يا وحدهم

نبيل الملحم

انتقل 7 أكتوبر من زلزال أصاب إسرائيل، إلى مرحلة “البارجة جيرالد فورد”، ومعها انتقلت مسألة غزة، من شعب يقاتل من أجل التحرر الوطني وحق تقرير المصير،  إلى شعب مهدد بالاقتلاع من مكانه والمطلوب منه مغادرة المكان نحو “مناطق آمنة” لا تعني في جوهرها سوى ترحيل جديد مع نكبة جديدة.

تلك هي النتائج الواضحة حتى اللحظة، غير أن الحروب لابد وتحمل احتمالاتها، والاحتمالات لن تكون سوى بوفرة غرف العمليات لافي القراءات الانطباعية لمن يتصلّب بمواجهة شاشات التلفزة، مع الضخ الإعلامي الهائل الذي لا يعطي وإن أعطى فالحقائق الجدية لن تكون بغرف تحرير الأخبار.

ما يحدث اليوم هو الاشتغال الإسرائيلي على اجتياح غزة، والاجتياح في تقاليد الحروب الإسرائيلية سيكون باتجاهين:

ـ القبضة الحديدية، وهذا يصحّ على القرى والأرياف والمناطق الضيّقة المحدودة.

ـ والأرض المحروقة، وهي السياسة المتبعة في غزو المدن المكتظة بالسكان، والتي إن دخلوها بصيغة غير “الأرض المحروقة” فلابد وتلقي على الجيوش بمخاطر تكاليفها أكبر من أن يتحملها جيش كما الجيش الإسرائيلي، ما يعني أن الإسرائيليين قد يذهبون إلى خيارها، وسيكون خياراً أقل تكلفة على إسرائيل وسط دعم أمريكي وأوربي بلغ في التمادي أن تحوّل إلى شريك للإسرائيلي في حربه هذه مما يسمح للقول بأن الغزاويين باتوا في المعركة:

ـ يا وحدهم.

 يا وحدهم، وقد انتقلت طهران من خطاب “القدس لنا”، إلى جولات إعلامية لوزير الخارجية الإيرانية يقول فيها ما لا يُفهم، ولا يُؤسَس عليه، في حين يصالب حزب الله ذراعيه مكتفياً بما يسميه “قواعد الاشتباك” المعمول بها منذ 2006 والتي لم تزد عن مناوشات حدودية بوسع الإسرائيليين ابتلاعها، كما ليس بوسع حزب الله تخطيها، فإذا ماوقعت الحرب المفتوحة ما بين حزب الله وإسرائيل، فهي تعني تهديم كل ما بقي في لبنان بلا خراب، ونعني هنا المطار وبعض موارد الكهرباء، وجملة من البنى التحتية اللبنانية على شحتها، في وضع يمكن القول فيه أن لبنان قد تحوّل إلى جمهورية بلا جمهورية ودولة بلا دولة، ومجتمع منقسم على نفسه لم يتوافق على “موتور كهرباء” فكيف حاله بمواجهة حرب واسعة، وهذا ما يعرفه حزب الله ويعرف بالنتيجة حجم المغامرة التي سيخوضها إن فتح بوابات الجنوب على الحرب، والذي لن تكون نتائجه كما حال حرب 2006 وخلاصتها:

ـ لو كنت أعلم.

الغزاويون بمفردهم، وتلك حقيقة، أما الاشتغالات العربية فهي وإن قاربت الغزاويين غير أنها لن تكون في موضع القدرة على إنقاذهم، فأقصى ما امكن لبلد مثل السعودية فعله هو التهديد بإيقاف عجلة التطبيع مع الإسرائيليين، وهي خطوة قد لا نقلل من قيمتها كفعل ضاغط على حكومة نتنياهو، غير أنها لا تصل إلى مستوى حشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بالزاوية، أيّة زاوية، وبالنتيجة سيعود الغزاويون معها أو بدونها لـ :

ـ يا وحدهم.

كل الواضح من الصورة اليوم، هو الاستعدادات الإسرائيلية للاجتياح البري لغزة، وكل الواضح من الغامض في الصيغة، أن الاجتياح البري لا يمكن سوى أن يتخذ سياسة الأرض المحروقة، ما يعني إبادات جماعية لمجموعة بشرية لم يعد أمامها سوى مواجهة موتها أو الصمود بمواجهة آلة القتل الإسرائيلية.

الآلة ضخمة ونهمة، والكارثة قد تتحول إلى أن تحمل عنوان:

ـ كارثة العصر.

سيكون ذلك برضى وتواطؤ الإدارة الأمريكية، أما عن الاوربيين فكلامهم واضح:

ـ حتى التظاهر مناصرة للغزاويين في بلد اسمه فرنسا قد تحوّل بالنسبة إلى ماكرون إلى:

ـ وهن نفسية الامّة.

ألم نسمع بمنع التظاهر في فرنسا نصرة لغزة؟

هذا حال الالمان أيضاً وحال البريطانيين كذلك، أما عرب الاهزوجة، فلابد لهم من متابعة أهازيجهم، وذلك أضعف الإيمان

Exit mobile version