مرصد مينا
رغم محدودية الخيارات وربما غيابها بالمطلق أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلا أنه استبعد خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أمس الأربعاء، التحالف مع حزب فرنسا الأبية (اليساري الراديكالي) في حالة تشكيل تحالف ضد حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف.
يأتي هذا في وقت تصدر فيه اليمين المتطرف الانتخابات التشريعية الفرنسية في الجولة الأولى التي جرت الأحد الماضي، بعدما نال أكثر من 33% من الأصوات متقدما على تحالف اليسار (28%) وتحالف ماكرون الوسطي (20%).
وسائل إعلام فرنسية نقلت عن أحد المشاركين في اجتماع مجلس الوزراء، قوله، إن الرئيس ماكرون أكد أنه لن يحكم مع حزب “فرنسا الأبية”.
وبعد اجتماع مجلس الوزراء، قالت المتحدثة باسم الحكومة إن مواجهة “التجمع الوطني اليوم لا تعني الالتفاف خلف حزب فرنسا الأبية غدا”.
هذا الموقف اتخذه أيضا رئيس الوزراء غابرييل أتال الذي قال في تصريحات الأربعاء لإذاعة “فرانس إنتر”: “لن أتحالف مع فرنسا الأبية أبدا”.
ويقول الإعلام الفرنسي، إن الواقع الحالي يمكن اختصاره وفق الآتي: نعم للانسحابات والتصويت لصالح مرشحين من فرنسا الأبية لعرقلة الطريق أمام التجمع الوطني اليميني المتطرف، لكن ليس للحكم معهم في حالة تشكيل تحالف كبير يمكن أن يضم مسؤولين منتخبين من أحزاب الجمهوريين ومن المدافعين عن البيئة أو من الحزب الاشتراكي.
ماكرون يحذر من “حرب أهلية”
وسبق أن قال ماكرون في تصريح له في 24 يونيو الماضي، إن البرامج الانتخابية التي يقدمها اليمين المتطرف واليسار المتطرف، قد تؤدي إلى حرب أهلية في فرنسا، وذلك قبل أسبوع واحد من انطلاق الانتخابات التشريعية.
واعتبر ماكرون حزب “التجمع الوطني” بأنه يعمل على الانقسام ويدفع نحو حرب أهلية، كما أن حزب “فرنسا الأبية” اليساري الراديكالي يقترح “شكلا من أشكال الطائفية”، مشددا على أن هذه الأمور قد تتسبب أيضا في الحرب الأهلية.
خيار الانسحابات
وفي ظل الخيارات القليلة أمام باقي التيارات السياسية في فرنسا ووسط تقدم اليمين المتطرف، فإن الخيار الذي يبدو وحيدا الآن أمام كل من اليسار واليمين الجمهوري ويمين الوسط، تتمثل في تخطي تحفظاتها وتناقضاتها للتوصل إلى تفاهمات تقطع الطريق على حزب “التجمع الوطني” وحلفائه من اليمين المتطرف.
لهذا أُعلن عن انسحاب أكثر من 210 مرشحين من “الجبهة الشعبية الجديدة” اليسارية ومعسكر الرئيس ماكرون للحيلولة دون وصول حزب “التجمع الوطني” للحكم في فرنسا.
ووفقا لوزارة الداخلية الفرنسية، كان معظم المرشحين الذين انسحبوا هم من اليسار (127) بينما انسحب من معسكر ماكرون (81) والذين وصلوا إلى المركز الثالث من الجولة الأولى في دائرة كان حزب “التجمع الوطني” في المركز الأول.
وتهدف هذه الانسحابات إلى منع “التجمع الوطني” وحلفائه من تشكيل حكومة ستكون تاريخية، إذ لم يصل اليمين المتطرف إلى السلطة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
مخاوف من وقوع اضطرابات
وعلى بعد ثلاثة أيام من الجولة الحاسمة، أعلنت السلطات الفرنسية الخميس، عزمها نشر 30 ألفا من قوات الشرطة والدرك في كل أنحاء البلاد، خلال الجولة الثانية، الأحد المقبل، مؤكدة أن هذا الإجراء يأتي تحسبا لأية اضطرابات محتمل حدوثها في البلاد.
وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إن نحو 5 آلاف من هذه القوات سيتمركزون في باريس وضواحيها فقط.
ووفقا للوزير، فإن ذلك يهدف لمنع عناصر من اليسار المتطرف أو اليمين المتطرف من خلق أي فوضى أو اضطرابات عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات، مشددا على أنه سيكون “حذرا للغاية” بشأن الأمن مساء الأحد عندما يتم إعلان نتائج الانتخابات.
وستجرى الجولة الثانية والحاسمة للانتخابات التشريعية الفرنسية الأحد المقبل، وسط توقعات مشاركة كثيفة من قبل الفرنسيين بعدما شهدت الجولة الأولى مشاركة قياسية بلغت أكثر من 60% وهي الأعلى منذ العام 1978.
لكن يتخوف الكثير من المراقبين في فرنسا وخارجها، من أن تشهد البلاد اضطرابات وفوضى في حال تمكن اليمين المتطرف من الفوز بالغالبية المطلقة في البرلمان، ما بين أنصار اليمين المتطرف وأنصار اليسار الراديكالي، لاسيما أن أنصار الأخيرة خرجوا بالفعل للشوارع الأحد الماضي في باريس والعديد من مدن فرنسا رفضا لتقدم اليمين المتطرف في الانتخابات.