زاوية مينا
هي خطوة تحمل بعض التحوّل وربما لا تخلو من المواجهة، أما الخطوة فهي الردّ الحاسم على محمد باقر قاليباف، وقد منح نفسه حق التفاوض بالنيابة عن لبنان وحكومته، لحظة عرض على الرئيس الفرنسي أن يقوم بالتفاوض إزاء معطيات القرار 1701 وتداعياته، فكان ردّ نجيب ميقاتي يحمل ما يمكن اختزاله بـ :
ـ إخرس.
أما إخرس هذه فجاءت بصيغة تحمل ملامح اللغة الدبلوماسية مع إضافة لغة نجيب ميقاتي الذي يمتد صبره من لبنان إلى غابات أفريقيا، غير أن رد ميقاتي لابد ويستفز حزب الله المرتهن كلياً للولي الفقيه دون النظر للتخلي الإيراني عن الحزب، يوم وقع الحزب في معركة طالت قياداته ودمّرت بيوت حاضنته الشعبية، حتى اكتفى الولي الفقيه بخطب يطلقها على مسامع جمهور مصليه، فيما الرئيس مسعود بزشكيان يخاطب الأمريكان بالعناق، ويستعير لنفسه ودولته ملابس الأم تيريزا، دون أن يُقدّم للحزب في معركته سوى الأناشيد التعيسة التي إن ذكّرت فلا تذكّر سوى بالهزيمة العارية الدامية.
نجيب ميقاتي خطى خطوة بالغة الأهمية بالرد على قاليباف، والخطوة هي تعبير عن لسان أوسع طيف سياسي وأهلي لبناني، وهو الطيف الرافض للباب العالي في طهران، والرافض للوصاية الإيرانية، وهي الوصاية التي أفقرت لبنان زمن السلم، وتسببت بدماره زمن الحرب، وعفت نفسها من تقديم رغيف خبز واحد لمهجّري الجنوب، فيما سارعت دول “الاعتدال” العربية، وهي الدول المدانة في خطابات الولي الفقيه، سارعت إلى مدّ خطوط جوية لاتتوقف عن المساعدات لهؤلاء المهجّرين وهي مساعدات تمتد من علبة الدواء إلى اللقمة والمبيت.
جمهور حزب الله، مازال مسكون بالخوف لا من قوّة حزبه على جبهات القتال، بل من توقف الحرب وعودة مقاتلي الحزب إلى الزواريب والأحياء، ليشتغلوا تنكيلاً بمعارضيه، والرافضين لسطوته، كما لاعادة النظر بالعقيدتين اللاهوتية والقتالية لحزب إن انتصر فنصره عليهم، وإن هُزم فعليهم دفع أثمان هزيمته، دون نسيان المساحة التي مازال يلعبها بالصيغة اللبنانية وأبرز عناوينها انتخاب رئيس للبلاد، وتوطيد سلطة الدولة أو استعادة الدولة ولو على شكل إرهاصات.
ما قاله نجيب ميقاتي، ورد فعله على تصريحات قاليباف، لم يكن ممكناً ما قبل الحرب، فما قبل الحرب كان على ميقاتي أن يداري كل ما يتصل بحزب الله، فحزب “الأمّة الظافرة” محترف اغتيالات، والاغتيال قد يمتد من إلغاء الدور إلى إلغاء حامله بالرصاصات الطائشة وتفخيخ الأقدام.
ردّ نجيب ميقاتي بالتهذيب الجارح، وصمت نبيه برّي ربما في موافقة ضمنية على ما قاله ميقاتي، وكان وليد جنبلاط قد سبقهما يوم خاطب وزير خارجية إيران عباس عراقجي بالقول:
ـ لن نتعلم الصمود منك.. نحن نعلّمك الصمود.
جاء ذلك بعد أن رفع عراقجي نبرة صوته مطالباً اللبنانيون بالصمود.