انتقلت سوريا، وربما من سنوات تلت رحيل حافظ الأسد، من دولة محكومة باحتكار المركز للسلطة، إلى دولة محكومة بتقاسم السلطة عبر “العصابة” أو “الميليشيا”، وامتد الأمر أكثر ما بعد 2011 لتتحول البلد إلى بلد محكومة بـ “عصابات” و”وميليشيات” جزء منها يدار من قبل الإيرانيين، وآخر من قبل الروس، والكثير ستكون مرجعيته تركيا، أما ميليشيات النظام، فقد انقسمت على نفسها وتحديدًا الميليشيات التابعة لـ “آل الأسد”، وآخر تجليات انقساماتها ماشهدته مدينة “القرداحة” مسقط رأس الرئيس من مواجهات بين أبناء عمومة رئيس النظام، فاقتتل فرع عائلة سليمان هلال الأسد وأخوه محمد، مع أفراد ومسلحين موالين لعائلتي بديع وباسل غياث الأسد، مما أدى إلى مقتل أحد مسلحي هذه الميليشيات، وجرح عدد منهم، وتوقيف محمد وهروب أخيه إلى لبنان.
في الوقائع التي تناقلها الإعلام فقد أطلق ابن هلال الأسد تصريحات متحدية من لبنان مضمونها أنه من عائلة أبناؤها “رجال لا نخشى شيئا على الأرض”.
المعروف في مناطق الساحل السوري أن سلالة هلال الأسد اشتغلت وعلى مدى سنوات عمليات سطو واختطاف وترهيب في مدينة اللاذقية وجوارها، وكان زعيمها قد قتل عام 2014 وقيل حينها أن المتسبب كان شخصا لا يقل تجبرا عنه هو ابن عمّه، وابن عمّ رئيس النظام، فواز الأسد. كما سبق لسليمان هلال الأسد أن اشتهر في حادثة قتل عمدا ضابطا في جيش النظام، إثر خلاف تافه على المرور في أحد شوارع المدينة الساحلية عام 2015، وكان القتيل هو عقيد في سلاح الجو، حسان الشيخ.
آنذاك ، قام أفراد من آل الأسد، بينهم “نقيب المهندسين” في المدينة، عمار الأسد، وأبناء أخت رئيس النظام، بشرى الأسد، بزيارة عائلة القتيل، وفوق الجريمة جرى “استصراح” أهل القتيل فنشر قول منسوب لوالدة العقيد يوجه الحديث لبشار الأسد بالقول إن ابنها “فدى الرئيس والوطن”، فيما أشاعت زوجة القتيل “أن الرئيس وعدها بمحاسبة الفاعل!
واقع الحال أنه لم تتم محاسبة أحد، فقد عاد القاتل إلى الظهور باحتفالات وزغاريد وبنادق، واستمر كما ميليشياته وميليشيات أخرى من آل الأسد بالانتهاكات الفظيعة لحياة الناس قتلاً واختطافًا وفرض أتاوات وكلها على أيدي
أفراد من آل الأسد، احتكروا العنف في الساحل السوري كما برعوا في الاتجار بالمخدرات وتخصصوا في صناعة الكبتاغون وتصديره عبر ميناء اللاذقية، وامتدت نشاطاتهم إلى الجهات الأربع، واليوم تحوّل عنفهم بمواجهة بعضهم بعضًا، عصابة بمواجهة عصابة، فالتشققات والصراع على النفوذ دخلت عمق العائلة، ولم يعد للرئيس المنتمي للعائلة أية سطوة على أفراد عائلته بحيث خرجت الأمور من يده فبات “العصابة” الأضعف من بين عصابات عائلته، وهذا مايردده أهالي الساحل الذين كانوا يتوجهون بنداءاتهم إلى شخصه ليحميهم من عصابات عائلته فاننتقلوا اليوم إلى نداء يطلبون فيه حماية الرئيس من عائلته، وقد بات:
ـ الرئيس المحكوم بـ “الروس” في حميميم.
ـ وبالإيرانيين في دمشق وأريافها.
ـ وبآل الأسد وعصاباتهم المتناحرة في الساحل السوري.
ـ وبنساء القصر في قصره.
ولم يتبق من الرئاسة سوى:
ـ رجل يلقي نكاتًا على زائريه، ويمارس فلسفته في التفريق مابين “السيارة البيضاء” و “السيارة” الحمراء فتحوّل إلى “الرئيس النكتة”.
أقله هذا هو حاله في عائلته وأهله.