يوم يقول اللبنانيون: لانريد أوكسجينكم

“كورونا” حتمًا ليست من منتجات بشار الأسد، وربما سيكون هذا مدعاة لحزنه، غير أنها اجتاحت سوريا، كما لو تجاوزت مجمل معدلاتها في مدن العالم كله.. يكفي للتدليل على ذلك بأننا قمنا بثلاث اتصالات “عشوائية”، لتكون الاجابة عن إصابات في ثلاث عائلات اتصلنا بهم.

الحكاية ليست في انتشار الوباء، الحكاية في :

ـ الإنكار، الاحتيال، وفوق ذلك استثمار الكورونا في لعبة ربما تكون مفضوحة ومكشوفة ولا تستدعي الضحك، وتعبيراتها في إرسال وزارة الصحة السورية، دفعة من “الأوكسجين” إلى اللبنانيين، الذين سمعنا أصواتًا منهم تقول:

ـ لا نريد أوكسجينكم.. هواءكم لايناسبنا.

الذين قالوا ذلك من اللبنانيين، هم الذين عانوا وطأة تلّة عنجر، وزنازن عنجر، وارتكابات نظام سطى على لبنان حتى أحاله إلى لبنان:

ـ المهاجر، أو الفاسد.

ومازال الفساد ينخر لبنان، كما لو أنه إرث زرعته مافيا النظام السوري في بلد كان يمكن أن ينتمي إلى “المتوسط” ثقافة واقتصادًا وبرلماناً وبحراً.

وزارة الصحة السورية ترسل الأوكسجين إلى لبنان.. البديهي أن يتطلب الأمر شكر اللبنانيين على الخطوة السورية، غير أن الملدوغ من الحليب يخاف اللبن، واللبنانيون، باتوا مرعوبين من الاحتلال وقد خرج من الباب، ليعود من الشباك، وهكذا تعالت أصواتهم:

ـ لانريد أوكسجينكم.

كان السؤال الأهم، وقد مدّ النظام يد المعونة إلى لبنان، ماهو حال شعبه مع الجائحة؟

تقرير لايستهان به، لصحيفة نيويورك تايمز يقول بأن السوريين يعانون من ارتفاع كبير في حالات الإصابة بفيروس كورونا، في ظل نظام صحي معطل.

وتؤكد الصحيفة أن حالات الإصابة بفيروس كورونا في سوريا لا تحصى، وأنه لا يوجد جمع منظم ومستقل للبيانات، وأن البيانات الحكومية تميل إلى إخفاء الصعوبات التي تواجهها البلاد.

على سبيل المثال، أبلغت وزارة الصحة السورية عن ما مجموعه 8580 إصابة حتى 9 ديسمبر، بينما أحصى مجلس الأمن، بالاعتماد على التقارير الواردة من داخل البلاد، ما لا يقل عن 30 ألف إصابة في بداية الشهر. ويقول الكثيرون أن الأرقام الحقيقية من المحتمل أن تكون أكبر بكثير.

مجلس الأمن الدولي أفاد بأن الحالات تضاعفت أكثر من أربعة أضعاف في أكتوبر ونوفمبر مقارنة بالشهرين السابقين.

ميشيل هيسلر، وهي المديرة الطبية في منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان غير الربحية وأستاذة الطب الباطني والصحة العامة في جامعة ميشيغان: “ليس هناك شك في أن معدلات الإصابة بفيروس كوفيد -19 والوفيات في سوريا التي تعلن عنها الحكومة أقل من الحقيقية ولا يتم الإبلاغ عنها”  .

هسلر أضافت: “على مدى سنوات، هاجمت الحكومة السورية وحلفاؤها الروس العاملين الصحيين والمرافق الصحية كاستراتيجية حرب، مما أدى إلى تدهور النظام الصحي وعدم تجهيزه للاستجابة للوباء”.

وتوسعت الصحيفة في رسم خلفيات الصورة، فمنذ بداية النزاع في عام 2011، وثقت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان 595 اعتداء على المرافق الصحية في سوريا. وأرجع التنظيم نحو 90 بالمئة منهم إلى الحكومة السورية أو حلفائها الروس، كما سجل مقتل 923 طبيبا.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن النقص في العدد، إلى جانب الحالة الكارثية للمستشفيات في سوريا بعد عقد من الحرب والنقص الحاد في المهنيين الطبيين، يترك ملايين الأشخاص في خطر التعرض لعواقب وخيمة إذا أصيبوا بالعدوى. ويشكل أطباء الطوارئ 0.3 في المائة فقط من العاملين في المستشفيات العامة في البلاد.

كيرين بارنز، وهو مدير مؤسسة ميرسي كور في سوريا، ذكر في مارس الفائت أن: “تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي في المخيمات خيال، لكن إذا أردنا منع تفشي المرض على نطاق واسع، فإننا بحاجة إلى جعلها حقيقة واقعة”.

تقرير منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان أكد أن السوريين يضطرون لدفع رشاوي لدخول المستشفيات والحصول على الرعاية عند الإصابة بالفيروس.

وقال عامل إنساني في جنوب سوريا: “لا نعرف الحجم الحقيقي لعدد الإصابات. يجب أن يكون عدد القتلى بعشرات الآلاف، إن لم يكن أعلى. كل الأسرة ممتلئة”.

مرة ثانية نكرر:

“كورونا” ليست من ابتكارات بشار الأسد، غير أنها تحولت إلى استثمار بالغ الربحية للمافيا الحاكمة في سوريا.. استثمار في الاقتصاد عبر بوابات الفساد الواسعة.

واستثمار في السياسة كما لو كانت تبريرًا لكل الارتكابات التي يصنعها النظام، وزيادة في الاستثمار اللعب على خط “بيروت ـ دمشق”.

السوريون الذين تقتلهم المجاعة، لم يعودوا يلتفتون إلى كورونا، حتى بلغ اليأس فيهم أن طلب مريض من صيدلاني ما يلي:

ـ دكتور، أيهما الدواء الأكثر قدرة على إماتتي؟

حرفة الكذب، وحدها ما تبقى للنظام السوري.

بقية الحرف أغلقت بواباتها.

Exit mobile version