مرصد مينا
يوم اعتدى رفعت الأسد على حجاب سيدات دمشق واطلق فارساته على الشوارع والأزقة الجانبية في عملية هي واحدة من فظاعات رفعت الأسد، خطب أخيه حافظ معتذراً من دمشق، لا حرصاً على كرامة ناسها، بل تلافياً لتصعيد قد يقلق نظامه واستقرار نظامه، وفي ذلك خطوة ذكية لرجل ليس لديه سوى ما يكفيه من الذكاء لتلافي القلق، أما اليوم فهاهم الحجّاج الإيرانيون، وإن بجوازات سفر إيرانية، يزورون قبر معاوية بن أبي سفيان، ليرشقونه بالبذاءة والشتائم واستطراداً بالأحذية، وسط صمت بشار الأسد إن لم يكن بتأييده، وذلك ليستكمل الإعلان الصريح:
ـ الاحتلال الإيراني لعاصمة الأمويين.
هي دمشق عاصمة الأمويون وتلك حقيقة لا تعكّرها أقلام الاعتداء على حقائق التاريخ، وللتاريخ الاموي دولة امتدت من حدود الصين إلى المغرب العربي، لتكون مخزن القمح وبيت مال المسلمين ولتكون كذلك “دولة القدرة”، ومن بعدها لم تأت دولة عربية واحدة إلاّ واختلطت باللعبة الدولية مع المزيد من الاعتداءات الفارسية على الدولة، سلاحاً ونظاماً وعقيدة، لتتحول مع “دولة الأسد”، إلى دولة رجل القصر الذي يكاد لا يجرؤ على مغادرة غرفة نومه في القصر، وهكذا أهينت دمشق، واستطراداً في الإهانة بات الحجاج الإيرانيون يرشقون أحذيتهم على قبر مؤسس الدولة الذي له ما عليه، سوى أن ما له لابد سيكون أعلى شأناً مما عليه، أقله أنه “رفع أسوار الدولة”، فكان على “الشام” أن تكون قبلة المغني والشاعر والعاشق والفارس أيضاً.
ما الذي يريده الإيرانيون من دمشق؟
بيوع العقارات على قدم وساق، حتى أن أجزاء واسعة من باب توما وحي القيمرية وامتداداً في الحميدية، باتت من ممتلكات الشيعة الإيرانيين، هذا سيضاف إلى منطقة السيدة زينب دون نسيان الاستيطان الشيعي في حلب وفي شرقي البلاد وغربها، بما يعني “فرسنة سوريا”، وبما يعني نزع الصفتين اللتين تحملهما البلاد باعتبارها عربية في جانب منها، وإسلامية في جانبها الآخر، وفي الحالين لم تعتد عروبتها على قومياتها الأخرى، فيما كان إسلامها، والسني على وجه الخصوص، إسلاماً وسطياً لا يراقص الخناجر ولا يضطهد أقلية، حتى باتت الشام موئلاً للجميع ومرحبة بالجميع واكثر من هذا وذاك واحدة من عواصم ثلاث إذا ما انهارت، لن يتبق للعرب مكاناً في التاريخ، فيما العاصمتين الأخريين هما القاهرة وبغداد، وهذه بغداد تنهار تحت الزحف الإيراني حتى باتت قطعة من عباءة الولي الفقيه خارجة من التاريخ في اعتداء لايوصف على جغرافيا العراق.
لن يحتاج الفرس ما بعد اليوم لإذن بالاعتداء على مقدّسات دمشق، أكان المقدّس قبراً أم كان بستان هشام، اما عن بشار الأسد فليس سوى رهينة من رهائن الولي الفقيه، يضاف إلى حزب الله في لبنان وإلى الحوثي في اليمن، وإلى المرجعيات الشيعية العراقية وقد هجرت “النجف” واحتكمت إلى “قم” حيث يسطو الولي الفقيه.
دمشق تُهان، لا في مقدّسها فحسب ، بل بعمق الهوية، وليس ثمة من يخطب ليعتذر.
ثمة رئيس يغفو في القصر بانتظار:
ـ مكافأة نهاية خدمته.
مكافأة قد يحملها صبي من صبية الولي الفقيه.