واضح ان اليمين يفوز تدريجيًا في العالم، فاز بإيطاليا، واقترب من الفوز في فرنسا، وهاهي إسرائيل تستعيد يمينها.
في إيطاليا جورجيا ميلوني، فازت واكثر من الفوز باتت أول امرأة تتولى منصب رئيس الوزراء في تاريخ البلاد.
بعد فوزها قالت” سنحت لنا فرصة فريدة لإحياء إيطاليا ومنع اليسار من العودة إلى الحكومة بعد سنوات من الكوارث والقيود. نحن مستعدون للقيام بدورنا”.
ميلوني تقول بهذا، فازت الوطنية على العولمة، أما العولمة بالنسبة للطليان فقد فقدت بريقها مابعد كورونا وتخلي أوروبا عنها، وفي فرنسا بات الفرنسيون يتلمسون رؤوسهم، للبحث في جماجمهم عما تبقّى لفرنسا من الفرنسيين وقد بات العالم يرتدي موديلاً واحداً هو الموديل الامريكي بدءًا من الليدي غاغا وصولاً لسندويشات الهمبرغر، مع أن لفرنسا مابعد نابليون بونابرت، شارل ديغول، ولها دانتون وروبسبير، ولها أزياء كريستسان ديور.
أوروبا وسواها، انكشفت مابعد الحرب الروسية الأوكرانية، وقد باتت بمجملها دول تحت الحماية الأمريكية، والقرار الأمريكي، والسلاح الامريكي، وعلى اوربا انتظار الصقيع كما انتظار تعطيل ماكيناتها وإغلاق ورشاتها، ولها أن تنتظر انتصاراً اوكرانيًا على روسيا، لينتصر الأمريكي فيما أوروبا تدفع أثمان الانتصار الذي إن أتى فليست نتائجها له، وإن لم يأت فالغرامات عليها.
الدول االأوروبية الأكثر ضعفًا كانت السباقة “للوطنية” ومثالها المجر، والدول المفتونة بقدراتها الاقتصادية مثل المانيا باتت تهتز تحت صعود اليمين الذي ينادي بألمانيا للألمان لا لأمريكا، أما العولمة فقد باتت شكلاً من أشكاال الاستبداد الطري، وهو استبداد “قيم” على قيم الآخر، وبالحصر “قيم وول ستريت” على مجمل “قيم” العالم حتى اهتزت قيم الأمس دون أن يعثر العالم علىى قيم اليوم وبالننتيجة متاهة قيم تستدعي الأمم للبحث عن هويتها.
“القيم” الأمريكية”، قيم سائلة، ذلك هو حالها، فحين تشتغل على حقوق الإنسان تنتهك “السود”، وحين تشتغل على السلام الدولي تحتل “فيتنام” و “أفغانستان” و “العراق”، فقيمها هي قيم “الجرّار” ذاك الذي يركّب أذن الجرّة كيفما يشاء، فللقنبلة الذرية على ناغازاكي وهيروشيما مبرراتها عند “الجرّار” الأمريكي وقد مضى على تفجيرهما مايزيد عن ثلاثة أرباع القرن دون أن تعتذر أمريكا عن تلك القيامة التي حلّت بالعالم.
الأوروبيون اليوم على طريق استعادة هويتهم الضائعة، حتى ولو استمدوا هوية معطوبة ومتسخة من نموذج النازية أو الفاشية.
لهذا ترى الصليب االمعكوف على جداريات في برلين، وترى أعلام موسوليني ترفرف في إيطاليا.
عاد العالم إلى صراع الهويات.
اليمين يتكفّل بإدارته.