وقد بلغنا حافة الجنون

مرصد مينا

كان الفيلسوف الفرنسي ادغار موران على حق حين قسّم التاريخ البشري إلى أقسام ثلاث:
ـ الإنسان المُنتِج، إنسان الفابريكا، والإنسان المبدع وقد تجاوز المنتج، وفي المرحلة النهائية من السباق الإنسان المجنون.

وها هي البشرية اليوم تحتكم إلى الإنسان المجنون ولا نعتقد أن ثمة جنون يساوي جنون الرئيس السابق، والمرشح ليكون الرئيس اللاحق للولايات المتحدة الامريكية دونالد ترامب، وقد وصف رئيس وزراء كندا جاستن ترودو بأنه “ابن حرام” وبأن أبيه الفعلي هو فيديل كاسترو أما أمّه فقد ضاجعت فرقة موسيقية بأكملها بدءاً من ضارب الإيقاع وصولاً لنافخ البوق.

جنون العالم هذا لابد سيتمثل اليوم في نكهتين، نكهتان قد تبدوان متضادتين، أوّلها في “الخمينية” بما جرّت على الشرق الأوسط من ويلات، وثانيهما في الأصولية اليهودية وتعبيرها في بنيامين نتنياهو وقد اشتغل على الإبادة بما تعنيه الإبادة ولحساب “الدولة اليهودية الصافية”، ما يعني “يهود بلا شركاء”، وليس حال الخمينية سوى “شيعة بلا شركاء”، وتعبيراته ربما ستتجلى في لبنان، لحظة وضع “حزب الله” عباءته فوق بلد قام تاريخه على صناعة السفينة التجارية التي وصلت بضائعها إلى كليو باترا لترتدي سيّدة الفراعنة نسيجة وحريره العبقري.

مشروعان، ليسا متضادين وإن اشتبكا، ولكل منهما فلسفته التي لابد وتنتهي بالجنون، فالتاريخ الذي طالما مشى على رأسه لابد ويستعيد العافية ليعود ويمشي على قدميه، فالدولة الأوليغارشية، صاحبة القبضة الفولاذية التي شهدتها اسبارطة بمواجهة أثينا الديمقراطية ذات يوم، لابد كانت أقوى من الدولة الديمقراطية، هو الأمر كذلك فالتوحش أقوى من الموسيقى وإن كانت الموسيقى أنبل من التوحش، غير أن اسبارطة الأوليغارشية انهارت فيما قدّمت أثينا للتاريخ ذاك الدرس الذي مازال حلماً، طموحاً، تطلعاً، ما يعني أن انتصارات التوحش لابد وتكون مؤقتة.. يعني “لا انتصار”، وقد يكون لبنان التاريخ.. لبنان “الحويك” هو نموذج لبنان التاريخ، لا لبنان الدور الذي اختاره “حزب الله”.

هو عالم اليوم المجنون لابد ويتناسب مع “حزب الله / نتنياهو”، غير أن لبنان هذا لن يتسع لكليهما.

كثير من اللبنانيين بدأ يدرك المعادلة بل ويواجهها، وكثير من اللبنانيين يدرك أن كلا المشروعين مهزومان.

اللبنانيون يتذكرون بالتفصيل انسحاب شارون من أراضيهم ما بعد ١٩٨٢ حين قالها شارون:
ـ هذا المكان لا يتسع لمحتل.
وهكذا سيكون حال لبنان مع حزب الله.
سيكون هذا حاله مع بنيامين نتنياهو واليمين الديني الإسرائيلي.

Exit mobile version