fbpx

سيارات بـ "الفرط"، والاستيراد بـ "الجملة".. سيارة "القصة" فساد النظام

شقّت تجارة السيارات الأوربية ومن في حُكمها من سيارة “القصّة” الكوريّة، طريقها في إدلب، ولاقت رواجاً كبيراً وإقبالاً، عقب سيطرة فصائل المعارضة على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وإتاحة الحكومة التركيّة لتجار سوريين استيراد السيارات الأوروبيّة المُستعملة عبر الموانئ التركيّة وإدخالها إلى مناطق المعارضة في الشمال السوريّ، وصولاً اليوم إلى ما يُعرف بـ “القصّات” الكوريّة، لكن بطريق مختلف عن تلك المستعملة ذات المنشأ الأوربيّ، التي أوقف الجانب التركي قبل فترة وجيزة استيرادها عبر أراضيه. البداية من السيارة الأوربيّة.. ازدهارها وانتشارها: شهدت السيارة الأوربيّة إقبالاً شديداً منذ ظهورها في إدلب ودخولها عبر المعابر الحدودية عبر الأراضي التركيّة، وأُنشئ على إثر ذلك أسواق تجارية ضخمة في المناطق الحدوديّة والقريبة من معبر باب الهوى، لعرض عشرات الأنواع من السيارات الأوربية المستعملة، أبرزها سوق سرمدا التجاريّ بالإضافة إلى مكاتب وأسواق صغيرة في أرياف إدلب المختلفة. وعن سبب ازدهار هذا النوع من التجارات، والرواج الذي حظيت به السيارة الأوربيّة في مناطق المعارضة، يوضّح “محمود أبو محمد” تاجر سيارات من ريف إدلب، في حديثه لـ”مينا”: “توفّرت السيارة الأوربيّة للمواطن بأسعار رخيصة جداً، تصل السيارة المُسجلة النظامية إلى ضعفي أو ثلاثة أضعاف سعر الأوربيّة، ما زاد الطلب عليها من قبل الأهالي، وكذلك أتاحت لأصحاب رؤوس الأموال المحدودة من مزاولة هذه التجارة والربح بها، وفقاً لما يشير “أبو محمد”، مضيفاً: “أنّ غياب النظام الجمركيّ وكذلك ضرائب حكوميّة حافظ على أسعارها المقبولة وساهم في انتشارها أكثر فأكثر”. “القَصّة” الكوريّة تغزو سوق السيارات في إدلب: ما زالت العديد من أنواع السيارات الأوربية المُستعملة، في متناول الأهالي في إدلب، إلا أنها اقتصرت على تلك القديمة التي دخلت قبل سنوات، وذلك بعد توقّف استرادها وانحسار تداولها على الاستعمال الشخصيّ، ومع دخول سيّارة “القصة” الكوريّة مؤخراً، تصدرت المشهد في تجارة السيارات، وباتت السلعة الأهم والأكثر مبيعاً في المعارض والمكاتب المخصصة لبيع السيارات، لشدة الطلب عليها وسرعة تصريفها، ويعود ذلك وفقاً لمحدّثنا لعدة أسباب، أبرزها توفرها بسعر أقل عن الأوربيّة والمُسجّلة (النظاميّة)، بالإضافة إلى توفر قطع التبديل لها بشكل كبير وواسع وبأسعار متهاودة، بالإضافة إلى تنوّع العلامات التجاريّة العالميّة وجودة استعمالها أبرزها “سنتافيه، كيّا، هوندا”. كيف تصل “القَصّة” الكوريّة إلى إدلب؟ تُعرض السيارات الكورية المنشأ، على شكل مزادات علنيّة في الدولة المصنّعة وتُباع بكميّات قبل أن تخضع لعمليّة القصّ (ومن هُنا جاءت التسمية)، حتى يتمكن التجار تمريرها عبر ميناء طرطوس والحواجز الخاضعة لسيطرة النظام السوريّ، حيث يعمد التجار المصدّرون إلى سوريّا، على قصّها لإدخالها كقطع تبديل لا سيارات كاملة باعتبار أنّ التجارة بالسيارات الكوريّة بهذا الشكل غير قانوني وممنوع في سوريّا، ووفقاً لـ”عبد الكريم” تاجر “القصّات” كوريّة، ويتابع حديثه لـ”مينا”: “يموّه التجار في حاملات السيّارات من خلال خلط قطع السيارات الرئيسية من طابّون، الهيكل الخارجي، مقدمة السيارة، الجزء الخلفي منها، بعدة حاملات حتى لا تظهر كسيّارات كاملة، ومن ثم تعبر الحواجز التابعة للنظام بنظام “الترفيق” الذي أوجده شبيحة النظام وميليشيات الدفاع الوطنيّ لنهب الأموال كأتاوات للسماح لها بعبور الحواجز، حيث تتراوح قيمة الأتاوى المدفوعة للحواجز عن كل حاملة بين الـ 13 ألف دولار إلى 18 ألف كقيمة إجماليّة حتى تصل إلى مناطق المعارضة وتدخل عبر معبري (مورك) بريف حماة، أو(العيس) بريف حلب، معتبراً أنّ هذه الأتاوات هي السبب الرئيس في ارتفاع أسعارها، ولولا هذه الأرقام الضخمة التي تدفع على الحواجز لأوجدت بأسعار مُناسبة أكثر للأهالي. أسعار “القصّة”: تخرج القصّة من بلد المنشأ بحسب “عبد الكريم” بسعر زهيد جداً لا يتجاوز الـ 600 دولار أمريكي حسب نوعيّة السيارة، مشيراً إلى أنّها سيارات قديمة في بلادهم ولم تعد مرغوبة للاستعمال لذلك تكون بهذه الأسعار، وبعد وصولها لميناء طرطوس وعبورها حواجز النظام وما يترتب عليها من أتاوات يقفز سعرها متجاوزاً الـ 4 آلاف دولار ويصل بعضها لـ 5 آلاف، أيضاً يعود الأمر لنوعيّتها وتاريخ تصنيعها (المُوديل)، بحيث تصل قطع السيارات بحاويات (حاملات) تحوي على قطع لـ 13 سيّارة كاملة، تبلغ قيمة الحاملة كاملة 48 ألف دولار إلى 60 ألف. “إسماعيل عُمر” صاحب معرض سيارات في ريف إدلب، قال: “بعد وصولها لنا إلى المعارض كقطع إما نتكفل نحن بتركيبها ونقبض سعرها كاملاً مقطوع، أو نسلمها للزبون كقطع وهو يركبها بمعرفته وعلى هواه”، وعن أسعار “القصّة” ومدى تناسبها مع الأهالي، أوضح “ماهر” صاحب إحدى السيارات، لـ “مينا”، مَن لديه قدرة على شراء سيارة، بالتأكيد سيرغب لشراء “القصّة” لسببين أساسيّين تناسب سعرها مع أسعار سوق السيارات ولن يجد سيارة تحمل هذه المواصفات بهكذا أسعار، كما أنّها جديدة وتُركب على يد صاحبها ما يشدّه أكثر لشرائها”. “القَصّة”.. تُنعش ورش التصليح والصيانة في إدلب: تبقى عمليّة تركيب قطع السيارة الكوريّة من جديد، مهمّة محليّة، حيث يتم تركيبها في ورش تصليح وصيانة السيارات المنتشرة في أسواق الصناعة، ونظراً لتداول سيارة القَصة بشكل واسع شهدت ورش التصليح والوكالات انتعاشاً كبيراً وحركة غير مسبوقة على العمل، مع تدفّق أعداد كبيرة من السيارات إلى المنطقة المحررة وكذلك تزايد الكثافة السكانية المستهلِكة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ حيث افتتحت العديد من الورش التي اختصت في تركيب سيارة القصة الأوربيّة، باعتبارها صارت مصدر رزق وفير لأصحاب الورش، حيث تبلغ تكلفة تركيب السيارة الواحدة إلى 1200 دولار أمريكي.

[smartslider3 slider=7]

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©. ''''''

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى