وهكذا سيكون الانهيار

نبيل الملحم

سيكون استعراض يوم الاستقلال في روسيا تحت عنوان “يوم القيامة”، ما يعني أن القيامة ستنطلق من اوروبا لاكما يظن الشيعة المسلمون من “الشرق الأوسط” يوم ياتي الإمام من غيبته ويرفع الميزان.

لِمَ لا، والقيامة لاتتطلب اكثر من ضغطة زر تطلق صواريخ نووية، قد تطال برلين وباريس، وربما تصل فيلادلفيا أو نيويورك، فالحرب الروسية الاوكرانية هي ما تبقى من عالم الأمس المعرّض للزوال باتجاه عالم قد لايكون له أي غد سوى :

ـ غد الزوال.

الرؤوس الحامية تشتغل على إيقاد نيران العالم، والعالم ممتلئ بمخزون الحرائق دون نسيان أن “الجوع”، و “الانتهاكات”، و “الاحتقانات الاهلية”، كلها من مخزون الحرائق الذي يندلع على شاكلات مختلفة كما حال حروب العصابات، والحركات الراديكالية، وكذلك انتحار الإنسان عبر نحر قيم التعايش، الجمال، وكذلك عبر عداوات الجار للجار في اضطرابات ظنناها ملكية حصرية للشرق الأوسط وإذ بها تجتاح اوروبا، ربما لتعود أوروبا إلى عصر الهراوة والمقلاع ، بعد أن طرقت الحرب العالمية بواباتها، بانتظار أن يفتح الباب، وما يحدث حتى اليوم، ليس سوى “بروفا” واختبارات سلاح، ما ان تنتهي حتى يبدأ العرض الجدي للدمار، وهو الممكن والوارد مع كل رمشة جفن، وصولاً لحرب  لابد وتطال كل شيء، من أخضر العالم حتى يابسه.

العالم، وقد وصل ماوصل إليه، بات عالم ممتلئ بالضجيج، عالم تملكه حفنة من االبشر، وسط بشرية تائهة ما بين الموت على الأرصفة والتسلل من حدود إلى حدود وقد طال الوقت باحتكار الحفنة لموارد الجميع، واحتكار المركز للأطراف، واحتكار السلاح حتى أفلت السلاح من عقاله في التنافس على السلاح، لينفلت المغامرون من سجن التاريخ إلى خلع بوابته، ويحوّل الجنون إلى “مشروع” ولولا تراكم كما ذاك التراكم، لما انفلت فلاديمير بوتين على العالم كما هو الحال اليوم، بعد أن أهينت بلاده بدءًا من انهيار جدار برلين وتحويل روسيا إلى مجرد معبر للأولغارشيا والزعران، بما سمع لـ “الزعران” بامتلاك اراضي وزراة الدفاع الروسية، وفتح بوابات موسكو للمقامرين والمرابين والصيارفة ليلغي موسكو من خرائط التاريخ، فيكون الرد الروسي بـ “تدمير الحاضر” ثأرًا من تدمير تاريخ بلاد شهدت قياصرة وامبراطوريات، وعزفت موسيقى تشايكوفسكي على بوابات الكرملين ذات يوم، ودفعت من تاريخها الملايين لتكون على خريطة العالم لافي ظل الجغرافية وظل المكان.

عالم بعين واحدة ورأس واحد وقرن واحد، يعني فيما يعنيه تدمير تعدد البشرية وتعدد ثقافاتها وتعدد امزجتها وتعدد خياراتها، وعلى الملغى الاختيار:

ـ إما الحماقة ومقارعة “الواحد” الامريكاني.

وإما الإذعان إلى حيث المزيد من الإهانة والمزيد من سلب الإرادة، بل والمزيد من الإذلال.

وكان أن اختار بوتين “الحماقة”، لتهديم المعبد على من فيه، والرجل بالغ الجدية في السير على طريق الحماقة، ومن يظن أنه سيتراجع خطوة واحدة، لابد وأنه يسيء الظن ويسيء الحساب.

الحرب العالمية على الباب.. كل ما تتطلبه هو:

ـ المزيد من حصار بوتين، بحيث لايفتح له طريق سوى “المزيد”.

الرجل اليوم على الشجرة، وعالم “البنتاغون” لايقدم له سلّمًا للنزول.

ولذلك ستكون الحماقة الكبرى:

ـ انهيار القاعات على من فيها.

وسيكون الانهيار.

Exit mobile version