تعلم دول المجموعة الخليجية أن لبنان بلد مغتَصَب، وأن مغتصبيه اثنان:
ـ أوّلهما إيران، وهو مغتصِب ينكّل بالضحية متى توفرت له القدرة دون البحث عن سبب.
والثاني هم مجموعة لصوص لبنان، وجزء منهم كان ينهل من بئر الخليج مالاً ودعمًا وحضورًا بل واحتضانًا.
واليوم يصل لبنان إلى مصاف “الجثة” لو عثر على دفانين يدفنونه، مع الإبقاء ولو قليلاً على حفنة تراب فوق أرزه.
هاهو بلد ميخائيل نعيمة، والرحابنة، وفؤاد شهاب، يترك وحيدًا ليستفرد به السيف الإيراني، ويتحوّل فيه حزب الله إلى حزب منتعش، ليس ثمة فرصة مواتية له، تساوي فرصة عزل لبنان على هذا النحو الذي يقع به البلد، حتى يكاد يواجه واحدًا من مصيرين لاثالث لهما:
ـ إما الموت تحت سياط حزب الله ومتفجراته.
وإما الموت قبولاً بحزب الله وسواده.
وكليهما موت.
القبول موت، والرفض موت آخر يوم يغيب الداعم والراعي، ويترك اللبنانيون وحدهم في مواجهة السلاح، وهو سلاح يتدفق مصحوبًا ببركات حراس الله الإيرانيين الذين لن يعجزوا عن استثمار “داعش”، كما لن يعجزوا عن استثمار الكبتاغون وسواه من أسلحة تدمير شامل، ومن ورائهم بشار الأسد، وقد فتح لهم طريق الشام، من الشام الى بغداد ومن بغداد الى اليمن.
ثمة من لايعثر على سبب لمعاتبة المجموعة الخليجية، ودون شك فقد اكتوت دول المجموعة بالإرهاب، كما بطريق المخدرات، كما بلعبة حزب الله امتدادًا إلى اليمن، غير أن السؤال الذي يطرح:
ـ هل ثمة فراغ في الطبيعة؟
ومادام النفي هو الإجابة:
ـ هل ثمة فراغ في الجغرافية ومن يملأها بالسياسة؟
كذلك الجواب بالنفي، ومادام الجواب بالنفي فانسحاب المجموعة الخليجية من لبنان ليس سوى ترك البلد لفراغ لن يملأه سوى الإيراني بسلاحه وعقيدته وتسلطه وسلبطته، فيما الشارع اللبناني لابد أنه بانتظار يد ما تمتد اليه، ليشتغل على “كسر” يد حزب الله، او أقله إعاقتها.
مرة ثانية لافراغ في الجغرافية كما لافراغ في الطبيعة، وإذا كان لبنان بحاجة اليوم، فهو أشد حاجة مما كان عليه بالأمس، حاجة يمكن اختزالها بـ :
ـ يد ممدودة لـ “ثوار” لبنان.. سنة ومسيحيون ودروز وكذا من شباب “شيعة” كفّرهم حزب الله، ولم يستوعبهم خصومه.
ـ إسقاط فاسدي لبنان ولصوصه، وكانوا جسرًا لحزب الله وعكازته وقد اتكأ عليها حتى ولو كانوا من خصومه في السياسة.. الفساد دينهما معًا “حزب الله وكذا تيارات وأحزاب ناهبة معروفة بالعنوان والإسم”.
ترك لبنان من المجموعة الخليجية وتخليها عنه، يعني تقديمه هبة للضباع الإيرانيين.. ضباع يبحثون عن الفراغ لملئ الفراغ، وقد جاؤوا من فراغ التاريخ لإفراغ اللحظة الراهنة.