مرصد مينا
لن يكون إسحاق رابين، ولن يكون غولدامائير، سيكون في الذاكرة الإسرائيلية “رجلاً مصاباً بالشلل والصدمة وعدم القدرة على الأداء”، أكثر من ذلك سيكون “الرجل الذي سئم الإسرائيليون منه”، أما صفاته الملتصقة بشخصه فهي “التلاعب والتآمر والتشهير وزرع الأكاذيب”، هذا هو بنيامين نتنياهو لدى طيف واسع من الإسرائيليين، أقله وفق الأوصاف التي ألصقت به من قبل “ها آرتس”، التي رصدت للطرائق التي يعمل بها، فما هي تلك الطرائق؟
– أولا مع المخطوفين وعائلاتهم، فقد اشتغل على “تشكيل هيئة فارغة برئاسة المخلص للعائلة، غال هيرش، واستخدام حفنة من أبناء عائلات المخطوفين والمفقودين من التيار المسيحاني – الديني القومي، وفرض حضور سارة كلاعبة نشطة، لا تتم التوصية بتجاوزها، وتشغيل قناة الدعاية 14 وماكينة السم ضد العائلات وعرضها كعدوة للأمة والانتصار، والنبش في هيئة المخطوفين حتى إزاحة رونين تسور، واستبداله بمستشار استراتيجي مجهول، وتوصيته للعائلات هي “احتضان نتنياهو”.
– مع كبار الضباط في الجيش والشاباك والموساد: وصفهم كمسؤولين حصريين عن الفشل الاستخباري والعملياتي، وتشويههم بمؤامرات تفيد بأنهم منعوا بقصد وصول المعلومات والتحذيرات إلى نتنياهو بهدف إفشاله، وعرضهم كجنرالات يوقفون الجنود العاديين ويمنعونهم من الوصول إلى النصر المطلق. ويمنعون تقدم الخيول الجامحة مثل العميد براك حيرام والعميد رومان غوفمان، وحتى إنهم يتجرأون على توبيخهم والتحقيق في نشاطاتهم عندما يقررون على مسؤوليتهم قصف بيت فيه مخطوفون في “بئيري” أو جامعة في غزة.
– وعن المتظاهرين والاحتجاج، فقد تم تحويل الشرطة إلى مليشيا على شاكلة “الباسيج” الإيرانية. والتعامل بقبضة حديدية، خلافاً للقانون، مع المواطنين الذين يصممون على تطبيق حرية التعبير والاحتجاج والتجمع. هذا نزع شرعية مطلق للمظاهرات ومظاهر معارضة سياسية في زمن الحرب.
– وعن منظومته السياسية فقد ضم غانتس وآيزنكوت وتحييد المعارضة، وتفكيك المعسكر الرسمي من خلال إغراء وإعادة احتضان ساعر والكين وشاشا بيتون وهيسكل (بالضبط بنفس الطريقة التي تم فيها تفكيك أزرق – أبيض، وقبل ذلك حزب العمل برئاسة إيهود باراك). ثم تحويل ميزانيات ضخمة منفلتة العقال للحريديم والمتدينين القوميين والمستوطنين مع تقليص ومس شديد بموارد إسرائيل المنتجة وبالليبرالية وبالديمقراطية.
وفي فضائه العام كان قد استمر انقلابه النظامي بواسطة وقف ترقية القضاة المارقين. وعدم تعيين إسحق عميت رئيساً للمحكمة العليا واستغلال تقاعد استر حيوت وبارون من أجل الحفاظ على أغلبية يمينية (محافظة) في المحكمة.
ولحظة يتصل الأمر بإدارة جو بايدن، فالسمة الغالبة على نتنياهو كانت نكران جميل الرئيس الأكثر صداقة لإسرائيل في تاريخ البيت الأبيض، وعرضه كعدو للنصر وكمؤسس للدولة الفلسطينية. وإعطاء 11 مقابلة لوسائل الإعلام الأجنبية باللغة الإنجليزية وصفر لوسائل الإعلام العبرية. وإطالة الوقت إلى حين فوز مأمول لترامب في تشرين الثاني القادم.
أما الضربة القاضية فستكون على شكل إرضاء وإغراء جدعون ساعر، وستتمكن من تطبيق المرحلة الأخيرة في الهجوم المضاد: المصادقة على ميزانية كارثية للدولة، وتمرير الإعفاء الساحق للحريديم من التجنيد بواسطة “خطة كاذبة”.
فريقه كان غانتس الساذج وآيزنكوت المغبون وكلاهما سيبقيان رائحة زائدة وذاكرة باهتة لما كان. مع ائتلاف يتكون من 45 مقعداً في الاستطلاعات، لكن في الواقع 68 مقعداً، ستسرع الدولة تحت حكم نتنياهو الخطى نحو هاوية أمنية وسياسية واقتصادية. بدون أي رد عسكري على حزب الله و الفلسطينيين في الضفة، وحتى على حماس الموجودة تحت الأرض في غزة، مع جنوب مدمر وشمال تم إخلاؤه، ومعزولة ومكروهة أكثر من أي وقت مضى في العالم.
” وأخيراً وبالاستعانة بـ “ها آرتس” فإنه ومساعدوه أقرب من أي وقت مضى من تحقيق النصر المطلق: على إسرائيل.