنها “برهان إضافي على سوء نية واشنطن”، متهماً الإدارة الأميركية باستخدام الاقتصاد كأداة ضغط سياسي.

لكن موفق حرب حذّر من تبسيط المشهد، قائلاً إن “الولايات المتحدة لا تزال ترى في الاتفاق النووي خياراً قابلاً للتحقق، لكنها تشترط خطوات ملموسة من طهران، أبرزها وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% والسماح للمفتشين الدوليين بالدخول الفوري إلى المنشآت النووية”.

وأضاف أن “الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يكون الصوت الأكثر ميلاً للحل داخل الإدارة، لكنه لن يقبل باتفاق يُنظر إليه على أنه تنازل إيراني غير مضمون النتائج”.

بين الحلفاء والرهانات الخاسرة

الرهان الإيراني على موسكو وبكين يبدو في طريقه للتآكل، فبحسب حرب، فإن الدعم الروسي-الصيني لا يتجاوز حدود المصالح الاقتصادية والسياسية، دون استعداد للدخول في مواجهة عسكرية مع الغرب.

ويشير إلى أن روسيا لم تزوّد إيران بمنظومات الدفاع الجوي “إس-400″، بينما تعتبر الصين المنطقة فرصة تجارية لا ساحة صراع.

وبالتالي، فإن طهران تجد نفسها وحيدة في مواجهة الضغوط الغربية، الأمر الذي يعيد الكرة إلى ملعب الولايات المتحدة، بوصفها الطرف الوحيد القادر على تغيير مسار الملف النووي الإيراني، سواء نحو انفراج دبلوماسي… أو مواجهة محتملة.

Exit mobile version