مرصد مينا
فتحت مراكز الاقتراع في المدن والبلدات التي يسيطر النظام السوري أبوابها، صباح اليوم الإثنين، من أجل اختيار أعضاء “مجلس الشعب”، وسط احتجاجات في عدد من المحافظات رفضا للانتخابات التي وصفوها بـ”الصورية”، ورفض دولي لها في ظل جمود الوضع السياسي للبلاد.
وفتحت مراكز الاقتراع البالغ عددها 8151 مركزاً في مناطق سيطرة النظام أبوابها عند الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي (الرابعة فجرا بتوقيت غرينتش)، على أن تغلق عند الساعة السابعة مساءً.
في حين غابت الانتخابات في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في شمال شرق سوريا، وفي مناطق سيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا.
ورغم غياب الانتخابات في مناطق “قسد” لكن المئات شاركوا في التصويت من قوات النظام السوري وموظفي الدوائر الحكومية، داخل مربعات أمنية صغيرة بمدينتي الحسكة والقامشلي”، اللتان تشهدان إقبالاً ضعيفاً على صناديق الاقتراع.
والمربعات الأمنية هي المناطق الوحيدة التي يسيطر عليها النظام في منطقة تمثل نحو 30% من مساحة سوريا ونحو 20% من عدد السكان.
قسد تمنع وضع الصناديق
ومنعت “قسد” وضع صناديق الاقتراع في المناطق الخاضعة لسيطرتها في مدن منبج والطبقة وعين العرب “كوباني” والرقة والريف الشرقي لمدينة دير الزور، بالإضافة إلى بقية المناطق الخاضعة لسيطرتها في منطقتي القامشلي والحسكة على الحدود السورية التركية.
وتسيطر الإدارة الذاتية الكردية على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، بينما تسيطر “هيئة تحرير الشام” وفصائل أخرى أقل نفوذا على مناطق في إدلب (شمال غرب) ومحيطها. وتنتشر فصائل موالية لأنقرة مع قوات تركية في شريط حدودي واسع شمالي البلاد.
مقاطعة في السويداء ودرعا
وشهدت العديد من المناطق التي تخضع للنظام مقاطعة لهذه الانتخابات التي يصل إليها في العادة أكثر من ثلثي المرشحين قبل إجراء الانتخابات بعدة أيام فيما يعرف بـ” الجبهة الوطنية التقدمية”من خلال رفع أسماء لكل محافظة من قبل أجهزة الأمن، وهو أسلوب معتاد لدى النظام السوري من زمن “حافظ الأسد” والد رئيس النظام الحالي “بشار الأسد” الذي ورث السلطة عن أبيه بعد وفاته عام 2000 .
وفي السويداء، قالت شبكات إخبارية سورية، أن عدة مدن وبلدات في المحافظة الجنوبية تشهد مقاطعة واسعة لانتخابات مجلس الشعب التابع للنظام.
وسبق أن استولى محتجون في السويداء على صناديق الاقتراع في بلدتي المزرعة والقرية بأطراف المدينة.
وتشهد السويداء حراكا سلميا منذ أغسطس الماضي، للمطالبة بإسقاط نظام بشار الأسد وتطبيق القرارات الدولية التي تدعو إلى حل سلمي للأزمة السورية.
وفي درعا مهد الاحتجاجات ضد النظام السوري عام 2011، والتي تخضع جزئيا للنظام منذ 2018، فقد شهدت غياب للمقترعين باستثناء المربعات الأمنية في بعض مدن المحافظة الجنوبية أيضا.
ورفعت مجموعة من الشبان في مدينة نوى غربي درعا لافتات ترفض إقامة انتخابات برلمان النظام السوري، وتطالب بطرد المرشحين من المدينة.
ومن بين اللافتات التي رفعها الشبان: “المجالس التي صفقت وأيدت المجرمين لا تمثلنا”، و”شبيحة الأسد وخونة الشعب.. دمشق في انتظاركم”، مما يعكس رفضهم الكامل لهذه الانتخابات وللمرشحين الذين يمثلونها.
وأكدت الفعاليات في مدينة نوى في بيان على أن انتخابات مجلس الشعب لا تمثل الشعب السوري، بحسب مانقلته وسائل إعلام محلية.
وأشار البيان إلى أن يوم الإثنين سيكون يوم حداد، داعياً إلى عدم المشاركة في الانتخابات ووصفها بالخزي والعار، مضيفا أن هذا الإجراء يأتي في ظل استمرار الشعب السوري في نضاله من أجل تحقيق ثورة الكرامة منذ ثلاثة عشر عاماً، وتزامناً مع ما وصفه البيان بـ “تخاذل العالم العربي والعالمي تجاه معاناة السوريين”.
رفض دولي
وعبّرت دول غربية عن رفضها إجراء هذه الانتخابات في سوريا من دون تحقيق تقدم في المسار السياسي، الذي يفضي بالضرورة لتحقيق انتقال ديمقراطي للسلطة استنادا إلى تطبيق القرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 2254.
وأكدت مسؤولة الشؤون السياسية في بعثة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، لاورا ديكس، رفض بلادها لانتخابات “مجلس الشعب” التي يعتزم النظام السوري إجراءها.
وكررت ديكس موقف بلادها المؤيد للقرارات الدولية وضرورة تطبيقها بشكل كامل وصارم، لافتة إلى أن الانتخابات المزمع عقدها “تخالف أبسط المعايير الدولية، وتخالف القرار 2254”.
كما عبرت ألمانيا عن رفضها إجراء الانتخابات نافية أن يكون إجراء الانتخابات في أجزاء من الأراضي السورية في هذا الوقت دفع للعملية السياسية إلى الأمام، بل هو “ترسيخ الوضع الراهن المتمثل في الصراع والانقسام الذي طال أمده”.
وشدد مكتب سوريا في وزارة الخارجية الألمانية على أن برلين لا تؤيد إجراء الانتخابات في سوريا في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن أي انتخابات ستؤدي إلى “ترسيخ الصراع والانقسام”.
وفي تغريدة نشرها حساب المبعوث الألماني إلى سوريا، ستيفان شنيك، أشار إلى أنه “في حين تشكل الانتخابات الحرة والنزيهة جزءا لا يتجزأ من حل النزاع وإحلال السلام في سوريا، إلا أن الظروف ليست مهيأة بعد”.
وأضاف شنيك أن ألمانيا “تدعم التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، الذي يدعو إلى إجراء انتخابات بعد اعتماد دستور جديد”، داعيا جميع الأطراف إلى “تسهيل عملية سياسية يقودها ويملكها السوريون، بهدف الموافقة على دستور جيد وتنفيذ القرار 2254”.
كما شدد المبعوث الألماني إلى سوريا على أن “إجراء الانتخابات في أجزاء من الأراضي السورية في هذا الوقت لن يؤدي إلى دفع العملية السياسية إلى الأمام، بل إلى ترسيخ الوضع الراهن المتمثل في الصراع والانقسام الذي طال أمده”.
ودعا جميع الأطراف إلى “الامتناع عن اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تهدد احتمالات التوصل إلى حل سلمي للصراع في سوريا والانتقال إلى السلطة كما يدعو إليه القرار 2254”.
يذكر أن أكثر من 7400 مرشح من إجمالي 8953 شخصا تقدموا للانتخابات، انسحبوا بشكل نهائي بعدما بتت اللجان القضائية الفرعية بطلبات انسحابهم، ليكون عدد المرشحين المستمرين في الترشح بعد حذف المنسحبين هو 1516 مرشحا فقط، بينما يبلغ عدد مقاعد “مجلس الشعب” 250 مقعدا.