وقد بات “اقتصاد الجثث” واحد من الاقتصاديات السورية، ماحال المرتزقة؟

زاوية مينا

بدأت الحكاية لإرسالهم  للقتال كمرتزقة في ليبيا وفي إقليم ناغورني كاراباخ، وامتدت الى أوكرانيا اليوم، ومعها تنامت شبكات من السماسرة بعضها عبر إشراف النظام، وآخر عبر مجموعات من المعارضة.

نهاية عام 2019، أرسلت كل من تركيا وروسيا آلاف المقاتلين السوريين للقتال كمرتزقة لصالح أطراف تدعمها في ليبيا وناغورني كاراباخ.

جزء من هؤلاء بترتيبات من النظام، وجزء آخر عبر ترتيبات تركية اعتمدت على مقاتلي الفصائل الموالية لها في شمال وشمال غرب سوريا فيما جنّدت روسيا عناصر سابقة من الجيش السوري وميليشيات تابعة له لدعم المشير خليفة حفتر في ليبيا والقوات الأرمينية في ناغورني كاراباخ.

تقارير أفادت آنذاك بأن أعداد المرتزقة زادت عن  6000 مرتزق أغلبهم لا يرغبون في العودة إلى سوريا بل يريدون الذهاب إلى أوروبا عبر إيطاليا.

وكانت مشاركة مرتزقة سوريين في القتال في الخارج تؤدي إلى إثراء وتقوية بعض الجماعات المسلحة الأكثر إجراماً في سوريا نفسها، لا سيما الجماعات المدعومة من تركيا في الشمال الغربية كما تعود على التابعين للنظام بمحفظة مالية كبيرة.

عداك عن مخالفة هذا للقوانين الدولية، كما عن وحشية مهنة مرتبطة بالقتل، والقتل وحده، فإن “الشكل الرئيسي الذي اتخذته تجارة المرتزقة هذه، فهي تجارة مصحوبة بالاستغلال والسرقة المنهجية للأجور، وقد برز هذا الأمر في ليبيا حيث انتشرت سرقة الأجور بعد هدوء جبهات القتال هناك.

في ناغورني كاراباخ، وثّق التقرير نشر في دوتشي فييله ” وقد نقل عن سمسار أن تركيا عرضت رواتب شهرية قدرها ثلاثة آلاف دولار وتعويضاً بقيمة 75 ألفاً للعائلات في حال وفاة المقاتل، لكن “الجماعات المسلحة دائماً ما تخرق العروض وتعطي المقاتلين رواتب تتراوح بين 800 و1400 دولار”. كما دفعت في أحيان كثيرة الرواتب بالليرة التركية وليس بالدولار الأمريكي.

وسواء في ليبيا أو ناغورني كاراباخ، فقد وثّق التقرير “الاحتيال” على عائلات المجندين عبر “حجب التعويض المالي” عنهم إن كان جزئياً أو كلياً بعد مقتل أبنائهم. ولم يُمنح جرحى المعارك كامل أو أجزاء من تعويضاتهم.

بحسب التقرير والكلام للموقع الالماني،  فإن روسيا لجأت أيضاً إلى “الخداع” لتجنيد مقاتلين. وكان السماسرة، وبينهم شيوخ قبائل، يعرضون رواتب تتراوح بين ألف وألفي دولار من دون تعويضات في حالة الوفاة. ونقل التقرير عن نقيب في إحدى المجموعات المدعومة من موسكو أن أولئك الذين تم تجنيدهم إلى ليبيا ثم إرسالهم إلى أرمينيا “لم يتم إبلاغهم بالكامل بتفاصيل العملية”.

ولا يوجد اعتراف رسمي من قبل الحكومة التركية بهؤلاء المرتزقة السوريين، بحسب عبد الرحمن، الذي أضاف أن هذا يحدث “على الرغم من أن الرئيس التركي هو الوحيد الذي استفاد منهم من أجل تحقيق انتصارات في ناغورني كاراباخ، إذ أصبح اليوم سيد أذربيجان بعد دعمه لها عسكرياً أمام أرمينيا، وأيضاً استفاد من وجودهم في ليبيا، بل وربما استغلهم كورقة ضغط للتقارب مع مصر التي كانت تخشى من تسرب هؤلاء إلى أراضيها، والمؤسف أن قتلى المرتزقة لا قيمة لهم فهم يقتلون ويدفنون ولا يعلم بهم أحد”.

واليوم، يتابع السماسرة الاتجار بالمرتزقة، وبالكثير من العلانية، وفي الحكاية حزمة من الأهداف:

ـ بالنسبة للنظام، يدرك بالتمام والكمال أن المرتزقة الذين جندهم في الحرب السورية، باتوا يشكلون اليوم عبئًا عليه، فقد اعتادوا انفلات السلاح، والتخلص منهم يعني فيما يعنيه استعادته لاحتكار السلاح.

وهذا واحد من أهدافه.

وقد ينطبق الحال على فصائل المعارضة.

قد يكون هذا هو السبب الأكثر أهمية، غير أن السؤال:

ـ ماحال النناجين من هؤلاء المرتزقة، فيما لو حطت الحرب أوزارها وعاد هؤلاء إلى بلدهم.

ستكون سوريا زقاقًا للسلاح.

سيكون هذا هو حال الغد، تمامًا كما هي أحوال اليوم. وقد كانت سوريا في زمانها الغابر و “بجزيرتها فقط” قادرة على إطعام العالم الثالث من القمح القاسي، باتت اليوم تصدّر المرتزقة لتشتري بدمائهم الطحين الروسي أو الأكراني لافرق.

لقد غدونا مزارع جثث، بعد انتهاك البيادر.

قد نرغم على أن نسأل الله:

ـ متى تقلع الغربان عن أكل لحومنا؟

Exit mobile version