fbpx
أخر الأخبار

يوم تنتصر جديلة المرأة على عمامة الفقيه

كان علينا أن نفترض أن سؤالها الأول للرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي:

ـ كم أمر إعدام نفذت سيدي الرئيس؟

لكنه اختار الغياب عن الحوار فالصحفية كريستان آمانبور، بلا شك متتبعة للحياة الإيرانية ولعنف “حرّاس الفضيلة” كما هو حال محطة بحجم الـ “سي أن أن”، المكروهة في إيران، الدولة المرحبة بإعلام من شاكلة “الميادين” أو “المنار”.

رئيسي الذي لايخلو من ذكاء المراوغة عثر على وسيلة للهرب من المقابلة، في وقت تحترق فيه طهران وصراخ نسائها يعلو ويعلو:

ـ الموت للمرشد.

ذريعته في الهروب من المقابلة كانت “الاحترام” أما الاحترام بالنسبة اليه فهو فرض الحجاب على المذيعة التي ستقابله، وبطلب كهذا سيفرض على المذيعة سلطته وسطوته دون نسيان أن  كريستان آمانبور إيرانية الأصل وبالتالي فهي من “رعاياه”.

المذيعة لم تكن من رعاياه، كما معظم نساء طهران والمدن االإيرانية اللواتي رفعن الصوت بممواجهة نظامه ومنظومته وعقيدته وبطش حرسه الثوري، فالشارع الإيراني ملتهب، ووسائل الإعلام تنقل ما يمكن أن تصل كاميراتها اليه، والنظام في بلاده يهتز، وبكل معاني “يهتز”، وليس بمواجهة نظام كهذا سوى واحد من خيارين:

ـ أولهما البحث عن صيغة للتصالح مع الناس.

وثانيهما البطش بالناس.

أما عن الخيار الأول فليس هذا خيار أنظمة من هذا الطراز، فيوم فكّر بشار االأسد بالاستسلام لمطالب جمهور سوريا ومنتفضيها، أرسل النظام الايراني قاسم سليماني ليداوي الناس بالرصاص، فكانت المجزرة السورية المستمرة في وقائعها، ولن يكون حاله مع ناس إيران أقل بطشًا، فالخيار المتاح، الممكن، المرغوب لأنظمة من هذا الطرااز هو الانجراف أكثر في العنف وفي السلاح وفي دفع الناس للسلاح، وناس إيران في انتفاضتهم، لوّحوا بجدائل شعرهم وأصابعهم في وجه المرشد ولم يلجأوا إلى السلاح وهاهم يقدمون المثل العظيم في الحراك السلمي، المطلبي الذي  يعني حقوق الإنسان.

المنصات الموالية للنظام الإيراني من تلفزة ومواقع تواصل، رفعت شعار “المؤامرة”، كما درجت عليه في العادة، والتيارات الإسلامية قاطبة لم ترحّب بانتفاضات شباب وصبايا إيران، والأشد غرابة ومفارقة أن موالي طهران وفي تعليقهم على مقابلة الـ “سي أن أن” التي لم تحدث كان أن ما قامت به مذيعة “سي ان ان” استهداف لنهج الثورة الاسلامية في ايران، و”يرتبط بعمل مخابراتي مُنظّم للنيل من صورة” النظام الايراني. واستند هؤلاء لتعزيز نظريتهم، إلى مقابلة كانت قد أجرتها كريستيان آمانبور في العاصمة الأفغانية كابول، منذ 25 عاماً، مع مسؤول في حركة طالبان، حيث تظهر في المقابلة وهي تضع الحجاب على رأسها وفق الضوابط التي تحددها الحركة المُتشدّدة، وتم توظيف ذلك للقول إنّ المذيعة تمارس ازدواجية في المعايير والنفاق، لأنها وافقت في وقتٍ سابق على ارتداء الحجاب أثناء اجراء مقابلة تلفزيونية، وأن ما تقوم جزء من الاستهداف الغربي المستمر والمُنظّم  ضد الجمهورية الاسلامية في ايران، متناسين أن

المقابلة التي أجرتها آمانبور مع مسؤول في “طالبان” العام 1996، أُجريت على الأراضي الأفغانية في العاصمة كابول، الأمر الذي يُعزّز كلامها ويدحض توظيف المقابلة مع طالبان لاتهامها بازواجية المعايير، لأن كلامها واضح في سلسلة التغريدات بانتقادها لتصرّف الرئيس الايراني، حيث ذكرت مراراً أن المقابلة في أميركا، غيرها في إيران.

تأكيداً على ما ذكرت فقد أجرت مقابلة سابقة مع الرئيس الايراني السابق حسن روحاني في أيلول/سبتمبر في 2017 في نيويورك ولم تضع الحجاب على رأسها، كما تظهر في مقابلة أخرى مع مسؤول الملف النووي الايراني وأيضاً من دون ارتدائها الحجاب.

ابراهيم رئيسي يهرب من الإعلام، ومعه الحق كل الحق، فالمعلومات الواردة من طهران تحكي عن أحكام بالإعدام نفذها رئيسي بيده، نعم بيده دون استعانة بالجلاد، فهو الفقيه وهو الرئيس وهو الجلاد، واليوم إيران تنتفض، مبشرة بالانتصار.. الانتصار لا بما يعني إسقاط النظام، بل بما يعني إسقاط الشرعية عن النظام.. شرعية الفقه والعقيدة والممارسة والسلاح.

هي ثورة في إيران.. ثورة محاصرة بكل غيلان  الأرض من المتأسلمين وقد تحالفوا بمواجهة المد الثوري، تحالفوا مرة باتهام المنتفضين بـ “المؤامرة” وثانية بـ “الصمت” وبكل الحالات فثورة مظفرة لصبايا إيران لابد وتهز عمامات القادمين من الكهوف.

الثورة في إيران اليوم قد لاتنتصر.

 قد لاتنتصر آنيًا ولكنها لابد وتسجل للتاريخ انتصارًا ما.

انتصار جديلة المرأة على عمامة الفقيه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى