وقد سقط مشروع الملالي

وقد تحوّلت الدولة من سلطة الله إلى سلطة الولي الفقيه، غادر الإيرانيون الإسلام حتى بات إطلاق تسمية إسلامية على مولود جديد نادر الوجود.. لقد كفّ الإيرانيون عن إطلاق تسمية “علي” أو “حمزة” أو “فاطمة” أو “زينب” على مواليدهم الجدد واستبدلوها بأسماء وثنية كـ ” داريوش” أحد ملوك الأسرة الاخمينية وأراش الذي رسم حدود إيران ورماها في الجهات الأربع.

يذكّرنا بهذا مقال للراحل العفيف الأخضر، وكان قد تنبأ بأن صبايا إيران سيضجرن من الملابس القاتمة وسيبحثن عن الثياب الباسمة.. الحياة الباسمة والتي لن تبدأ قبل أن يبدأ الإنسان بامتلاك جسده.

واليوم، ماتزال التظاهرات تجتاح إيران وتنتقل من مدينة إلى مدينة وبتضامن شبابي عالمي لم تخل منه مدينة، والسؤال المُلح:

ـ هل ستنتصر ثورتهن؟

قد تاتي الإجابة بـ “لا”، فنظام الملالي مجهّز بكل وسائل القتل والإبادة وكان قد اختبر وسائله في سوريا، كما في اليمن والعراق، غير ان هذه الـ “لا” تعني المؤقت إذا لم ننظر اليها بتردداتها، فالثورة انتصرت :

ـ أولأ على هيبة المرشد، وليس امرًا قليلاً أن يستبدل المتظاهرون شعر “الموت لامريكا” بشعار “الموت للمرشد”.

ثانيها أن الثورة عملية تراكمية ماتزرعه اليوم قد تقطفه غدًا، والأهم من هذا وذاك أن مجتمعًا إيرانيًا جديدًا يتشكل هو مجتمع “تحت االأرض” وهو مجتمع شبابي اتصل بالعالم وتعرف على ادواته، ومن خطى الخطوة الاولى لن يتراجع عنها وكل ما سيتبقى هو اللحظة التاريخية التي تسمح بتجاوز الآني، وهي لحظة قادمة دون شك وقد وصل الشرخ بمجتمع الملالي إلى حدود تمرده على نفسه ولابد أن منظومة االملالي نفسها ستعيد النظر إلى نفسها لتدرك أنها باتت منظومة معزلة، خارجة عن التاريخ والمدينة في بلاد لها تراث التاريخ والمدينة، وهانحن نقرأ تراجعات المرجعية الدينية العليا وليس أمرًا يمكن الاستهانة به ان نقرأ تعليقًا لخامنئي يقول فيه “مقتل اميني حرق قلبي” وإن كان تصريحه ذاك ممتلئ بالكذب، فمن قتل “اميني” باسيجه وحرسه الثوري وكلاهما يتغطى بعباءته.

اللافت، ذاك الصمت الذي وقع على الفصائل الإسلامية وحصرًا على جماعة الإخوان المسلمين، وهو صمت يقول بالفم الملآن أن مايقع على سلطة الملالي يبنبئ بفشل مشروعهم السياسي برمته وهو المشروع الذي كانت إيران مختبرًا له، والذي يقول:

“على مؤرخي صعود وأفول الإسلام السياسي أن يتخذوا من إيران مختبراً”.

ليس في إيران وحدها، لقد سبق وسقط في مصر، وطريق سقوطه في إيران سالك وإن بصعوبة.

Exit mobile version