سيتحوّل البطء في مواجهة إيران إلى استحالة إذا ماطال هذا البطء، سيكون الامر على هذا النحو، فامتلاك إيران للسلاح النووي ووفق الكثير من القراءات لايتطلب اكثر من ستة أيام إذا ماعزم “الملالي” على امتلاك القنبلة.
لقد تعثرت السياسة الأمريكية على مدى عقود بسبب النفور من المخاطرة والتجارب عند استخدام الأداة العسكرية لردع أنشطة إيران الإقليمية والنووية وتعطيلها. ولكن الحاجة أم الاختراع، وقد تؤدي أوجه القصور في السياسة الحالية إلى تغيير هذا النهج.
الولايات المتحدة أظهرت مراراً وتكراراً قدرتها على الابتكار عند التعامل مع إيران. فقد دخلت مثلاً، منذ قرابة العقدين، في شراكة مع إسرائيل للاضطلاع بدور في استخدام العمليات السيبرانية الهجومية مثل “ستكسنت” Stuxnet التي أخّرت البرنامج النووي وكسبت الوقت اللازم للدبلوماسية؛ ومنذ أكثر من عقد، أوقفت سياسة العقوبات السابقة لتفرض قيوداً صارمة على الأنشطة المالية وصادرات النفط الإيرانية، فأخضعتها لضغوط غير مسبوقة؛ وفي الآونة الأخيرة، كانت تعمل على تجربة تقنيات عسكرية ومناهج تشغيلية جديدة (مثل المنصات غير المأهولة المتصلة بالشبكة، والخيارات الأكثر مرونة لنشر القوات، والشراكات الإقليمية الجديدة) للتعويض عن خفض عدد القوات في المنطقة.
ومع ذلك، متى تطلّب الأمر استخدام القوة بشكل محدود، غالباً ما ردعت واشنطن نفسها بسبب مخاوف مفهومة بل مبالغ فيها من أن تؤدي الحسابات الخاطئة إلى “حرب شاملة” مع إيران. وبذلك حرمت نفسها من فرصة اكتساب براعة أكبر في أنشطة المنطقة الرمادية، والتأثير على خيارات طهران، وتقييد أنشطتها بالوسائل العسكرية. والنتيجة هي أنها أصبحت مجرد قوة عظمى تملك فكرة منقوصة عن كيفية استخدام الأداة العسكرية لدعم فن الحكم.
تردد في استخدام القوّة اليوم، قد يتحوّل إلى استحالة في استخدامها غداً، والمثال الكوري بات واضحاً، ومثل كهذا كان يفترض به أن يكون محفزاً لأشكال أخرى من التجارب من قبل وزارة الدفاع الأمريكية والقيادة المركزية الأمريكية، بما يمكّن صانعي السياسات من اختبار المفاهيم القديمة أو الخاطئة والتخلص منها، والسماح بنوع من المخاطرة المدروسة الذي قد ينتج سياسة أكثر نجاحاً تجاه إيران.
حلفاء الولايات المتحدة ومن بينهم مجموع دول الخليج العربي، باتوا أقل ثقة بالولايات المتحدة.. أقل ثقة بقدرتها وبرغبتها، وبالنتيجة سيتساءلون:
ـ كيف سيحكّون جلودهم؟
المثل يقول:
ـ ماحكّ جلدك مثل ظفرك.
وما يبدو من الصورة أن الإدارة الأمريكية قد باتت عاجزة اليوم عن حكّ جلدها فما بالك بجلد غيرها؟