طالت الكارثة السوريّة، وكان آخر تداعياتها من أحكام الطبيعة بعد أن كانت من أيدي الإنسان، أما آخرها فكان الزلزال، فيما أوّلها كان قد امتد لـ 53 سنة من حكم عائلة واحدة منحت لنفسها الحق في إلغاء شعب له تاريخه في المدنية والجامعة والأفكار.
طالت الكارثة وكان جزء كبير من حكومات العالم قد وقف إلى جانب “ثورة” الناس، لتكون النتائج نقل الناس إلى واحد من ارتهانين:
ـ ارتهان للنظام، يقابله ارتهان لقوى وميليشيات أمر واقع تنازع النظام وتتشابه مع النظام إن لم تتخطه في الهمجية والبشاعة والعنف وسلب حق الحياة.
ومع المعادلة الجديدة باتت سوريا بمواجهة عصابتين خاطفتين، للاولى جسدها المرئي المعروف، المُسمّى، فيما العصابة الثانية عصابات موزعة على أجساد، لاوسيلة للحوار معها ولا مرجعية لها.
النتائج كانت معادلة صفرية، وجاء الزلزال ليستكمل في الكارثة، وكان النظام أكثر مقدرة على هذا الاستثمار.
تركيا كفّت يدها عن الملف السوري منشغلة بما لحق بها من دمار، ومجموعة الدول العربية التي كان لها دورها في الملف السوري، أدركت أنها بمواجهة خيار واحد لتفكيك هذا الصراع، والخيار الأوحد هو:
ـ الحوار مع أحد الخاطفين.
في هكذا حال كان الخاطف صاحب المرجعية هو النظام، فيما المعارضة معارضات، لايجمعها برنامج ولا قيادة ولاميثاق.
المملكة العربية السعودية اليوم تتجه للحوار مع بشار الأسد، وترتيبات زيارته إلى “مسقط” لم تكن دون علم المملكة وموافقتها، بل ورعايتها، أما الزيارة فهي زيارة “خاطف” لابد من اللجوء إليه ليفكّ أسر المختَطفين، ونعني بالمختَطَفين هنا، الشعب السوري في مناطق سيطرة النظام وفي مناطق الهجرة والنزوح.
المعارضات في جزء منها تحمل على المملكة، وتهجوها، وتتهمها بالتخلي عن السوريين، كما لو أن هذه المعارضات تمثل السوريين المختَطَفين، دون أن تكون من المُخَتطِفين.. كما لو أنها بجسد واحد ومرجعية واحدة يمكن الحوار معها، فيما واقع الحال يشير أن كل لعنات النظام لن تزيد عن اللعنات والكوارث التي تسببت بها هذه المعارضات للشعب السوري، وهي لن تقل لافساداً ولا عنفاً عن فساد وعنف النظام.
واليوم، ثمة اشتغال على حلحلة ما للمسألة السورية، والحلحلة إياها تأخذ اتجاه مؤتمر وطني سوري برعاية خليجية وبضوء أخضر أمريكي لمقاربة ما أنتجه “جنيف”.. المحاولات أمامها واحد من خيارين:
ـ إما أن تصل إلى النتائج المرجوة وتقود إلى حكومة وحدة وطنية سورية تضم النظام ومعارضات، وهذا سيزحزح الستاتيك الذي وصلته إليه المسألة السورية، وبالنتيجة سيترك شرخاً في حائط النظام، وهو أمر ليس بالقليل، مع أن ليس ثمة ما يشير إلى أن النظام سيقدّم أية تنازلات، فكل المؤشرات تشير إلى صلافته وإنكاره وغروره وهو ما يمكن قراءته من خطابه الإعلامي كما من ضحكات رئيسه الذي لاتفارقه الضحكات حتى في عزّ كارثة الزلزال.
وإما أن لايتغير من الأمر شيئاً، وهذا لن يزيد البحر ملوحة، ما يعني أن يكون دوام الحال.
تلك هي المسألة باختصار، والأيام لابد وتكشف التفاصيل، علّنا نقرأ ما يخبئه في التفاصيل الشيطان.