يوم يكون الصراع ما بين خصمين متشابهين، كل منهما على انفراد إن استفرد بك انتهكك، يعود الناس إلى حكمة “الحكاية”، أما الحكاية فجذورها في قريتين متخاصمتين من قرى غوطة دمشق، وفي تفاصيل الحكاية، أن مومستين كانتا تعبرا المنطقة الفاصلة مابين القريتين، فخرج في وجهيهما قطّاع طريق من القرية الاولى لاغتصابهما، وفي التوقيت نفسه خرج من القرية الثانية قطّاع طريق لهما الغاية نفسها فاشتبك قطاع الطريق من القرية الأولى مع قطاع الطريق من القرية الثانية.
المومس الصغيرة، الهاوية، المبتدئة بالحرفة أخذت تولول، فيما الثانية المحترفة، استرخت وقرفصت تتفرج بهدوء، وحينها سألتها الصغيرة عن سبب هدوئها فأجابتها:
ـ إيّ كان المنتصر بينهما فمصيرنا الاغتصاب.. ما الفرق؟
حكاية قطاع الطرق والمومستين يبدو صالحة للكثير من مشاهد التناحر مابين المتخاصمين، وواضح أن لبنان واحد من مفردات المشهد وحصرًا ما بعد فرز الأصوات ونتائج الانتخابات البرلمانية، فالصراع مابين فريقين:
ـ فريق فاسد، له تاريخ عريق بالسلاح.
ـ وفريق مسلّح له تاريخ عريق بالفساد.
وبالنتيجة أي كان الغالب، فلا ودائع الناس بالحسبان، ولا استعادة الأموال المنهوبة بالحسبان، ولا إعمار المرفأ بالحسبان، ولا لبنان كل لبنان بحساب أي من الفريقين، فالوطنية اللبنانية مؤجلة لحساب حسم الصراع في واحد من محورين:
ـ محور إيراني يشرب من ساقيته حزب الله.
ومحور أمريكي يشرب من ساقيته “الاستقلاليون”.
ومع صعود أيّ منهما، سيعود حذاء ابو القاسم الطنبوري إلى رأس اللبناني، هذا إن توقفت الأمور عند سلاح الحذاء، مع انها لن تتوقف فالآتي بالنسبة للبنانيين قد يذهب الى مابعد الانهيار، وما بعد الانهيار قد تكون الطامة الكبرى، فما هي الطامة الكبرى؟
الطامة االكبرى أن التعايش مستحيل مابين المتخاصمين، وبالتحديد اكثر فإن التعايش سيكون مستحيلا مع “حزب الله” وهو حزب “السبابة” التي تهدد وتتوعد اللبنانيين بـ “7 أيار جديد” كلما ارتفع صوت لبناني، وبالاغتيالات إن تمادى الصوت، وبالحرب الاهلية إن تحوّل الصوت المفرد نحو صوت المجاميع، وبلا شك سيكون سلاح “حزب الله” هو العنوان الابرز للمرحلة اللبنانية اللاحقة، وبناء عليه سيتحدد مصير لبنان كل لبنان، ولانظن أن موضوعًا كهذا يمكن حسمه في ندوة برلمانية، ما يعني أن المقايضة ستعود من جديد مابين “حزب الله” ومن يسمون بالقوى التغييرية، والمقايضة تحت عنوان:
ـ خذوا السلاح وهاتوا الفساد.
مع كل هذه التوقعات بالغة السواد، فرح اللبنانيون، بل معظم اللبنانيين بخسارة ازلام حزب الله من ماركة إيلي فرزلي، ووئام وهاب، وأسعد حردان، وطلال ارسلان، و “أرطة” المياومين في حفارة حزب الله، ولابد لهذا الفرح وتلك الشماتة من أسباب، ففي الكثير من الحالات يكون “الوكيل” أشد بشاعة من “الأصيل”، وووكلاء حزب الله أشد بشاعة منه، ولهذا فرح اللبنانيون.
ـ ادام الله الأفراح في ديارهم عامرة.