يمين .. يسار، والمهاجرون كيف أحوالهم

زاوية مينا

منشغلون من عودة اليمين الأوروبي إلى قيادة أوروبا، أما المنشغلين أكثر فهم اللاجؤون على مختلف أسباب وبلدان لجوئهم، والمنشغلون إياهم لم يتذكّروا أن اليمين هو تاريخ أوروبا فيما لم يؤسس اليسار ما يكفي لتحميله أي من إنجازات التاريخ أو أعبائه، أما في الحاضر فإن فكرة اليسار التقليدي لم تعد محببة لدي الأوروبيين.

وقد يكون هذا ما أدركه كير ستارمر رئيس حزب العمال البريطاني، الذي يحاول استغلال الأزمات الأخيرة التي يمر بها حزب المحافظين، بالذات بعد أزمة اختيار رئيس الوزراء الأخيرة، ومحاولة السير على خطي تونى بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق الذي كان أقرب إلي الوسط منه إلي اليسار حتى يتماشى مع الظروف الراهنة.

ثمة من يقول الآن أن الأمور قد لا تسير في طريق اندثار اليسار، فمن الممكن أن تكون مجرد استراحة محارب لليسار الأوروبي، في ظل تواجد أمثلة لازالت تقود دول كبري داخل القارة العجوز، مثل ألمانيا التي نجح فيها الحزب الاشتراكي الديمقراطي في تشكيل الائتلاف الحاكم في ألمانيا، بعد سيطرة لليمين ممثلا في الحزب المسيحي الديمقراطي دامت لعشرين عاما.

ما سيدلل على الاعتقاد إياه ما تنبئ عنه استطلاعات الرأي فقد أظهر بعضها أن فئة الشباب تميل نحو اليسار وليس اليمين المتطرف، في ظل وجود شخصيات يسارية نجحت في التعبئة، مثل جون لوك ميلونشون زعيم اليسار الفرنسي، الذي كاد أن يقلب الطاولة ويتجاوز مارين لوبان
وعليه فإن الأيديولوجية اليسارية في أوروبا لم تنته بعد، إلا أن الأمر يحتاج فقط لتحسينات في جوهر هذه الحركات، من الاهتمام بلغة الخطابات وسرعة التعاطي مع الأزمات وغيرها، خاصة وأنها تواجه تحديات تفرضها الحركات اليمينية التقليدية التي لا تريد وصول قيادات بفكر اشتراكي للسلطة، لأنها تعتبر هذا الأمر تهديدا لها.

ومثال على ذلك، جيرمي كوربن الذي كان مرشحا للفوز برئاسة الوزراء البريطانية في 2019، إلا أن كل مؤسسات الدولة تعاونت جميعها لإفشاله، وأولها الإعلام.

وبالتالي، فإن الحل لمشكلة اليسار في أوروبا ليس الاقتصار على مطاردة أصوات ناخبيهم السابقين، ولا تصيد أخطاء اليمين، بل بالتفات اليساريين إلى أنفسهم، والعودة إلى برنامجهم وقيمهم الأساسية التي جذبت مؤيديهم من الأساس.

في العودة إلى مخاوف اللاجئين، فلا اليسار واليمين الاوروبيين كفيلين بحل مشاكلهم، مشاكلهم أولاً وأخيراً في بلدانهم، بلدان العنف، والفساد، وسطوة الدكتاتوريات الممسوخة، فبدلاً من الاحتجاج على الدول المضيفة، من الاجدر العودة إلى بلدانهم وهناك يكون كفاحهم دون نسيان أن اللجوء بات واحداً من معطيات استقرار أنظمة بلدانهم على ماهي عليه من انعدام الشرعية، كما دون نسيان أنه:

ـ كلما هاجر معترض على مستبِد، ارتاح المستبِد من المعتَرض والمثال السوري أكثر الامثلة وضوحاً.

Exit mobile version