مشكلة سدنة الهيكل، أنهم يرقصون أكثر مما تتطلبه الموسيقى، وربما كان أحمد بدر الدين حسون، وقد بات “المفتي السابق”، من اكثر الراقصين المحيطين ببشار الأسد، فقد رقص الرجل أكثر مما ينبغي، بما جعل موقعه موضوع نكتة في الكثير من الحالات، وقد ترافقت معظم خطبه بالدموع، كما لو أن بشار الأسد هو “الماشيح المنتظر”، بما جعل الرئاسة محرجة من فرط التقبيل، دون نسيان تلك الرغبة المتأصلة ببشار الاسد، وقد سبقه ابيه اليها وهي “رغبة التقبيل”، حتى بات التوازن مع فقهائه امرًا بعيد المنال، وهو التوازن الذي سبق وبحث عنه الراحل الدكتور محمد سعيد البوطي وكان من ضحاياه، لخلل ما في الإمساك بعصا السيرك السوري الفظيع.
اليوم ياتي بدر الدين حسون ليشكل إحراجًا جديًا لبشار الاسد، ليس لأنه هدد تواضع” رئيسه، وإنما بسبب الضجيج الذي اثارته فتاوى فضيلة المفتي، فالرجل ذهب بعيدًا في قراءة وتفسير القرآن، حتى احاله إلى واحدة من تعاليم المنطلقات النظرية لحزب البعث فـ “سورة التين” في القرآن الكريم، وصفت بأنها “غريبة”، حيث قال في فيديو نشر له خلال عزاء الفنان الراحل صباح فخري “إن خريطة سورية مذكورة في القرآن الكريم بسورة التين”.
حتى هنا والامر لايعدو الاستغراب وربما الإضحاك، وفي مجازفة الإضحاك وخلال كلمته تساءل المفتي حسون “وين خريطة سورية بالقرآن الكريم؟” ليجيب “موجودة بسورة منقرأها كتير بصلاتنا وهي (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴿۱﴾ وَطُورِ سِينِينَ ﴿۲﴾ وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴿۳﴾ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)”، ولولا الحيطة لأدخل سوريا في غوغل ايرث على هذا الأساس ووفقًا لهذه القراءة، وكان الرجل قد أضاف “لقد خلقنا الإنسان في هذه البلاد في أحسن تقويم، فإذا تركها رددناه أسفل سافلين”، ما يعني أن نصف سكان سوريا ممن هاجروا قسرًا أو نزحوا ظلمًا هم من “أسفل السافلين”.
وتابع “ثم يكمل (الله) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات (في هذا الأرض) فلهم أجر غير ممنون، أي الذين بقوا في سورية”.
تصريحات المفتي حسون فسرت على أنها تقصد السوريين اللاجئين في الخارج، حيث وجه حديثه إليهم قائلاً “عودوا إلى بلادكم.. في الخارج لن تجدوا من يصلي عليكم”.
المجلس العلمي الفقهي التابع لوزارة الأوقاف أصدر بياناً ردّ فيه بلهجة حادة وحاسمة على حديث المفتي، حيث اعتبر ما جاء على لسانه “تفسيراً مغلوطاً ومنحرفاً” من قبله لسورة التين من القرآن الكريم.
وذكر البيان أن “تفسير إعجاز الخلق بهذا المفهوم الضيق بعدٌ عن المقصد الإنساني الذي أراده الله في هذه السورة. وهو كلام لا ينطلق من دراية بقواعد تفسير القرآن الكريم، كما أنه إقحام للدِّين في إطار إقليمي ضيق”.
وتابع “إن المجلس العلمي الفقهي يؤكد على ضرورة التمسك بالثوابت، وعدم الانجرار وراء التفسيرات الشخصية الغريبة التي لا تسعفها لغةٌ، ولا يقرُّها منطق أو برهان، والتي تخرق إجماع الأمة، ولا حاجة لمثل هذه التحريفات ولي أعناق الآيات”.
وختم “يذكِّرُ المجلس العلمي الفقهي بأن منهج التفسير بالأغراض الشخصية أدى إلى ظهور التطرف في تفسيره من جهة أخرى، لأن منهج المتطرفين والتكفيريين إنما يعتمد على تحريف تفسير آيات القرآن لتنسجم مع أهدافهم التكفيرية. لذلك وجب التنويه إلى مخاطر مثل هذه التفاسير المنحرفة ومآلاتها، ويعتبر المجلس العلمي الفقهي في وزارة الأوقاف تجمعاً لكبار علماء الدين، حيث يعتمد على مرجعية فكر علماء بلاد الشام بدلاً من الدول الأخرى، ويضم علماء من كافة المذاهب الإسلامية، و ممثلين من الطوائف المسيحية يسميهم البطاركة ويدعو إلى نبذ التعصب والطائفية.
بدر الدين حسون رقص اكثر مما تتطلبه الموسيقى، غير ان إزاحته لم تكن بسبب رقصته هذه فحسب، فالمؤسسة الدينية الإسلامية، كما حال المؤسسة الكنسية وسواهما من المؤسسات الدينية في سوريا، تتخبط في صراعات حادة، ليست صراعات فقهية ولا بحال من الاحوال، بقدر ماهي صراعات على المغانم والمكاسب ، قطبيها محمد عبد الستار السيد من جهة، وبدر الدين حسون من جهة اخرى، بما جعل “سورة التين”، “قلوب مليانة لارمانة”، وكان من ضحاياها بدر الدين حسون، راقص القصر المتعثر براقصين أعلى مهارة منه.
الحكاية في الرمان لافي التين.