مرصد مينا
لن يكف حزب الله عن الدخول في حرب غزة، وسيفعل ذلك متجاوزاً الرغبة الإيرانية، إن لم نقل متحدّياً تلك الرغبة.. سيفعل ذلك مدفوعاً بدافعين اثنين:
ـ أولهما، نرجسية “القائد” الذي يلتقط الضوء، وهو رجل يعرف كيف يلاعب الأضواء، وتلك ميزة نالتها معظم الشخصيات الفاشية التي شهدها قرننا.
ـ ثانيها: الدور.
عن الشخصية النرجسية، فتلك ميزة تحجبها عن جمهور أنصاره مقدرته الهائلة في الإيحاء بـ “الزهد”، وتكريس الـ “زهد” باعتباره سرّ لقداسته، ولا شك بأن أنصاره يمنحونه مرتبة “العصمة”.
وحين يتصل الامر بالدور، فالسؤال الأكثر إلحاحاً على نصر الله إذا لم يزج بلبنان في هذه المعركة هو السؤال التالي:
ـ ما مبرر سلاحك؟
بواقع الإنكار، وثقافة الإنكار، لن يعترف بعجز حزبه عن مواجهة القوات الإسرائيلية المدعومة بالفرقاطات الأمريكانية، وبثقافة “الموت” سيزج أنصاره وبلده في حرب، كل من يسكن لبنان أو يعبره زائراً يعرف بالتمام والكمال أن البلد غارق في أزماته، وإضافة حرب عليه لا تعني سوى دفن البلاد وإعادتها للعصر الحجري هذا إن تبقّى زمن لبلد أخرجها حزب الله من كل الأزمان.
سيزج بقوّاته، ويعلنها حرباً واسعة، كلما زادت ضحاياها ارتفع منسوب “نصره الإلهي”، ولن تتدخل إيران لا بحرسها الثوري ولا بـ “ثوارها”، ليكون وحده في المعركة، فالإيرانيون لن يغامروا بما سيحصدون من حرب غزة، وقد اشتغلت حماس لحسابهم، وبرأسمال هو لحم ودماء الفلسطينيين، ثلثهم من الأطفال وبقية الثلثين من النساء وشهود الحرب، فيما قيادة حماس تبيع في الدوحة وتشتري من طهران، وحال أن يدخل لبنان الحرب، ستنتقل الوكالات والكاميرات وبرامج التوك شو للحدث اللبناني، ليستفرد الإسرائيلي بالغزاويين، ويتحول الحدث من غزة إلى لبنان، وكل لبنان لا ضاحية بيروت الجنوبية فحسب، ومن بعدها يكون :
ـ الخراب الكبير.
سيحدث ذلك، وما نقوله لابد خارج التوقعات، كل التوقعات، غير أن حربنا وسلمنا باتا رهناً لإرادة “السيد” وما يدور بخياله من أفكار.
ـ السيد يشاء؟
ـ إذن : الامّة تشاء.
والوكسة تيجي ورا النكسة، على حد قول المصريين، وأعمار الناس هباء.