في مشهدين متزامنين من حيث التاريخ ومختلفين من جهة الجغرافية، شهدت إدلب أمس الأحد حربا غير معهودة، مجازر، أشلاء، ضحايا، وقصف لا يتوقف، وفاعل كل ذلك جيش النظام السوري والمقاتلات الحربية الروسية، أما المشهد الثاني، فكان رأس النظام الذي يشرف مباشرة على قتل السوريين في إدلب، يتناول البيتزا مع عائلته وسط دمشق، يتبادل ويوزع الابتسامات أينما التفت، وكأنه يقول ها أنا هنا سعيد جداً، أقتل المئات من ابناء سورية، دونما ملل ولا كلل!
فسورية تعيش حرباً ضروس، أتت على كل جمال فيها، وتشهد العاصمة دمشق توتراً سياسياً لا يطاق، مع سريان حديث سري بين عامة الشعب وخاصته حول احتمال تحرك مفاجئ لرأس السلطة قد يقلب الأمور رأساً على عقب، وخاصة بعد التعديلات التي طالت شخصيات سياسية هامة كانت تعتبر حتى وقت قريب، من الرؤوس الأساسية في النظام.
ووسط هذا الشهد غير المستقر وبعد غياب عن الظهور العلني للأسد، ظهر رأس النظام السوري مع عائلته ليلة أمس وسط العاصمة دمشق، في مطعم “أوريغانو” للبيتزا.
ونشرت صفحات التواصل الاجتماعي وصفحة مطعم “أوريغانو” صورا للرئيس السوري وبجانبه السيدة أسماء الأسد، فيما ظهر نجل الرئيس السوري حافظ بشار الأسد بصورة مع مدير المطعم بسام سمعان.
وكتب مدير المطعم بسام سمعان في صفحة المطعم على الفسيبوك: ” سعدنا باختيار سيد الوطن وأسرته الكريمة مطعمنا أوريغانو ليمضوا وقتاً عائلياً على مائدة مطعمنا المتواضع، وجودهم أضفى جوا من الدفء والمحبة والسعادة، وتواضعهم وبساطتهم خففت من ارتباكنا بحضورهم غير المتوقع!”.
يقع مطعم أوريغانو بيتزا في منطقة أبو رمانة في دمشق، و يقدم مأكولات من المطبخ الإيطالي على الغداء و العشاء بالإضافة إلى المشروبات الخفيفة.
وانهالت تعليقات السوريين على الصور، بين مؤيد وكثير من المعارضين الذين يرون في الأسد وعائلته الكبيرة والصغيرة مجرد قتلة، ودمى قد تسببوا في جعل سوريا العظمية.
وضمن موجة التعليق على الصورة، كتب “أحمد فارس” وهو من أبناء الشمال السوري:” إنهم يشربون دماءنا، ويأكلون لحومنا. . . قتلة”.
ورأى آخر أن الصورة ما هي إلا عملية إعلامية تهدف لصرف النظر عن الظرف القاسي الذي يمر به الأسد “القاتل” ليوسع قاعدته الشعبية، موهماً ما تبقى من السوريين أن “سوريا بخير” و”خلصت” أي الثورة السورية، والمأزق الكبير الذي يعيشه الأسد ونظامه وعائلته.
نزيف الشمال
مدينة إدلب والمناطق المحيطة بها في الشمال الغربي هي جزء من اتفاق خفض التصعيد، الذي عقد في العام الماضي بين روسيا ونظام الأسد وتركيا للحد من الأعمال القتالية والقصف، ويشهد الميدان تكثيفا من قبل روسيا وقوات النظام، للقصف والغارات الجوية العنيفة، والعمليات البرية مناطق اتفاق خفض التعيد في مقاطعة إدلب الكبرى والتي تضم اضافة الى المدنية، أرياف أربعة محافظات في ادلب وحماة وحلب واللاذقية.
أسلحة كيميائية
الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أصدرت من جانبها تقريراً أشار إلى أن الحملة العسكرية على منطقة إدلب شهدت عودة استخدام النظام السوري لسلاح البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية، كما أشار إلى الاستخدام الموسع للذخائر العنقودية والحارقة، التي تسبَّبت في تضرر الممتلكات واحتراق آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية
وأشار المصدر الحقوقي إلى إحصائية نشرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تؤكد نزوح قرابة 330 ألف نسمة من منطقة إدلب بين 1/ أيار والـ 13 من حزيران 2019، وقدَّر التقرير أن ما لا يقل عن 85 ألف منهم يقيمون في خيام بدائية في العراء تنتشر في الأراضي الزراعية مفتقدين أبسط مقومات الحياة.
كما سجَّل التقرير الحقوقي الذي وصلت نسخة منه لـ “مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، مقتل 606 مدنياً بينهم 157 طفلاً، و111 سيدة (أنثى بالغة)، وارتكاب 27 مجزرة منذ 26/ نيسان/ 2019 حتى 12/ تموز/ 2019
ووفقا للمصدر فإن النظام السوري قتل منهم 521 مدنياً بينهم 136 طفلاً و 97 سيدة، وارتكب 23 مجزرة في حين قتلت القوات الروسية 85 مدنياً بينهم 21 طفلاً و 14 سيدة وارتكبت أربع مجازر.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا