في طهران “آيات الله”، ناطقون باسم الله، يحلون محل الله ويقررون الحرب باسم الله، ويعزلون بلادهم عن العالم كذلك باسم الله.
ـ السلطة كل السلطة للمرشد، ولا أحد يتساءل:
ـ ألم يضق الله ذرعًا بوكلائه؟
وفي الشق الإسلامي الآخر، “جبهة النصرة” و”جيش الإسلام” و “داعش”، كذلك يفتكون باسم الله، وينبشون المقابر باسم الله، ولا نعلم حقيقة كم ذاق الله ذرعًا بهم.
وفي إسرائيل الدولة النووية، الحاصدة على عشرات من جائزة نوبل، ثمة من يستولي على “الله” حتى أن بتسلئيل سموتريتش لا يحب هذه البلاد، فهي تثير اشمئزازه؛ لأن فيها عدداً كبيراً جداً من الأشخاص الذين لا يروقونه، ويجبرونه على غلق أنفه.
ـ ما الذي يجعله “لايحب هذه البلاد”؟
إنها خروقات حرمة السبت وانتهاكها تلك التي تصيبه بالمرض، فالرجل لا يتحمل أي أحد ما عدا أصدقاءه الذين هم أيضاً لا يتحملون أي أحد غير أنفسهم. ومثل كل من خدم 14 شهراً في الجيش، يصمم على تدمير وسحق وإنزال العرب في غزة على ركبهم.
هو يسمي ذلك “حب البلاد”.
هذا الحب ليس من النوع الذي نعرفه، فهو ليس حب أماكن أو ذكريات أو مدن أو شوارع أو شواطئ أو جبال. بالنسبة له، وحسب وصف مواطنه الإسرائيلي الصحفي في صحيفة ها آرتس يوسي كلاين فالوطن بالنسبة لـ “بتسلئيل سموتريتش” ليس أكثر من وعاء للنظام الذي يريد الحكم هنا. وطنه قالب يمكنه أن يدخل إليه عقيدته، بحيث لا يبقى ملليمتر لعقائد وآراء أخرى. “الصهيونية” تعني له مرادفاً لـ “حب البلاد”. والآن عليك أن تشرح له بأن العربي الذي يعيش هنا قبله منذ أجيال يحب هذه البلاد بدرجة لا تقل عنه.
حسب يوسي كلاين، فالوطن بالنسبة لـ “بتسلئيل سموتريتش” ليس له ولأصدقائه مبادئ إنسانية وعالمية يمكن معها لشخص أن يجلس برفقة أشخاص من المستوطنة. لأنه لا يمكن أن نتوقع منه أن يعظ فجأة بـ “المساواة” أو حتى “الاستقامة”.
ـ تباً، سيقول عندما يلتقي معهم، وسيبصق مرتين.
المساواة “قذارة” يساريين. هو غير مستعد أن يسمع عن المساواة في الحقوق حتى لو تعلق الأمر بحقوقه هو نفسه. على الأكثر، سيتصالح على “حرية التعبير” شريطة أن تسري فقط على “شتائمه للفلسطينيين”.
سموتريتش يسمي نفسه وطنياً. الوطنية هي الملاذ لمن ليس له أي قيمة يحبها. الوطنية تناسب من ليست لديه أي فكرة عن معناها. وعندما يقولون له “أن تكون وطنياً هو أن تكره العرب واليساريين”، سيهز رأسه ويركض إلى البيت ليعد لافتة من الكرتون مكتوباً عليها سطرين: الموت للعرب، يساريون خونة. وهو يحمل اللافتة يسارع الوطني للوقوف أمام بيت نفتالي بينيت. الوطني هو الصفة الوحيدة التي تربطه باليمين. لا يريد أن يسموه “بيبياً”، ويطالب بالدقة: أنا لست “بيبياً”، أنا عنصري. البيبي يؤمن بأن الله قد اختار بيبي، والعنصري يؤمن بأن الله قد اختاره. ما الذي تريدونه مني، يعتذر بابتسامة خجولة. أهو ذنبي أن الله اختارني؟
ليس هو الذي أراد الحفاظ على نقاء العرق، أبونا الذي في السماء هو الذي صمم. تعتقدون أن زوجته لم تكن تريد أن تلد مثل أي امرأة أخرى؟ بالتأكيد هي كانت تريد، لكن من الذي سيحافظ على النقاء حينها؟ “فجوات عقلية” هو يشرح رفض زوجته للمكوث في غرفة واحدة إلى جانب نساء عربيات بعد الولادة. هل يوجد لها فجوات عقلية أيضاً مع ولادات شرقيات.
هذه الأسئلة لا تحرج العنصريين الأنقياء. العالم ينقسم إلى قسمين، علوي وسفلي. وهناك من هم في الأعلى، وهناك من هم في الأسفل. وإذا كان هناك دمج فلا يكون هناك تفوق. وماذا يساوي التفوق إذا لم يكن بالإمكان استخدامه؟ وماذا تساوي العنصرية إذا كانت كل امرأة تصيد السمك يمكنها الولادة قرب السيدة سموتريتش؟ في نهاية المطاف ليست هي، بل سيد الجيوش هو الذي وضع الأشكناز المستوطنين في الطابق العلوي، والشرقيين البيبيين في الطابق السفلي، والسود والعرب واليساريين في القبو.
يساريون؟ سيسأل. هل القصد هم الذين نسوا ما معنى أن تكون يهودياً؟ العنصري يحافظ على الطهارة ولا يوافق على الجميع في النادي. هناك يهود وهناك يهود. كما يجب فحص اليهود حتى آخر قطعة من الكلفة. وماذا عن الإصلاحيين؟ نعم، هذا سهل بالتحديد. الإصلاحيون غير يهود، يقول. هل هناك أسئلة أخرى؟
حتى لا تفكروا للحظة بأن الأمر يتعلق بنوع من الروحانية، فالحديث عن محبة إسرائيل هراء تسويقي، ودحرجة العيون أعمال بهلوانية. وحتى لا تفكروا أن الوظائف والميزانيات وتوفير مصدر العيش للمقربين غير مهمة للوطني، فهي تهمة بدرجة لا تقل عن أهميتها بالنسبة لميري ريغف. ولكن في حين أن بيبي وقف إلى جانب ريغف فإن سيد الجيوش يقف إلى جانب سموتريتش، ومستعد لتلقي الأوامر منه. يقف؟ ما معنى يقف؟ يجلس على كتفه ويهمس في أذنه: اذهب بقوتك هذه يا بتسلئيل وانقذ إسرائيل.
من أجل أن ينقذ إسرائيل، سيستغل كل ضعف في النظام الديمقراطي الذي أدى به إلى هذا الحد. عندما يهدمه بمساعدة أغلبية ائتلافية، سيتسلق على الأنقاض ويؤسس السنهدرين ومنشأة متحركة لتقديم القرابين، ثم ينتظر بصبر حتى الانتهاء من معالجة الحرم.
على الضفتين ثمة من هو في الموقع العلوي وآخر في الموقع السفلي.. ثمة إسلام قبو وإسلام طوابق علوية، وثمة يهود قبو، ويهود طوابق علوية، ول اتعفى الكنيسة من ذلك فطالما كان لها أقبية وطوابق علوية.
ـ يبقى السؤال:
ـ ألم يمل الله من وكلائه؟