ساعات قليلة، لا تتجاوز الأربع وعشرين ساعة، تفصل تونس عن طي صفحة أزمتها السياسية، التي تعتبر الأسوء منذ نيلها الاستقلال عن فرنسا، والتي سيعرف بعدها التونسيون بعد انتظار لأشهر طويلة، أي الطرق ستسلكها بلادهم، اعتبارات من غدٍ – الخميس، هل ستشهد حكومة جديد، برئاسة “إلياس الفخفاح”، أم قرار بحل البرلمان وانتخابات مبكرة، ربما لا تساهم كثيراً في إنهاء الأزمة بشكل كامل، وسط التوازنات السياسية المسيطرة على المشهد المحلي.
صحف تونسية محلية، أشارت بدورها إلى أن الأمور بالنسبة لحكومة “الفخفاخ” تتجه إلى المزيد من التعقيد، مع مقاطعة أكبر حزبين تمثيلاً في البرلمان، وهما حركة النهضة الإسلامية وحزب قلب تونس، الأمر الذي يصعب من إمكانية الحصول على ثقة البرلمان، ويجعل من الحكومة في حال تمريرها ورقة في مهب الريح، قابلة للسقوط في أي لحظة، وأمام أي تحدٍ يوجهها.
واعتبرت الصحف في عناوينها الصادرة اليوم، أن “الفخفاخ” مصر على استبعاد قلب تونس من تشكيلته الحكومية، وهو ما اتخذته حركة النهضة ذريعة للتنصل من تأييد الحكومة، والتوجه نحو معارضتها، بوصفها حكومة لا تمثل التعددية الحزبية، وهو ما يرجح من وجهة نظرها إمكانية طرح سيناريو الانتخابات المبكرة، كأقرب حل للأزمة.
أما على الجهة الأخرى، فظهر توجه سياسي يتحدث عن مفاجآت الساعات الأخيرة، التي قد تفرز ولادة الحكومة، إلا انها ربطت ذلك، بمدى إمكانية انصياع “الفخفاخ” لطلبات حركة النهضة الحقيقية، التي تمررها من تحت الطاولة، تحت مسمى المطالبة بحكومة وحدة وطنية، وتذرعها بإقصاء حزب قلب تونس، الذي من المفترض أنه خصمها السياسي الأبرز.
متبنوا التوجه السابق أضافوا في تحليلاتهم: “النهضة تدرك تماماً أن الانتخابات المبكرة قد يفقدها أغلبيتها الضئيلة في البرلمان، وأنها في الانتخابات القادمة قد لا تتمكن من الحصول على نقاط قوة وعدد من المقاعد يمكنها من الدخول في الحكومة وبالتالي خسارة كل شيء، وهنا يمكن القول أن الانتخابات المبكرة قد يكون احتمال أكثر سوءاً للنهضة من الفخفاخ نفسه، وبالتالي قد تظهر هنا مفاجآت الساعات الأخيرة”.
واعتبر المحللون أن ضغط النهضة على الرئيس المكلف، جاء للحصول على حقائب وزارية أكبر وأكثر سيادية، وعلى رأسها الداخلية والعدل، اللتين أكد الفخفاخ أنهما ستذهبان لشخصيات مستقلة، وهو ما لم يرق للنهضة، التي تعاني من أزمة الجهاز السري التابع لها والمتهم بتنفيذ اغتيالات ضد معارضن سياسيين لها، على حد وصف المحللين، الذين أضافوا: “العدل والداخلية مسألة حياة أو موت للنهضة ولذلك تقاتل عليهما، وتضغط على الرئيس المكلف لعقد تسوية معه بحصولها على الحقيبتين المذكورتين، مقابل الدعم في البرلمان”.
ويعتبر غدٍ – الخميس، آخر مهلة أمام رئيس الحكومة التونسية المكلف، “إلياس الفخفاخ” لتقديم حكومته للرئيس التونسي، “قيس سعيد”، لطرحها على البرلمان لنيل الثقة، ضمن المدد المحددة في دستور البلاد.
وكان الرئيس التونسي، قد أكد أنه سيتجه نحو حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة، في البلاد، إن لم يتمكن رئيس الحكومة المكلف من تشكيل حكومته ونيل ثقة البرلمان.