fbpx

فوضى مليشيات العراق تقوي داعش

يعيش العراق في فوضى المليشيات المسلحة المنشرة بكثافة بسبب التنوع العرقي والطائفي المكون أساساَ لهذا البلد العريق الذي تختلط فيه ثقافات آلاف السنين وتنتج في كل مرة شيئاً فريداً.

لكن فرادة العراق اليوم، لا تجلب له إلا الويلات، فالمليشيات الشيعية تسببت في الفساد المالي والإداري على أعلى مستويات الدولة، بينما تسببت المليشيات القومية وعلى رأسها الكردية في تقسيم البلد العريق، وأخيراً كانت عناصر داعش “تنظيم الدولة” السبب في دمار المخزن الثقافي التاريخي لأقدم أدبيات البشرية الموصل وما حولها ونينوى التي تعود إلى ما قبل نبي الله يونس.

تشير التقارير أن نشاط تنظيم الدولة الإسلامية والمعروفة اختصاراً “داعش” ما زال كبيراً في العراق، بالرغم من إعلان القضاء عليه نهائياً في آخر جيوبه في بلدة الباغوز السورية القريبة على الحدود العراقية في آذار 2018، وقال التنظيم أنه تمكن من شن 73 هجمة على الأراضي العراقية خلال أسبوع واحد، بينما بلغت هجماته على الأراضي السورية 43 هجمة أي ما يقارب من النصف، ما يطرح تساؤلات عدة حول السبب الذي يجعل هذا التنظيم الإرهابي قوي في العراق حيث المنافسة الملشاوية أكثر، منها في سوريا.

وفي اتصال هاتفي لمرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع المختص والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية “حسن هنية” رأى هنية أن التنظيم ينشط في العراق ويحتفظ بنقاط قوته في سورية، كما أن هناك نشاطات له في 11 منطقة يطلق عليها اسم ولاية.

وقال المختص في شؤون الجماعات الإسلامية: ” ولا يمكننا أن نغفل الفرعين الجديدين الصاعدين لتنظيم الدولة وهما؛ فرع غرب أفريقيا في شمال شرق نيجيريا مع البرناوي، وهناك فرع في خرسان أفغانستان، فالتنظيم لا يزال يعمل في 11 منطقة ولاية- مختلفة”

وأوضح هنية في كلامه أن التنظيم يخوض حرب استنزاف وصفها بأنها طويلة الأمد وذلك بعد خسارته لأراضيه العام الماضي وشرح الأمر : ” وظهر التنظيم في شريط البغدادي الأخير الذي حمل عنوان وقل اعملوا بأن لديه خطط واضحة في الهجوم والاستنزاف، فمنذ أن تحول التنظيم من السيطرة المكانية إلى حروب العصابات ولاستنزاف بدء يشن هجمات عديدة ومتفرقة لكنها صغيرة، وهذه هي خطة التنظيم استنزاف بعيد المدى والحفاظ على الهيكل التنظيمي بشكل أساسي ومن ثم العودة للهجمات الصغيرة في كل التكتيكات”.

ويرى “حسين هينة” أن التنظيم أصوله عراقية ما يعني أن مركز قوته في العراق، كما أن خبرته في التعامل مع الجغرافية العراقية والأحداث العراقية تعطيه قوة في التخطيط والتنفيذ يزيدها العناصر العراقيين من قيادات ومجندين، ما يعني أن عناصر القوة ومواردها متوفرة لدى التنظيم وبقوة في العراق حسبما يرى هنية الذي أوضح ذلك باتصال هاتفي معه.

ويرة هنية أن قوة التنظيم في العراق لا يعني ضعفه في بقية المناطق ” تنظيم الدولة له نشاط كبير في العراق وفي سوريا وفي بقية المناطق التي يسيطر عليها، والتفوق يكون في منطقة مرة وفي أخرة مرة ثانية”.

وقال هنية خبير الجماعات الإسلامية في حديثه مع مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: ” التنظيم مهما توسع في النهاية هو عراقي جوهر التنظيم وأساس التنظيم هو عراقي بدء في العراق والقيادة ما زالت بيد أبو بكر البغدادي، كما ان الهيكل التنظيمي يسيطر عليه العراقيين بشكل أساسي، هو مهما توسع في مناطق أخرى، وسيبقى محور النشاط عراقي حتى لو تمكنت فروعه الأخرى من تنفيذ عمليات”.

وتابع هنية حديثه قائلاً: “اعتقد أن التنظيم في العراق لديه خبرة، فسبب قوة عمليات التنظيم في العراق يرجع لسببين الأول أن التنظيم لديه خبرة طويلة في التعامل مع مناطق العراق، والثاني كون القيادات هي عراقية”.

وكان تنظيم الدولة قد تعرض لانتكاسة بين عامي 2006 و2009، لكنه تمكن من النهوض وإعادة تشكيل الهيكل التنظيمي له واستعاد زخمه، مكنه من ذلك الفساد الإدار والمالي المنتشر في رأس هرم السلطة العراقية، ليشمل كافة مناحي الخدمات والحياة الاجتماعية.

وتشير تقارير الأمم المتحدة بأن التنظيم يملك تمويل كبير يصل إلى أكثر من 2300 مليون دولار أمريكي، ما يعني أنه قادر على تمويل العناصر والعمليات وهنا يقول هنية في حديثه مع مرصد مينا :” إن التنظيم لديه القدرة التمويلية ، ولدية الكوادر وقادر على التجنيد المحلي، والأوضاع في العراق غير مستقرة، فأمور إعادة الاعمار، المحاصصة الطائفية، والفساد، هي كلها أسباب الموضوعية التي أدت إلى ظهور التنظيم في العراق ما زالت موجودة، لذلك هو موجود ويعمل في العراق وسيبقى يعمل في العراق نتيجة لكل العوامل من خبرة وتمويل وقياداته العراقية”.

ويرى الباحث السياسي “إياد العناز” أن تنظيم الدولة يتبع استراتيجية انتقائية في الهجمات التي يشنها :” أن الاستراتيجية التي تعتمدها العناصر الإرهابية في داعش الآن هي القيام بعمليات انتقائية واستهداف بعض الارتكازات الأمنية والقبائل المتعاونة مع الأمن، مع ابتعادهم عن المدن وعدم الاحتفاظ بالأرض، فهذه العناصر تبحث عن كهوف وأماكن اختفاء”.

فما زالت المدن المحررة من قبضة تنظيم الدولة “داعش” تعاني إهمالاً من قبل الحكومة العراقية، مثل محافظة نينوى التي جاءت في المرتبة 33 من أصل 44 محافظة عراقية من حيث تسديد رواتب الموظفين، ما يعني أن الإهمال مستمر في المحافظة التاريخية التي كانت حاضنة لعناصر التنظيم لسنوات.

كما أن محافظة الموصل تعاني من قضم شيعي مستمر ومتسع للمتلكات السنية، الأمر الذي يثير قلاقل طائفية وشعور بالخذلان من قبل الحكومة العراقية التي تساند التمدد الشيعي.

فالأوضاع الأمنية والاقتصادية التي تقودها الحكومة العراقية تنتج بيئة خصبة لنشوء ونمر ودعم الفكر المتطرف، الذي يتبناه تنظيم الدولة “داعش”.

مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى