وقد فقَد “نتنياهو” صفة حارس أمن الدولة

“رسمياً ونهائياً هو الشخص الأخطر على وجود دولة إسرائيل”، هو كذلك “أخطر على أمن الدولة ومناعتها وتماسكها والنسيج الاجتماعي فيها، أكثر من رئيس “حزب الله” حسن نصر الله، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ورؤساء حماس والجهاد الإسلامي.

بعد هذا من هو “هذا” الأخطر؟

إنه بنيامين نتنياهو، وقط شنّت ها آرتس هجوماً لاذعاً عليه مما جاء فيه “لا يوجد في إسرائيل  عرف الانقلابات العسكرية، ولو وجد لكان الوقت الذي يدخل فيه قادة الجيش إلى مكتب رئيس الحكومة، ويتقدمون نحو الشخص الذي يقف وراء الباب المزدوج ويطلبون منه أن يرافقهم إلى الإقامة الجبرية. كان وزير العدل سيتلقى زيارة مشابهة، وهكذا نجل رئيس الحكومة ووزراء آخرون. لحسن الحظ أن هذا السيناريو ما يزال خيالياً في إسرائيل”.

لن نتفاجأ “والكلام لـ ها آرتس” إذا تمت إقالة رئيس الأركان اليوم في جلسة خاصة للحكومة. وفي الجلسة نفسها ستسقط الفأس أيضاً على المستشارة القانونية للحكومة وعلى المدعي العام في الدولة. 24 ساعة من التطهير السياسي بقيادة شخص يتصرف مثل ديكتاتور مجنون وكأن شيئاً أصاب عقله”.

هي جمهورية موز، تلك هي الصورة التي تقدّمها الصحيفة الإسرائيلية عن “إسرائيل”، وهي جمهورية يسيطر على عقل رئيس وزرائها  ولد يسمى يئير نتنياهو، ابن بنيامين، فهو وفق الصحيفة “هو الذي يدير الأمور ويسيطر على والده الضعيف والعجوز، هو كارثتنا الكبرى”.

وتتابع ها آرتس “الأقوال الدارجة على ألسنتنا مثل جنون وخبل وفقدان الصبر يبدو أنها قد فقدت الطعم. لا يوجد تعريف لما يحدث الآن ولما حدث بالأمس. حتى في أقسى أيام حرب أكتوبر لم يكن سائداً مثل هذا اليأس. لم تكن هناك دهشة أو ذعر بهذا الحجم كما يشاهد مواطنو سرائيل الآن، لا سيما من يرتدون الزي العسكري في الاحتياط وفي الخدمة النظامية”.

تصف ها آرتس الحالة الإسرائيلية اليوم بالقول ” يقف الجيش الإسرائيلي أمام انهيار كامل، وقد أصبح هذا أمراً واضحاً. تحذيرات جميع رؤساء الأجهزة الأمنية من الجبهات المتفجرة واندماج جميع عناصر الإرهاب، اتخذت شكلاً أخطر منذ أمس. لن يتفاجأ أحد حتى لو انطلقت صافرات الإنذار فجأة في سماء البلاد. يكاد يكون هذا نهاية مطلوبة للمأساة التي هي إسرائيل 2023″.

“كنت أريد أن يذكرني الناس كحارس لأمن إسرائيل”، قالها نتنياهو في المقابلات أكثر من مرة، وهكذا أيضاً كتب. سيذكره التاريخ أنه دمر وخرب “أمن إسرائيل”. أي طريق بائسة لإنهاء حياة سياسية كان فيها إنجازات وأرقام قياسية. إقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت، من قبل شخص اعترف في كتاب سيرته الذاتية بأنه من الخطأ إقالة وزراء، هي المسمار الأخير في نعشه. لن تتم دعوته إلى الولايات المتحدة. غالنت – نعم. إذا لم ينجح في الأشهر الثلاثة القادمة في الحصول على عدة زيارات في الدول المهمة في أوروبا، حيث سيخرج من بعضها خاسراً ومهاناً وموبخاً، حتى هذا انتهى.

الدكتاتوريون المستبدون في هنغاريا وبولندا هم الذين سيستقبلونه. شرنقة الديكتاتورية التي شاهدناها وهي تتطور أمام أنظارنا خلال التسعين يوماً الأخيرة أنبتت أجنحة وتقدمت نحو المرحلة الأردوغانية في تطورها.

هذا يقال في كل مناسبة في أسرائيل اليوم، فالإقالات ستزيد من حدة احتجاج الجمهور. وستسرع عملية تفكك الجيش وستقوض ولا تقوي استقرار الحكومة التي تحصل على علامات سيئة، حتى سيئة جداً، في جميع الاستطلاعات.

الإقالات تقضي على أي احتمالية للحوار بين الائتلاف والمعارضة حول تسوية تتعلق بالتغييرات في جهاز القضاء. إذا سيطرت الفوضى والإحباط واليأس، فستشتد هذه المشاعر بأضعاف.

في ربع القرن الأخير تعلم الإسرائيليون شيئاً ما عن نتنياهو وحلفائه في حزبه ومعسكره، جميعهم يتحولون في لحظة معينة إلى خصوم سياسيين شديدين. ولكن هذا يستغرق أشهراً طويلة وأسابيع كثيرة. هكذا كان الأمر مع إسحق مردخاي ودان مريدور وبني بيغن في العام 1999. وبعد ذلك، مع جدعون ساعر وموشيه كحلون وافيغدور ليبرمان. واليوم ثمة من الإسرائيليين من يعتبر أن أفعال نتنياهو ” غير أخلاقية وغير أمنية أو سياسية”. وليس هذا فحسب، بل هي خطوة هستيرية وتدل على وجود مشكلة في التقدير، هذا إذا لم يكن أبعد من ذلك. في الحقيقة، هي أبعد من ذلك. يبدو أن كل عاقل سيتساءل عن سلامة عقل رئيس الحكومة.

ها آرتس تتساءل:

ـ ماذا سيكسب من ذلك بربكم؟

ـ هل يحصل من سيدخل إلى مكتب الوزير على ثقة القيادة العسكرية العليا؟

وتجيب الصحيفة “من الواضح أن لا”.

بعد هذا ما الذي يحصل في إسرائيل اليوم؟

ثمة من فقد عقله، ومن بعدها لن يكون الرجل الصالح لحفظ أمن إسرائيل وحارسها.

لقد باتت إسرائيل اليوم في قلق يتخطى قلق اللحظة.. هو قلق الوجود برمته.

Exit mobile version