وقد أصبحت إسرائيل مثل جيرانها يحكمها دكتاتور

زاوية مينا

من الديمقراطية إلى الدكتاتوريات، هو العالم يأخذ هذا المسار، فهذا ساكن البيت الأبيض قد صعد ثانية بأصوات ناخبيه، فيما تطلعاته تتجاوز حدود الدكتاتور، وفي روسيا دكتاتور، وفي خصمها الأوكراني دكتاتور.

أما المجموعة العربية، فما قبل الربيع العربي دكتاتوريات ليأتي ما بعده بدكتاتوريات، فلا السيسي يرضى بأقله ولا سعيّد يقبل بـ “كفاه رئيساً” وحال سوريا الأكثر تعقيداً من هذا وذاك قد تسعى إلى دكتاتور إن لم يوطّد الشرع نفسه كدكتاتور، والليبراليات في أوروبا تتهاوى، فالقبضة الضعيفة أنتج الدولة الضعيفة ولولا هذا لما باتت أوروبا برمتها تحت إبط الأمريكان، وحماية الأمريكان، وبكل الطاعة للأمريكان.

وفي إسرائيل بيت القصيد، فهاهو بنيامين نتنياهو، يقرر ما يشاء في رحلة إسرائيلية تصفها الصحافة الإسرائيلية، بأنها تحولات من ديمقراطية إلى أوتوقراطية يواصل فيها نتنياهو رحلة الهدم المخططة والثأرية ضد كل مؤسسة لا تبدي له ولاء مطلقاً، وكل مؤسسة تهدد بالحفاظ على الاستقلالية والتبعية لحكم القانون.

فطالما تحدث نتنياهو عن “عدم ثقة متواصل” برئيس “الشاباك” كسبب لإقالته، لكن يجدر استبدال كلمة “ثقة” بكلمة “ولاء” فقد قرر نتنياهو إقالة “بار” لأن الجهاز الذي يترأسه تجرأ على فحص ادعاءات ضد رجال مكتبه، وهي ادعاءات تتصل بصفقات عقدوها مع قطر. “و”عدم الولاء” هذا وجد تعبيره أيضاً في التحقيق الذي نشره الجهاز عن إخفاقات 7 أكتوبر وكشف فيه عن دور نتنياهو في قصور تحويل الأموال لحماس، وذلك رغم أنه رفع إلى علمه بأن بعضاً من هذه الأموال مخصصة لتسلح منظمة الإرهاب.

في خلفية مخاوف نتنياهو بالنسبة لـ “الشاباك” مقابلة صحافية منحها رئيس “الشاباك” السابق نداف أرغمان لـ “أخبار 12” قال فيها إنه إذا عمل نتنياهو بخلاف القانون فسيروي “كل ما يعرفه عنه” في خلفية مخاوف نتنياهو بالنسبة لـ “الشاباك” وفق صحيفة ها آرتس مقابلة صحافية منحها رئيس “الشاباك” السابق نداف أرغمان لـ “أخبار 12” قال فيها إنه إذا عمل نتنياهو بخلاف القانون فسيروي “كل ما يعرفه عنه”.

رد نتنياهو على الأقوال بهستيريا محفوظة لمن يخاف من كشف أمور عنه تعرضه في ضوء سلبي. وعلى الفور، طالب بتحقيق شرطي على ابتزاز بالتهديد. وعلم اليوم بأن الشرطة، المخلصة لروح القائد، قررت التحقيق مع أرغمان. وهكذا (والكلام لهاآرتس) يسعى نتنياهو للتخلص من كل حماة الحمى، ومن كل جهة قد تكشف قصوراته وتعرض استمرار حكمه للخطر.

لهذا الغرض، ينزل إلى حياة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهرب ميارا، ويفرض الرعب على جهاز القضاء كله، عبر مساعده المخلص يريف لفين، وفي رأس الأمور – يعارض إقامة لجنة تحقيق رسمية تحقق في كارثة 7 أكتوبر. الآن، يضع نتنياهو رئيس الجهاز على لوحة الأهداف، لأنه يحقق في قضية “قطر غيت” التي أبطالها مقربون من نتنياهو نفسه.

وكذلك من لم يوافق على تقديم رأسه طوعاً ويسمح لنتنياهو بإلقاء مسؤولية 7 أكتوبر على القيادة الأمنية دون أن يدفع المستوى السياسي الثمن. حين قال نتنياهو في شريط الإقالة “إننا في ذروة حرب على وجودنا”، كان محقاً.

إسرائيل تحت نتنياهو باتت في حرب وجودية، ولكن ليس حيال حماس وحزب الله، بل حيال رئيس وزراء قرر تدمير البنية التحتية القيمية، البيروقراطية، القضائية والأمنية للدولة.

وهكذا لن تكون إسرائيل “منارة الديمقراطية” في الشرق الأوسط كما تصفها الصحافة الغربية ذات يوم، ستكون: ـ دولة أوتوقراط أسوة بدول الجوار.

Exit mobile version